[x] اغلاق
الويل لمجتمع أصبح القتل ديدنه
7/10/2010 10:25

اعتاد الناس حل مشاكلهم بالطرق التي انتهجها اسلافهم. وغالبا ما اتت هذه الحلول متناسقة ومنسجمة مع ثقافاتهم واخلاقياتهم وتعاليم دينهم وهكذا دام وجودهم وحفظ كيانهم وامتدت حضاراتهم وثقافتهم وانتقلت الى الاجيال المتعاقبة كموروث ثقافي وتربوي لهؤلاء الناس ولكن ما أن ترك الناس نهج اسلافهم وانتهجوا نهجا مغايرا له حتى غابوا عن ذواتهم واصبحوا غرباء عن انفسهم لا يربطهم بماضي اسلافهم الا بعض المعالم الشكلية فقط.

ان الناظر الى تعامل الكثيرين من أفراد مجتمعنا العربي في اسرائيل مع مشاكلهم داخل مجتمعنا وبين أبناء جلدتنا عندما اتخذوا من القتل سبيلا لحل هذه المشاكل ليدل دلالة واضحة على مدى بعدنا كمجتمع عن تراث وثقافة اسلافنا كعرب وعن مدى بعدنا عن ديننا كمسلمين وعن مدى بعدنا عن الوعي كاقلية مهضومة الحقوق والشاهد على ذلك سقوط سبعة ضحايا عرب برصاص عربي في بحر عشرة أيام تقريبا.

يتجلى بعدنا عن تراث وثقافة اسلافنا في التسرع والاستهانة بقتل النفس لاتفه الاسباب مثل القتل انتصارا للكرامة كما يبرر الكثير من الشباب اعمالهم لكن في الحقيقة لا تورث هذه الاعمال صاحبها مزيدا من الكرامة بل بالعكس تماما فالعربي الاصيل صاحب الكرامة يأنف ان يقتل غيلة حتى قاتل ابيه دون ان ينذرة ويحذرة كما أنه لا يسمح لنفسه بقتل من كان خاليا من السلاح ناهيك عن ترفعه عن قتل النساء والاطفال.

بينما يتجلى بعدنا عن ديننا الحنيف من خلال قتل النفس بغير حق أو بغير جرم يستحق القتل.  فهل تحقق من يرتكب هذه الجرائم من أن ضحيته تستحق القتل بناء على ما نص عليه الشرع والدين وهل فكر في ما ينتظرة من عذاب يوم القيامة وكيف لا وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه " والله انه لا هون علي ان اهدم الكعبة حجرا حجرا من أن أقتل مسلما" والكل يعرف حرمة الكعبة المشرفة.

اما بالنسبة لانعدام الوعي فوقوعنا الفادح في شراك ما تدبره لنا السلطات يفضح هذا الوعي ويجعل انعدامه واضحا وضوح الشمس في وضح النهار فالاقلية العربية في اسرائيل لا تصنع السلاح ولا تستورده ناهيك عن أن حيازته محذورة قانونا في حين يقتصر وجوده بين يدي اذرع السلطة المختلفة كالجيش والشرطة واجهزة الامن المختلفة تلك الاجهزة التي تسهر على أمن الدولة ليل نهار فلا تكاد تفوتها في هذا المجال لا شاردة ولا واردة الا والمت بها فكيف تصل هذه الوفرة من السلاح الى ايدي شباب الاقلية العربية في البلاد في ظل حرص أجهزة الأمن على الأمن من هنا لا يخفى على عاقل ان هذه الاجهزة هي التي تسرب السلاح سواء كان ذلك عمدا أو غير ذلك أو أنه يسرب بعلم منها ليصل الى شباب مجتمعنا ما دام استعماله موجه الى صدور بعضهم البعض وهكذا يتم صدهم عن التفكير في هموهم اليومية وصرف نظرهم عن الاجحاف وهضم الحقوق الذي توقعه هذه السلطات على الاقلية العربية وبالتالي تتمكن من سحق هذه الاقلية بسهولة فحال التعليم والسكن والاوضاع الاجتماعية لا تخفى على أحد.

أن الحفاظ على الكرامة التي يبحث عنها البعض من خلال أعمال القتل لن تتحقق ابدا بل ان تحقيقها يكمن في الاقلاع عن هذه الظاهرة ووعي ما يحاك لنا كمجتمع ونتسامح ونعفو عن بعضنا البعض حتى لو كنا اصحاب حق ونتكاتف من أجل الحصول على حقوقنا كمواطنين في الدولة والتشبث بهويتنا العربية.
أن الفوضى التي يعيشها مجتمعنا العربي في هذه الايام مردها الى انعدام وجود قادة على المستوى العائلي بالمعنى الحقيقي فلربما يذكر بعضنا كيف كان حال مجتمعنا عندما كان لمثل هذه القيادات مكانة واحترام كان أحسن منه اليوم بملايين المرات. حيث كان الواحد منا يحترم أخيه وجاره وابن بلده ويرعي حقوق الغير كرما لا خوفا.

اذا اردنا الرجوع الى ما كان عليه اسلافنا من كرامة واخلاق حسنة علينا الشروع فورا في تشكيل مرجعية تتكون من علماء في الشريعة وخبراء في القضاء العشائري واشخاص من اهل الخبرة والتجربة من كبار السن تكون مهمتها حل المشاكل بالطرق التي ارتضاها اجدده وابائه لانفسهم فأفراد هذا المجتمع ليس باحسن منهم ولن يبلغوا مبلغهم في الأدب والاخلاق وان كان البعض يظن ذلك غرورا وأن لم يعي هذا المجتمع حجم وجسامة ما هو فيه من بعد عن تراث اجداده وعن دينه وعن وعية بما يحاك له، ويقلع عن ظاهرة العنف والقتل سيكون حقا الويل لمجتمع اصبح القتل ديدنه.