[x] اغلاق
رأي: لبنان متّهم بتصدير العري، فعن أي عري يتحدّثون؟
5/11/2010 12:44

لا شك ان لبنان يشهد مؤخراً أسوأ مرحلة على الاطلاق لناحية سمعة و"صيت" شبابه وشاباته وللاسف ترويج الاخبار الكاذبة والتمادي في تشويه صورة هؤلاء وتشويه الحقائق مهّد لعملية التعميم ووضع هؤلاء الشباب في خانة واحدة وفي قفص اتهام واحد حيث عمّم المتّهِمون حكمهم على جميع شبابنا بدون استثناء ، في حين يوجد استثناء في كل بلد كما يوجد شباب متمردون على قاعدة "الاصول" و"الصّح" و "الصواب" أيضاً في كل بلد . هؤلاء جميعاً يعدّون "استثناءاً" ولا يمثّلون او يختصرون بلد الابداع والكرامة والشهامة "لبنان" .

"تصدير العري" الى كل العالم ، تهمة جديدة لشبابنا يروّج لها مؤخراً بشكل مبالغ فيه. وان كنت في بداية قراءتي لهذه التعليقات على احد المواقع العربيّة شعرت بالخجل والأسف ، الا انني حين أعدت القراءة وتمعّنت في ما كتب ومن الذي كتب، تحوّل شعوري الى غضب واستياء عارمين، فأسوأ شيء قد يحصل مع اي كان هو الظلم والافتراء واللبناني للأسف يدفع دائماً "الفاتورة" مهما كانت باهظة، ربما لأنه "بيحمل" ولان صدره رحباً وشرحاً ولانه "ليس معقداً" و "بياخد الناس ع قد عقلاتن" ولكن حين تتخطى الامور حدودها المسموحة وخطوطها الزرقاء والحمراء والخضراء فلا بدّ من تصويب الامور ورفع الصوت والاعتراض والصراخ ايضاً ان دعت الحاجة.

الامر يتكّرر ، والاتهامات نفسها تتكّرر ، ووقاحة مروّجيها زادت عن حدّها بكثير وربما تصويب الامور اصبح ضرورة . نريد ان نفهم ، ماذا يقصدون بتصدير العري من لبنان؟

أولاً ان كانوا يقصدون ان شاباتنا محرّرات يرتدين ثياباً يعتبرونها هم فاضحة ، وان المجتمع اللبناني محّرر يسمح بهذا النوع من التجاوزات ، فهم مخطئون. لأن لبنان منقسم الى عدّة مجتمعات والتعميم في موضوع "العري" لا يجوز طالما هناك مجتمعات محافظة جداً، وما يعتبرونه هم "عري" ، تعتبره بعض المجتمعات اللبنانية المنفتحة على الغرب "عادي" ، فالعري لا يكون في الثياب التي "على الموضة" ولا في التبرج ولا في الحلي، بل هو في تقصّد اظهار مفاتن الجسد بشكل فاضح والتركيز عليها ولفت انتباه الرجل اليها بهدف الاثارة والاغراء، وهؤلاء الشابات الجريئات يعتبرن في جميع المجتمعات استثناءاً ، الا يوجد امثالهن في مصر والمغرب العربي والخليج وكل انحاء العالم؟؟ ومن قال ان العري فقط في الثياب ، فعري الاخلاق والفكر والتعرّي من المبادىء والقيم أخطر بكثير وفتّاك أكثر في المجتمعات التي يتحدّثون عنها!!

ثانياً ، اما ان قصدوا بعض فناناتنا واعتبروا انهن مصدرات للعري ، فهذا يدعو الى الضحك المتواصل والسخرية ، وهناك مثل باللبناني يقول " الجمل لو بشوف حردبتو بيوقع وبفّك رقبتو" ، ففنانات العري كما وصفهم المعلّقون، متواجدات في جميع البلدان وهن من جميع الجنسيات والاجناس، والفنّ الرخيص لا وطن له ولا جنسية ولا هوية ، يتبرّأ منه كل متلق وكل شعب وكل وطن، ولا يجوز ان يعّمم رخص هؤلاء الفنانات على الوطن بأكمله ، خاصة وان المتًّهِم هو المتًّهَم الاول بتسهيل وتسويق الفن الهابط و هو المصّدر الاول لفنانات العري والاغراء واكتفي بهذا القدر كي لا اتهم بالتحريض والاساءة الى شعب شقيق.

