[x] اغلاق
السلام في ضيافة الشفاعمري الأصيل الكاتب والمربي ناجي فرح
30/4/2010 10:15

زياد شليوط وتهامة نجار
منذ أن وصل الأستاذ ناجي فرح (أبو خالد) أرض الوطن وبلده شفاعمرو بالذات، بعد غياب 31 عاما وهو مشغول باستقبال أصدقائه ومعارفه وجيرانه وزملائه وأبناء بلده ووطنه ليلا نهارا، يكاد لا يجلس لوحده أو مع زوجته وأقربائه للحظات، وبين تلك الزيارات والجلسات كان لطاقم "السلام" حديث خاطف مع المربي والكاتب والقائد الشفاعمري الوطني ناجي فرح، اتفقنا ألا ينتهي وأن يكون لقاء مفتوحا ومتواصلا عبر صفحات الجريدة، كما يمكن متابعته مصورا على موقع "السلام نت"، ومن هنا فاننا نتوجه لجميع القراء والأهل ممن يرغبون بتوجيه سؤال لضيفنا الدائم، أن يرسله لهيئة التحرير كي تنقله له ليرد عليه في الأعداد القادمة.
في لقائنا مع الأستاذ ناجي كان صريحا الى حدود عدم المس بالأشخاص والى حد عدم الخوض في الخصوصيات، ما زال أبو خالد يذكر كل شاردة وواردة من تاريخ البلدة وأحداثها خاصة التي عاصرها، وساهم في صنع بعضها الى جانب أصدقائه وزملائه، وكان من الطبيعي أن نسأل المشغوف بحب الوطن، عن أولى أفكاره ومشاعره لدى وصوله أرض الوطن، فقال: " عندما وصلت المطار لم تعد الأفكار تقودني بل العواطف والدموع، وهذه لخصت مشاعري للساعات الأولى لي في الوطن، بل رافقتني لعدة أيام، لم أستطع التخلص من المشاعر الجياشة، وبقيت أشعر بأني لا أقف على الأرض بل أحلق مع جميع المحبين الذين غمروني بمحبتهم وعاطفتهم، وأنا اليوم أحاول أن أستوعب ما يجري حولي وأن أستعيد ذكرياتي، تلك الذكريات الحميمة لبلد عشت فيه وما زلت أعيشه."
السلام: لماذا تركت الوطن والبلد، في وقت كانا بحاجة اليك؟
ناجي: سؤال مشروع لكن الجواب عنه صعب، يمكن كشف بعض جوانبه ولا يمكن كشف جوانب أخرى. من عوامل خروجي من الوطن أسباب عائلية، ومنها ظلم ذوي القربى وأهمها التهديدات السرية التي كانت تصلني حينها التي لن أكشفها حاليا، كل تلك العوامل تضافرت ودفعتني للهجرة، أضف الى ذلك أنه في تلك الفترة الحرجة من عام 1978 وفي شهر تشرين أول وصلني رد ايجابي من سلطة الهجرة فحملت أمتعتي وخرجت، وأصارحكم القول وربما اعلنها للمرة الأولى أنه لو استطعت اجتياز شهرين من تلك المرحلة لما كنت غادرت البلاد. لكن حصل ما حصل، وان سألتني هل أنا نادم، أقول نعم بأني نادم لخروجي من البلاد.
ونسأل أبا خالد هل كان خروجه على خلفية خلافه مع الجبهة التي كان أحد قادتها في حينه، فينفي ذلك ويضيف " لم أخرج بشكل سري وعن خلاف مع الجبهة. أما اذا قصدت النقاش والمشاحنات فهي دائما كانت موجودة وهذا أمر طبيعي في تنظيم يعتبر نفسه ديمقراطيا. ومنذ أن كنت في الحزب وأنا ألتقي بتوفيق طوبي، وبعدها مع قيادات أخرى في الجبهة، كان للجبهة دور فعال، لكن شعرت أنه آن الأوان لأنهي نشاطي في صفوفها."
لكن خروجك من البلاد، نقول لأبي خالد ترك احباطا في أوساط الشباب في ذلك الحين، فيقول ويعلق أبو خالد بتواضعه وصدقه " اني أشعر بالأسف فعلا اذا كان ما سببته للشباب في حينه هو الاحباط. دوري كان محصورا وتمحور على الصعيد المحلي. لكن ما يعزيني أني لم أبتعد عن نشاطي السياسي في كندا وعما يريده الشباب، خرجت من البلاد صحيح، غيرت موقعي لكني لم أغير موقفي."
ومع أن هناك تشابها بين ظروف خروج ناجي فرح وخروج الدكتور عزمي بشارة من البلاد، إلا أن أبا خالد رفض التعقيب على قضية بشارة خشية تفسير أقواله بشكل مغاير، وكذلك فضل أن يقوم د. بشارة بتفسير موقفه. لكن فيما يتعلق بخروج الأستاذ ناجي يقول بصراحة كبيرة "نعم أنا أعتبر  نفسي بأني هربت من البلاد، وكانت لي مبرراتي التي لن أكشفها. خروجي من البلد أثر في نفسي ولم أقتنع به يوما." فنسأل الأستاذ ناجي اذا كان بالامكان اصلاح هذا الخطأ التاريخي، فيرد بكل أسى " من الناحية العملية صعب. لا يمكنني أن أمر وزوجتي بالتجربة ثانية أن ننتقل في هذا السن من عالم الى عالم آخر، فلدي أحفاد لا يمكنني تركهم خاصة أنه لا يمكنهم الحضور الى البلاد، وأنا أتمسك بالحياة من خلالهم، وليس لدي الاستعداد لانفصال عائلي جديد، وما يعزيني أني أقوم بدوري ونشاطي السياسي والاجتماعي هناك."
ونعود الى ما تركته الزيارة الأولى بعد هذه الفترة الطويلة فيقول الأستاذ ناجي بأن الأيام الثلاثة الأولى جعلته وكرد فعل أولي للحميمية التي استقبل بها هو التفكير في اصدار كتاب جديد من وحي هذه الزيارة الغنية بالمعاني واللقاءات والذكريات التي يرى فيها "حملا عاطفيا على أكتافه"، ويتساءل أبو خالد هل يستحق كل هذه الحميمية من أهل بلده بعد خروجه؟
كذلك يستعد الكاتب ناجي فرح لاصدار الجزء الثاني من كتابه "ذكريات مهاجرة" الذي لا يعتبره سيرة ذاتية أو مذكرات بل ذكريات تهدف الحفاظ على الذاكرة الجماعية لما مر به شعبنا، وكذلك الذكريات الشخصية حيث سيتناول الجزء الثاني مرحلة ما بعد عام 1948.
ونعود لنسأل ضيفنا العزيز عن رأيه بالتعدد الحزبي الذي وجده لدى عودته، حيث كان هناك إطار سياسي واحد بين الجماهير العربية لدى خروجه من البلاد، فيقول أبو خالد " التعددية الحزبية شيء صحي جدا، بشرط ألا تكون العلاقات عدائية وصدامية، طالما أن الهدف واحد، فالجماهير العربية تواجه نفس المشاكل والتحديات."
وهنا ينقطع اللقاء للأسباب التي ذكرناها في البداية، لكن سيكون لهذا اللقاء تتمة.. فانتظروه.