[x] اغلاق
• ما منعرف قيمة الإشيا الا بعد ما تغيب
1/10/2010 7:15

لا نعرف قيمة الحب الا عندما تسود الكراهية والعداء ولا نقدر قيمة الحنان الا عندما تنعدم الرحمة  وتنخر القسوة  جوهر حياتنا.
 اصبحنا نعيش في مجتمع يسوده حكم الغاب لا قيم انسانية ولا نعم تربوية، نغذي احقادنا من خلال العداء للاخرين مستميتين بالحط من مراكزهم وقدراتهم والمس بسمعتهم في محاولة سادية "لترويض" بركان الحسد والغيرة والانانية الدفينة في نفوسنا المريضة لمجرد ان الفشل يطغى على حياتنا وتبتسم الشهرة مبشرة بالمجد للاخرين.
يفقد الانسان يوميا حاجات وامور قيمة جدا في حياته ومن خلال عدم قدرته على استدردادها يتعلم الكثير ويثقف نفسه ويزداد علما ومعرفة يوميا، عندما يشعر بقيمة الخسارة التي لا تعوض واهم ما يخسره الانسان هو الايام والسنين التي تنطلق بجنون عابثة بمصيرنا وغير آبهة بمشاعر الناس، تطوي صفحات حياتهم وتنذرهم باقتراب ساعة الحساب علهم يقنعون فيتواضعون ويراجعون  حساباتهم من خلال تغيير جذري في جوهر حياتهم وتوجهاتهم، ولكن هيهات حيث "ما بتملي عين بني ادم الا حفنة تراب" ....الفناء.... اعظم حكمة لرب السماوات والارض لخوض "تجربة جديدة" مع الانسان من خلال محاولاته اليائسة لتغيير نمط حياة وسلوك البشر .
ان تجربة الاسابيع الاخيرة حركت الكثير من المشاعر والاحاسيس الدفينة داخلنا، فغصنا جميعا يوحدنا الالم والحسرة  في بحر دماء ثلاثة من خيرة ابناء مجتمعنا غرقوا في بحر دمائهم في لحظة طائشة وهم في نشوة احلامهم نحو مستقبل مشرف لهم ولاولادهم، مسيطرا علينا شعور المصير المماثل لاننا جميعا بشر ومصيرنا واحد فسلبتنا لحظات من الهيمان في الحد من اندفاعنا بطيش في تصرفاتنا مع الاخرين علنا نعيد حسابات حياتنا، ولم نكد نصحو من الهيمان حتى جلجل صوت الالم مكررا لعبة المصير المحتم من خلال موت مفاجئ لشاب في مقتبل العمر، كريم الاخلاق عزيز النفس مبتهجا، راضيا وقانعا بقسمته في الحياة، هز فقدانه  مشاعر الناس ووحدهم مجددا تحت راية الالم، حيث فرقتهم هموم الحياة والشعارات الفارغة من انتماءات طائفية وعائلية، مبشرة بهلاك المجتمع وانهيار البنيان الراسخ على اسس متينة شيدها اجدادنا بقطرات عرقهم النفيسة التي لا تقدر بثمن.
اننا لا نعرف قيمة الاشياء الا بعد ما تغيب حيث اننا لا نعلم قيمة الحياة الا عندما يفاجئنا  الموت، ونجهل سر الكون وانتمائنا الاساسي للانسانية فقط عندما توحدنا المشاعر الانسانية النبيلة، من خلال الالم والحزن واليأس والاحباط والمصير المشترك. اننا نعمل يوميا على تشويه هدف الانبياء النبيل فينا، ونحاول من خلال استغلالنا لانتمائاتنا الدينية ان نشوه صورة الاخرين باستغلال ضعاف النفوس وشحنهم بافكارنا المتطرفة، علنا نحقق مكاسب شخصية على حسابهم حتى لو ادى الامر لحرق مجتمع باكمله، اذ ان البعض قد "يولع حارة من اجل اشعال سيجارة" لذا رب صحوة متأخرة خير من سبات عميق، ورب الم عصيب ينجز صحوة مباركة توحدنا تحت راية الانسانية، وتزيل عنا غبار السنين  ويحل السلام مكان الحرب، وتسيطر المحبة مكان العداء والكراهية وننطلق جميعا موحدين نحو مصير مشترك نحو ربوع الحياة الكريمة والعيش المشترك. وان ندرك قيمة الاشياء حتى قبل ما تغيب.