[x] اغلاق
أين في الناس شعب مثل شعبي
23/9/2010 15:06

الآن وبعد أن انقشعت سحب التحريض السلطوية السوداء عن وجه الحقيقة, وبعد أن انبحّت حتى انخرست أصوات النشاز المخابراتية, لم يعد ممكنا لأي متشكك تجاهل دوافع اعتقالنا أنا ورفيقي المناضل أمير مخول, باعتباره اعتقالا إرهابيا سياسيا بامتياز.

لقد أرادت السلطة واذرعها المخابراتية  من وراء ذلك الإمعان في خطة الإقصاء ونزع الشرعية عن جماهيرنا الفلسطينية في الداخل, وذلك لشرعنة سياسة الابرتهايد العنصرية التي تمارس بمنهجية ضدنا, حيث يقبع في صميمها ثابت سياسي أيديولوجي يعتبرنا,نحن أهل البلاد الأصليين, عدوا يشكل تهديدا وجوديا على الدولة العبرية, ينبغي لهم تدجينه وسحق وعيه الوطني بكل الوسائل الغاشمة والملفقة.

كعادته, دائما يخطئ الجلاد في تقدير منعة ضحاياه وصلابة شوكتهم خاصة وانه يندفع في قمعه من غرور القوة والقهر ووهم التفوق, معتقدا أن حفلات التهويل والتنكيل والزعرنة يمكن لها إذلال كرامتنا الوطنية وسوقنا إلى حظيرة الخنوع والعدمية القومية... تماما كما اعتقدوا ذلك بعد نكبة شعبنا وخاصة إبان الحكم العسكري المقيت.

لم يقدر هؤلاء أن هذا الشعب الصابر والمنزرع في أرضه, وعبر نضاله الواعي والمتنامي قد أصبح عصيا على الاقتلاع والإرهاب والتخويف, وانه لا يترك أبناءه المخلصين لقمة سائغة لعبث المتطاولين وتنكيل العنصريين, حيث فاجأهم بوقفته الحازمة التي ارتقت إلى أرفع مستوى من التبلور والوحدة والتضامن خلال محنة الاعتقال, مما أثار فزعهم لدرجة لم يترددوا في التعبير عن قلقهم من هذه "الظاهرة الغريبة", كما صرّحوا لنا بذلك كلما واجهتهم جماهيرنا الغضبى الموّحدة في كافة ميادين الاحتجاج والرفض.

فاجأهم كيف يدير العرب نضالهم موحدين تحت سقف لجنة المتابعة العليا وكيف يتحدّثون بصوت واحد ومن خلفهم جماهير واسعة وملتزمة ومتحفزة. فهذا تطور غير متوقع في حساباتهم لما ينطوي عليه من دلالات فارقة في مستوى الالتفاف حول خطاب سياسي وطني جمعي. لهذا لن يكون مستغربا أن تستهدف لجنة المتابعة قريبا باعتبارها "شكلا خطيرا" لتنظيم الأقلية الفلسطينية في الداخل يتعين حظرها واعتقال قادتها, وما المؤامرة التي حيكت ضد المفكر القومي عزمي بشارة وسجن الشيخ المناضل رائد صلاح وملاحقة قادة آخرين قضائيا سوى بداية التنفيذ.

فاجأهم كيف تجندت كافة مؤسساتنا الإعلامية المكتوبة والمسموعة (ممثلة أساسا بإذاعة الشمس)  والمرئية والالكترونية بقوة وثبات في مواجهة مسلسل التنكيل المتنامي ضد جماهيرنا, وكيف توحدت أحزابنا وحركاتنا الوطنية والإسلامية وفعالياتنا الشعبية والأطر الطلابية والجمعيات الأهلية... في فضح تلك السياسة الخبيثة. 

أهلنا الأحباء

لا شك أن هذا السلوك الوطني الأخلاقي المسئول كان بمثابة الرئة النظيفة التي أمدتنا بأسباب الصمود, وأجرت فينا نسمات الاعتزاز والكبرياء, وجعلتنا نشعر أن كل تضحية, مهما عظمت, تهون وتصغر أمام قاماتكم المتعالية وبأسكم المتسامي وإخلاصكم الواعي. فشكرا لكم أفرادا وجماعات وجمعيات وأحزاب وحركات ومؤسسات وفعاليات, وشكرا لأهل بلدي عموما وبارك الله همتكم الشريفة, ولن أنسى بامتناني هذا جمعية "عدالة" ممثلة بالمحاميين اللامعين حسن جبارين وأورنا كوهن ومحامي الدفاع الرئيسي في قضيتنا السيد حسين أبو حسين, وليكن سعينا المباشر استعادة أمير مخول إلى حضن شعبه الدافئ من براثن الظلم والتلفيق, ودعم قضية أسرانا الذين ينتظرون منا المزيد من الاهتمام والرعاية ولنجعل من معاناتهم وعذاباتهم محركا لنجدتهم وعنوانا رئيسيا من عناوين نشاطنا الوطني.