[x] اغلاق
الكعبة نقطة تقوضها ناطحات السحاب.. لقد شطبوا تاريخ مكة!
16/11/2010 11:03
يجد المدير المصرفي المغربي محمد حمدوش حين يجلس في بهو يكسو الرخام ارضيته في فندق فخم في مكة فرصة لالتقاط الانفاس بعيدا عن زحام الحجاج الذين يعج بهم المسجد الحرام.
وتدفق الملايين على المدينة السعودية لأداء فريضة الحج. لكن البعض يستطيعون تحمل تكلفة اكبر من غيرهم وتلبي طفرة بناء مثيرة للجدل احتياجاتهم.
وقال حمدوش الذي كلفته رحلة الحج 12 الف يورو (16545 دولارا) " كل حاج يأتي طبقا لقدرته. الحمد لله أتاني المال فلماذا لا أقيم في هذا الفندق". وأضاف "الحج مرهق لذلك من الجيد الحصول على غرفة للراحة" قرب الحرم المكي.
وأقيمت حول المسجد الحرام مجموعة من الفنادق الشاهقة فئة الخمس نجوم تتيح للأثرياء أن ينعموا برؤية الكعبة على مدى 24 ساعة في اليوم.
ويمثل هذا جزءا من مشروع أكبر لتوسعة الحرم المكي وإتاحة الفرصة امام أعداد اكبر من المسلمين للتوافد على مكة لاداء الحج وهو ما تعتبره السعودية واجبها.
وافتتحت مكة اكبر ساعة في العالم على غرار ساعة بيج بن الشهيرة على واجهة فندق شاهق يطل على الحرم في حين تعمل نحو 20 رافعة بجوار الحرم لبناء المزيد من الفنادق الفاخرة.
ويقول البنك السعودي الفرنسي إن حجم ما يتم إنفاقه في مكة والمدينة سيبلغ نحو 120 مليار دولار على مدى العقد القادم وفي الوقت الحالي يجري العمل في مشاريع قيمتها 20 مليار دولار بمكة وحدها. ويبلغ سعر المتر المربع من الأرض في مكة نحو 50 الف ريال (13333 دولار).
وقال فرهد يفتلي (25 عاما) وهو حاج من عائلة تجارية أفغانية من خمسة أفراد في دبي دفع كل منهم 15 الف دولار "اذا كان الناس في وضع جيد فيجب أن يمكثوا بالقرب من المسجد".
وأضاف وهو يرتشف الشاي في مقهى نفس الفندق ذي الخمس نجوم "من الجيد أن تكون لديك غرفة للاستراحة والوضوء".
وتفخر الحكومة السعودية بهذا التطور العقاري الذي أتاحته ثروة البلاد الهائلة المتراكمة من مواردها النفطية. وهذه الأعمال هي أحدث مرحلة في توسعات الحرم لاستيعاب الحجاج وقد بدأت هذه العملية منذ عقود.
وقال وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز في مؤتمر صحافي بمكة هذا الأسبوع "في السنوات العشر الماضية تمت زيادة أعداد الحجاج بشكل كبير. هذ العام توجد زيادة بعشرين في المئة".
وأضاف أن العمل مستمر لتحسين مستوى الخدمات لحجاج بيت الله الحرام. ويقول عاملون بمجال الفندقة إنهم يتوقعون اكثر من ثلاثة ملايين حاج وربما أربعة ملايين.
ويشعر الكثير من المثقفين السعوديين خاصة من منطقة مكة بالانزعاج بسبب خطط الحكومة التي يقول دبلوماسيون في الرياض إن كبار رجال الدين أقروها بعيدا عن التدقيق العام.
وانخرطت الصحف السعودية ومدونات لإسلاميين في جدل بشأن موجة البناء لكن كبار علماء الدين السعوديين لا ينتقدونها.
وتقول الروائية رجاء عالم التي تكشف روايتها الأخيرة طوق الحمام عن تدمير مناطق تاريخية وفساد وانتهاكات "لا يستطيع المرء سوى أن يشعر بالحزن لرؤية الكعبة في حجم نقطة بين كل هؤلاء العمالقة من الزجاج والحديد".
وأضافت "قبل ظهور الإسلام بكثير لم يجرؤ العرب على العيش في محيط ما نسميه الحرم وهو ما يعني المنطقة المقدسة (للمسجد)".
ومضت تقول "كانوا يمضون النهار في المدينة المقدسة ويخرجون مع حلول الليل. كانوا يعتقدون أن أنشطتهم البشرية تدنس بيت الله".
ويقول عاملون بمجال الفنادق إن الحكومة تحظر بعض مظاهر الترف مثل أحواض السباحة غير أن فندق برج ساعة مكة الملكي الجديد سيكون به ناديان صحيان على أحدث طراز.
ويقول الكاتب السعودي محمود الصباغ "فكرة ملء أفق مكة بناطحات السحاب الحديثة لا تقوض الكعبة وحسب وانما هي رمز مادي واضح لشطب ثقافي واجتماعي هائل شهدته المدينة".
ومضى يقول "استبدال المدينة القديمة أخذ معه تراثا من الأنظمة والآليات الاكاديمية والاجتماعية والثقافية التي تم الحفاظ عليها لقرون. لحق الضرر بالنموذج الثقافي بالكامل".
وفي العقود القليلة الماضية تم هدم الكثير من المنازل القديمة في مكة لتسهيل الوصول الى الحرم وإفساح المجال للمراكز التجارية والفنادق ومناطق صف السيارات الضخمة تحت الأرض. وتقدم تعويضات للسكان عن المنازل التي يفقدونها.
وقال عرفان العلوي استاذ الدراسات الإسلامية المقيم في لندن إن الفاتيكان ما كان ليسمح ابدا بمثل هذا في منطقته المقدسة.
وأضاف أن على الحكومة أن تستخدم المساحات خارج المدينة لبناء فنادق. وقال "لا يجب أن تبدو مكة مثل مانهاتن او نيويورك".