لن اطيل الشرح والتوسّع أكثر في هذا الموضوع اليوم وسأعتبر ما جاء على لسان هؤلاء الشباب غير الناضجين "زلّة لسان" وسأعتبر ما قاله المنتج "عمرو عفيفي" في برنامج "للنشر" مع طوني خليفة عن موافقته على اعتبار لبنان ساحة جنسية ايضاً "زلة لسان" وساعتبر ايضاً ما نشر الاسبوع الماضي عن ان "تامر حسني جنّن نسوان لبنان" في آخر زيارة له ونشر فيديو لتامر مع فتيات الواضح انهن غير لبنانيات محاولين التلميح الى ان اللبنانيات حارّات ورخيصات ايضاً "زلة لسان" ولكن ان تكّرر هذا الامر وتفاقم مرض بعضهم النفسي وتجّرأ على اتهام لبنان وشباب لبنان مرة جديدة بتصدير العري سيكون الحساب عسيراً ولكل حادث حديث....

في النهاية أذكر حين كنت على مقاعد الدراسة وفي بداية سن مراهقتي، حين كانت والدتي تقوم دائماً بتحذيري من بعض صديقاتي وتكّرر على مسمعي " يا ماما تفاحة مهتريّة بتنزع صندوقة تفّاح" ، وامي الجنوبية الطيبة كانت متمسّكة بالتقاليد والاصول "زيادة عن اللزوم" ، وكنت اجاريها في تفكيرها مع جهلي عن التفاح "المعفّن" الذي تتحدّث عنه فأنا كنت طالبة في مدرسة للراهبات نعيش طقوساً تربوية قاسية بعض الشيء وكل التفاح "شهي" و"نظيف" الا انني ادركت فيما بعد ، عندما واجهت الحياة بمفردي ان التفاح المهترىء والنتن موجود في كل مكان وبشكل كبير ومخيف ، الا انني الوم والدتي اليوم لانها أخفت عنّي ان التفاح "النتن" يكون دائماً متخفياً لانه يخجل من القذارة التي تنخر فيه ، فتفاجئنا الحياة بين الحين والآخر بتفاح فاسد مقرف الا انه يبقى استثناءاً ولا يجوز تعميمه على كل تفاح المجتمع واعني هنا طبعاً جميع افراده.

ذكرت التفاح لأقول ان في جميع مجتمعاتنا العربية ، في لبنان وسوريا والاردن والخليج العربي والمغرب ...الخ ، هناك الصالح والمفسد ولا يجوز ان ينطبع لبنان قاطباً بطابع "العري" والترويج "للدعارة" مع العلم ان الدعارة تفاقمت كثيراً في السنوات الاخيرة في جميع البلدان العربية ، والدعارة في لبنان تحديداً وبحسب برنامج "تحقيق" على شاشة أم تي في الذي عرض منذ عدّة أسابيع  لا تقوم على اللبنانيين فقط حيث أكّد البرنامج على تنوّع جنسيات فتيات الليل وان معظمهن غير لبنانيات ومن جنسيات عربية مختلفة .

لبنان كان وسيبقى منارة الوطن العربي ومنبع نابض بالثقافة والفكر والابداع  وهو بلد القداسة والقديسين وهو فيروز وقلعة بعلبك والارز وبيت الدين وكل تجاوز للاخلاق والقيم الحاصل في مجتمعه يجب ان يعّد استثناءاً ونحن نطالب اشقاءنا العرب بمزيد من الوعي الاحترام والا تتكّرر هذه الاساءة العلنية عبر وسائل الاعلام الالكترونية ، فلدينا ما لديكم ونعاني ما تعانون ونحارب ما تحاربون ، فلم هذه الاتهامات المغرضة والمسيئة اذا؟؟