[x] اغلاق
دروس الجماهير في ميدان التحرير
11/2/2011 11:23

زياد شليوط
عناق الهلال والصليب
لم يتركوا أي وسيلة إلا لجأوا اليها لتفتيت الوحدة الوطنية المصرية التي تجلت في ميدان التحرير، ولم يبق أمامهم سوى التهويل واخراج فزاعة "الأسلمة" و"التطرف الاسلامي" وغيرها من المفردات مثل "دولة اسلامية"، ايران، أفغانستان، وذلك لحرف الثورة عن مسارها، أو ادخال أطرافها الى نقاشات وصراعات جانبية.
لكن أبلغ رد هو ما نراه على أرض الواقع. لقد شهد "ميدان التحرير" قاعدة الدولة المصرية الحديثة، شهد أسمى أشكال الوحدة الوطنية بين جناحي الشعب المصري، حين أقيم قداس الأحد، يوم الأحد الماضي وتلاه صلاة الغائب، ويوم الثلاثاء أقيم قداس آخر لذكرى شهداء كنيسة القديسين في الاسكندرية في الذكرى الأربعين للحادث الاجرامي اللئيم. وما سمعناه بأن المسيحيين يوقظون اخوتهم المسلمين في الميدان ليؤدوا صلاة الفجر، والمسلمون يحرسون الكنيسة الى جانب اخوتهم المسيحيين، فهل هناك من داع للكلام المستهلك حول الوحدة الوطنية؟
في ميدان التحرير يتعانق الهلال والصليب أمام أنظار العالم كله، فهل بعد ذلك من كلام أو دليل أقوى من هذا، بأن الثورة هي ثورة مصر كلها وثورة الشباب المصري دون تفرقة في الانتماء الديني أو السياسي أو الاجتماعي.
ثورة مصرية داخلية
مع استمرار الثورة الشبابية ليس في ميدان التحرير فقط أو في القاهرة، انما في الاسكندرية والسويس وطنطا وأسوان والمحلة والاسماعيلية وكل أرجاء الوطن المصري الكبير، بمشاركة الملايين من أبناء الشعب المصري العظيم، ومع استمرار مبارك وزبانيته بالتمسك بما تبقى من العرش الرئاسي عنوة، في ظل سكوت الجيش عنهم، يحاول أقطاب النظام المخلوع شعبيا، دق الأسافين بين أطراف الثورة أو تشويه أهدافها وتلطيخ سمعة أصحابها والمبادرين لها، حيث لجأوا الى دعاية ساقطة ومهترئة وبأسلوب ممجوج، فهم يمتدحون الشباب الثائر (ليس عن حسن نية انما من الخوف) وبعدها يدعون أن أطرافا سياسية داخلية (ويقصدون الأحزاب) وخارجية (ويقصدون ايران وحزب الله وغيرهما) دخلت بين المتظاهرين لأهداف سياسية وأجندة خارجية!! هل نستغرب أن يطلق مثل هذا الكلام ممن عاشوا وقضوا عمرهم وهم ينفذون أجندة خارجية على ظهر الشعب المصري، ان عبيد أمريكا وخدام اسرائيل هم آخر من يحق لهم الحديث عن تدخل خارجي، ومن باع ضميره ونفسه وبالتالي وطنه للغرباء والدخلاء مقابل أبخس الأموال، هو آخر من يحق له اتهام الآخرين بما تعود عليه من خيانة.
وهل كانت هناك حاجة لأي تحريض خارجي، فالشعب الذي عاف الاستغلال، وملّ من حياة الذل والمهانة خرج غاضبا دون حاجة لأي دافع، فهو كان مدفوعا من تلقاء نفسه ومن قوة الارادة من أجل التغيير.
ثورة مصرية شبابية
بعد اطلاق سراح وائل غنيم أحد المبادرين لثورة الغضب الشبابية، عبر الفيسبوك وهو الخبير بالانترنيت، قال كلاما غاية في الوضوح والتواضع لوسائل الاعلام، رافضا تحويله لبطل حيث قال "أنا لسن بطلا. كل من ضحى بنفسه هو البطل وكل من يتواجد في الشارع هو البطل." كلام واضح لشخص بادر الى اشعال فتيل الثورة، التي أسماها "ثورة الانترنيت الشبابية"، وله الحق في ذلك حيث كان الانترنيت الأداة الأساسية التي ربطت بين الشباب وبالتالي خروجه في ثورة الغضب على النظام الفاسد المستغل.
واثباتا على ذلك، فان الشباب رفضوا الحوار مع النظام قبل رحيل مبارك، بينما قبلت بعض الأحزاب بالحوار. رفض الشباب اخلاء ميدان التحرير قبل أن يمشي مبارك وهتفوا بصوت واحد "مش هنمشي.. هو يمشي" موقف واضح لا غبار عليه، بينما خرجت دعوات للتهدئة ومنح رئيس النظام الفاسد فرصة ليكمل فساده ونهبه لخيرات الشعب لمدة ستة أشهر، يجهز فيها على ما تبقى من خيرات، فالرايح لن يهمه أن يكثر من القبايح. وأمام تلبك أحزاب المعارضة وعدم اتفاقها على قيادة موحدة ومطالب واضحة، أخذ الشباب زمام الأمور وشكلوا قيادة من صفوفهم تضع وترسم خطوات الاحتجاج القادمة، وخيرا فعلوا. ومما يؤكد أن الثورة شبابية مصرية داخلية، أن المتظاهرين في ميدان التحرير أكدوا على أنهم باقون في الميدان لأطول وقت ممكن، ولن يتراجعوا، لأنه لم يعد هناك مجال للتراجع عن تحقيق مطالبهم الأساسية.
    عاشت دولة "ميدان التحرير" حرة، ديمقراطية، أبية.
•    الشعب أراد وأسقط النظام
.