[x] اغلاق
السقوط الحتمي للنظام الفاسد
4/2/2011 19:14

السقوط الحتمي للنظام الفاسد
زياد شليوط
"الشعب يريد اسقاط النظام"
بعدما أسقط في يد مبارك، وانتهت كل ألاعيبه وأحابيله السياسية، وبعدما فقد جميع الأوراق، وفشل في اقناع أبناء الشعب المصري الذين سمعوا منه طوال ثلاثين عاما كلاما ورأوا منه أعمالا مناقضة. لجأ مبارك الى مقولة شمشون الجبار بعدما انهار عالمه "عليّ وعلى أعدائي يا رب"، فأطلق العنان لأعوانه المتمرسين لضرب ثورة الغضب السلمية. لقد فقد مبارك كل امتيازاته ودخل في مرحلة النزع الأخير، فلماذا لا يخرب البلاد نهائيا؟ فهو لم يعد لديه ما يخسره أكثر. لقد خسر السلطة والسيطرة، خسر ثقة الشعب به.
وما قام به "بلطجية" النظام والمغرر بهم في ميدان التحرير في قلب القاهرة النابض، انما يعكس المرحلة الحرجة التي وصل اليها النظام المنهار وعلى رأسه مبارك، ويعكس أخلاقيات هذا النظام الذي يلجأ للبلطجية والزعران في نحاولة بائسة لانقاذه، اذا أمكنهم ذلك. وهذا الاعتداء غير المبرر بالهراوات والسيوف من عناصر مشبوهة تمتطي الخيول والجمال من أعوان النظام وخدامه، أثار حفيظة دول صديقة لمصر ونظامها وعلى رأسها الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، هذا ناهيك عن المنظمات الانسانية والدولية وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة.
ان مبارك آيل الى الزوال ولهذا يتخبط ويتلوى ويلجأ الى سياسة "فرق تسد" الاستعمارية، ولا يتورع عن زرع الشقاق والانقسام بين صفوف الشعب المصري، ويحرض على جزء كبير من هذا الشعب الذي تحمله وحمله وآزره ثلاثين عاما، ويعمل على ضرب أبناء الشعب الواحد الذي يدعي غيرته وخوفه عليه.
لكن تبقى الرسالة الأولى والأخيرة التي حملها شباب مصر منذ اليوم الأول لثورته السلمية "ارحل"، فعلى مبارك أن يرحل بمعنى أن يتنازل عن الحكم، كما تنازل عنه من قبله الملك فاروق ليخرج محترما من وطنه، لكن طالما واصل تمسكه بعناد غريب بكرسي الرئاسة فان الشعب سيواصل السير نحو تحقيق هدفه "الشعب يريد اسقاط النظام" وليس أقل من ذلك.
الصحافة تريد اسقاط النظام
ضمن غباء النظام المصري المنهار، لجأ الى وسيلة بائسة لتشويه الواقع في مصر، ونقل صورة غير صحيحة عنه للعالم، وظن النظام الذي يعيش بعقلية بائدة بأنه يمكنه عبر التشويش على فضائية "الجزيرة"، الوسيلة الاعلامية الوحيدة تقريبا التي تعمل بجرأة على "كشف المستور" في العالم العربي، أن يحجب الصور والمعلومات عن العالم. وسرعان ما جاءه الرد القوي والذي شكل لطمة قوية للنظام الحاكم من مجموعة من المحطات الفضائية العربية الجريئة، مثل "الجديد" وغيرها التي منحت "الجزيرة" حق بث ارسالها المفتوح على هوائها، وهكذا سقط النظام المنهار سقطة اضافية حين ظهر عاريا إلا من ورقة التوت الأخيرة، وعرف العالم كله ما يجري في مصر وعرف ممارسات النظام البغيضة واللاانسانية، وأثبت الاعلام العربي أنه يعرف كيف يعمل وكيف يتضامن وكيف يوصل رسالته الاعلامية.
لكن النظام الفاسد والمنهار لم يرتدع وواصل اعتداءاته على الصحفيين ووسائل الاعلام العربية والعالمية، حيث قام "بلطجية" النظام بالاعتداء الجسدي على طواقم الصحفيين، وهاجموا مكاتب وسائل الاعلام وبثوا الرعب والذعر في صفوفهم، حيث شعروا على جلودهم ما يعنيه التنكيل والظلم. حتى مندوب صحيفة "هآرتس" لم يحتمل ممارسات النظام المصري حليفهم وأعوانه، وانتقد تلك الممارسات ووصف الاعتداءات المستهجنة على الصحفيين.
من أجل الظلامية التي يعيشها النظام الفاسد آن الأوان لأن نعلن: الصحافة تريد اسقاط النظام.
التاريخ يريد اسقاط النظام
عندما أعلن الرئيس المصري جمال عبد الناصر تنحيه عن سدة الحكم بعد الهزيمة عام 1967، خرج الشعب المصري في 9و10 يونيو يطالبه بالتراجع عن التنحي ومواصلة المسيرة بقيادة البلد نحو الاصلاح وتصحيح المسار وتحرير الأراضي المحتلة، وكانت تلك خطوة غير معهودة في العالم العربي. ورغم تلك الشعبية الجدارفة والواسعة لم يلجأ عبد الناصر لتحضير ابنه لوراثة الحكم. وعندما توفي في أيلول 1970 خرجت في مصر أكبر جنازة في التاريخ لوداعه.
خليفة ناصر أنور السادات مات اغتيالا على يد أحد أبناء الشعب المصري سواء اتفقنا معه أو خالفناه العمل، ولم تشهد جنازته حضورا كبيرا. واليوم يتعرض مبارك لموقف لا يحسد عليه، حيث يطالبه الشعب بالرحيل، وهذا هو الفارق بين القائد الملتحم بشعبه والمعبر عن آماله وطموحاته وبين الحاكم الجاثم على رقاب العباد بكل صلف وغرور.
ولهذا ليس غريبا أن يهب التاريخ هاتفا: التاريخ يريد اسقاط النظام.
عجايب
عجبت لمن يتظاهر ضد النظام المصري الفاسد، ويدافع عن السلطة الوطنية الفاسدة في الآن نفسه.