[x] اغلاق
احمل كاميرا تصبح صحفيا
8/9/2010 11:31

تهامة نجار

هل ابتليت يوما بهجوم اسراب من النمل على بيتك، وكم دامت لحظات الازعاج حتى استطعت ان تخلد لراحتك بعد التخلص من هذا الغزو الزاحف؟ هكذا اصبحت حياتنا نحن الصحافيين المهنيين، حيث نواجه يوميا تقريبا هجوم "جيوش"من حاملي الكاميرات من عشرات مواقع النت الملعون، يتدحرجون بين اقدام الناس مخترقين احيانا عروة قمصانهم مستميتين على التقاط الصور في كل مناسبة، اي مناسبة مستعرضين كاميراتهم في حركات غريبة من مهزلة داخل الحلبة،  ضمن سيرك من التصوير يلفت انتباه الناس، اكثر من التفاتهم للحدث مستغيثين بالمنظمين مربكين ومندهشين من هذا الاهتمام الاعلامي "الخطير"، لحدث يبدو للوهلة الاولى هامشيا حتى يتبين امر هؤلاء ...انهم "عماد" المستقبل في الصحافة العربية المحلية، وذنبهم انهم اشتروا كاميرا ويعانون من فراغ كبير في حياتهم اليومية، وقد تم تسخيرهم من قبل موقع معين لتوفير اخبار بلدهم، والاهم الصور، واكبر عدد من الصور! وليس المهم فحوى ومغزى الحدث، انما همهم الوحيد ختم "حالة الحضور" في برهان قاطع من عشرات الصور التي بامكانها سرد قصة الحدث، حيث يفتقد الشاب منهم الى ادنى اسس الصحافة والاعلام، واسس كتابة الخبر او التقرير المزمع تسليمه للموقع. والمخجل في الامر حين يتوجه صاحب الدعوة لهذا الحدث "للصحافيين" بفتح مجال توجيه اسئلة، تخالهم يختبئون الواحد في عباءة الاخر، مشدوهين فاغري الأفواه "ومبحلقين" ببعضهم، حيث ان عنصر المفاجأة والمباغتة حاد وقاس، فينشدون الرحمة في داخلهم والاعلان عن انتهاء الحدث، ليتنفسوا الصعداء وينصرفوا لعرض "انجازهم" امام مشغليهم بالكثير من الصور، حيث ان اصحاب المواقع المحترمة قد تنازلوا مسبقا امام هؤلاء عن ضرورة المهنية والخبرة في عمل الصحافة، اذ ان هذا لا يشكل اليوم شرطا لانضمامك للعمل، حتى في اضخم وأهم المواقع، والمهم ان تسرد بلسانك عبر النقال لمحرر الموقع عن الحدث، وهو يبلوره بمفهومه الخاص واسلوبه السلس، في تحريف العديد من الحقائق في هذا الحدث من اجل الاثارة وشد القارئ، وهكذا يتقوقع صاحبنا حامل الكاميرا في مصيبته التي تداهمه في غفلة، حين ينخرط في الحياة العامة باحثا عن مستقبل واعد، خجولا خائب الامل، لانه اضاع اجمل لحظات الشباب دون رجاء "تيتي تيتي مثل ما رحت مثل ما جيتي"، لا صحافة موضوعية ولا خبرة مستفيضة لا يرقى حتى لمستوى مصوري الاعراس والمناسبات نفعا.
لم تكن الصحافة يوما بهذا الانحطاط من عدم احترام المهنة والعمل، فقد دأب مبدعونا الاوائل تأمين مصور للصحفي المنتدب لتغطية الحدث، وليس مصورا صحفيا مسكينا همه الظهور وتعبئة فراغ حياته الممل. رد الفعل جاء خطيرا من قبل بعض المؤسسات الرسمية على هذه الظاهرة العجيبة ولم يتأخر طويلا، حيث انتدبت لها  كل مؤسسة مصورا ضليعا بالنت، يحضر مناسباتها ويوثقها خبرا وصورا "ويطيرها"عبر اثير الميل الى جميع المواقع المعنية. طالما أن التقارير تتشابه والصور في جميع المواقع/ مما يشكل خيبة امل كبيرة للمتصفح الذي ينفر ثائرا من هذه "المهازل ..المواقع"، مما يشكل صفعة كبيرة للصحافة والصحفيين.
وعلى الصحافة ... السلام.