[x] اغلاق
وشبابنا نهض يا حبايب..
18/2/2011 12:32

 

زياد شليوط
هب الشباب الثورة التونسية وحققوا اسقاط النظام الفاسد وبعدهم هب وانتفض الشباب المصري وقلع النظام المصري من أساسه وبعدما صمد الشباب والشعب المصري هذا الصمود الأسطوري، وبعدما نجحت الثورة المصرية هذا النجاح الكبير تشجعت الشعوب العربية والاسلامية للنهوض من أجل كنس الأنظمة المهترئة والقديمة، والتي باتت تشكل عبئا ثقيلا على كواهل شعوبها، فانتشرت المظاهرات في اليمن والأردن والعراق والبحرين وليبيا وايران، والحبل على الجرار. 
إن الثورات التي أنجزت في تونس ومصر والتي تنتظر الانجازات في سائر الأقطار قامت ونجحت بفضل الشباب العربي في تلك البلدان، شباب بين الخامسة عشرة والثلاثين، أولئك الذين أطلق عليهم شباب الانترنيت أو الفيسبوك وغيرها من التسميات المتعلقة بالثورة التكنولوجية في عالم الاتصالات، وبعدها انضمت فئات الشعب كلها الى تلك المظاهرات والاعتصامات وكأنها تريد أن تلحق بالركب ولا تظهر أنها متخلفة عنه.
ان الثورات المنفجرة على طول وعرض الوطن العربي، جاءت لتثبت أن الشباب العربي ليس شبابا طائشا ولا مائعا ولا غير مبال، فكل ما كنا نراه ونفكر به انما جاء على خلفية ما كنا نراه ظاهريا، لم ينتبه أحد للتململ الداخلي والثورة التي كانت تعتمل في نفوس الشباب، ولم يفكر أحد أن هذا الشباب الذي غزت عقوله ومشاعره "الفضائيات" الراقصة، يتمتع بمناعة قوية وأن الظروف الواقعية المؤلمة أقوى من كل الهباء والرياء التي فرغتها الفضائيات الباهتة في عالم شبابنا. كما أن هذه الثورات أثبتت أن الشباب الصاعد والناشيء كسر حاجز الخوف، وحطم "أصنام" العبودية واخترق أي مجهول يقف في طريقه، وهذه الأجيال الفتية عوضت الأهل والأجيال المخضرمة عما عجزت عن القيام به، لذا أسرع الكبار للحاق بالصغار، وبات "الحجر الذي ركله البناؤون حجر الزاوية". فهل يمكن لمجتمع أن يرتقي ويتقدم دون عنفوان الشباب؟ وهل لدولة أن تتقدم وتتطور دون همة الشباب؟ وهل لبلدة أن تشمخ وتسمو دون عزيمة الشباب؟
وفعلا رأينا وشاهدنا كيف يتصرف العاملون في المؤسسات الحكومية بعدما نزعوا من قلوبهم "الغول الداخلي" على حد تعبير غوار "الحكيم"، وأخذوا يتحدون رؤساءهم الذين لم يكونوا يجرؤون الى ما قبل أيام بل ساعات من الثورة، على النظر اليهم في عيونهم. وامتد عامل الشجاعة الى سائر القطاعات التي خرجت تطالب بحقوقها الشرعية وحقوقها اليومية. وقد سبق للشاعر صلاح جاهين أن عبر عن ذلك في احدى أغانيه الوطنية التي أنشدها عبد الحليم حافظ أيام الثورة الناصرية "وشبابنا نهض يا حبايب.. وقال جه دوري منيش خايب"، وفعلا لم ينتظر شباب اليوم من يفسح له المجال، انما أخذ دوره وأثبت أن باستطاعته صنع المعجزات، وجعل العالم يقف مشدوها ومعجبا بما فعله الشباب. فلماذا اذن عندما يبادر الشباب في هذا الموقع أو ذاك لأخذ دوره، نجد من ينبري وبلهجة استعلائية لينعتهم بكلمة "الأولاد"، كما فعل السادات حين نعت الشباب الذين خرجوا بمظاهرات جبارة عام 1977 احتجاجا على الغلاء ورفع الأسعار بأنهم "عيال" و"حرامية" وهدد بأن "يفرمهم". لكن العالم كله شهد وعاين المصير الذي لقيه السادات –سيء الصيت- وكيف تم وداعه، وشهد العالم المصير البائس الذي آل اليه "الفرعون" مبارك وشبيهه التونسي بن علي. ويشهد العالم اليوم على أولئك "العيال" و"الأولاد" وما أنجزوه من تغيير للواقع، من اسقاط ليس لأنظمة فحسب، انما لمنظومة من العجز والخوف والاتكالية. فالعبرة لمن يريد أن يعتبر: عليكم ألا تقفوا في طريق الشباب أو "الأولاد" كما تسمونهم، وإلا سيجرفكم التيار وتصبحون على هامش الحياة.