[x] اغلاق
معذرة أخي نبيل..
4/3/2011 18:50

 

معذرة أخي نبيل..
 
إنه نبيل حبيب الشيخ (أبو رياض).. الذي شغلتني مشاغل الزمان وسرعة تبدل الأيام عن زيارته في الفترة الأخيرة من حياته.. وكيف لي أن أدرك أنها الفترة الأخيرة ونحن ما زلنا في مقتبل العقد الخامس.. كيف لي أن أتوجس غيمة الموت تظلله وهو الذي ملأ الفضاء ضحكا مجلجلا حبا بالحياة؟! ومع ذلك يحق لك أخي نبيل أن أطلب منك معذرة، رغم أني أستحق منك معذرة للجرح الأليم الذي أحدثته في حياتنا، حين تسللت منها دون أن تمهلنا حق الوداع الأخير.
أخي نبيل.. وكيف لا أقول أخي وقد عشنا معا أجمل وأحلى فترات العمر. مرحلة الدراسة الابتدائية والثانوية وصداقة الشباب.. معا كنا في صف واحد.. جمعتنا مدرسة واحدة.. وكنا أعضاء في "شلة" أصدقاء واحدة. ولم تتوقف صداقتنا من أيام الشقاوة المغموسة بالهم السياسي والوطني.. كنا صغارا في السن وكبارا في التفكير.. لم نعرف الحاسوب في أيام دراستنا أو الانترنيت، ولم نحمل الخلوي نتلهى له.. لم نجد أمامنا سوى الكتاب والصحيفة التي كانت ممنوعة، ومن يحملها أو يقرأها يعرض نفسه للملاحقة والمراقبة.. فكنا نحضرها الى المدرسة ونخبئها جيدا في حقائبنا ونتناولها بشكل سري لئلا ترانا أعين الرقباء، ونشأنا على كتابات وفكر كبار الكتاب اليساريين آنذاك.. وصرت تحمل الجريدة أنت وابن خالك غسان وتوزعانها على البيوت والأصدقاء.. وكم آلمك أن تسمع التعليقات أنك تفعل ذلك من أجل منحة دراسية في الخارج.. وكنت تأتيني متألما شاكيا وكنت أشد من أزرك وأقف الى جانبك.. وعشنا أياما صعبة ونحن نستعد لامتحانات الثوامن، التي كانت تعادل امتحانات البجروت في أيامنا.. وكم كنا نقلق ونحن نترقب النتائج بعد طول سهر ودراسة. هكذا كانت نشأتنا.. فكل بيت من بيوت الأصدقاء كان بيت الجميع.. لم نعرف حدود الحارات.. لم تفرقنا المدارس الحاراتية والفئوية.. ولم نسأل بعض من أي طائفة أو دين.. كنا ندخل الكنيسة ونزور المسجد دون أن نلتفت الى من يصلي هنا أو يتعبد هناك.. كنا بيتا واحدا، حارة واحدة.. كنا شعبا واحدا بمعنى الكلمة. لكن الخير ما زال موجودا، حيث استمعت بارتياح كبير لكلمة الشيخ أحمد عبد الوهاب في مراسيم "الختمة"، وهو يؤكد على المحبة والتسامح وضرورة نشر هذه القيم، التي نادى بها الأنبياء والديانات السماوية، بين الناس وتمنيت لو أن الجميع وخاصة أبناء الأجيال الشابة تستمع وتذوت في نفوسها هذا الكلام. 
سافرت للدراسة في الخارج وعدت مهندسا يحمل أفكارا جديدة وطموحات عديدة.. وفرحنا لك عندما أقمت لك مكتبا للهندسة.. وفرحنا لك أكثر عندما فزت بوظيفة مهندس البلدية وتمنينا لك النجاح والتوفيق. واليوم لا يعنيني ان كنت مهندس البلدية سابقا أو لا.. لأن علاقتنا لم تدخل في ذاك الاطار، وعملك أو نشاطك يحكم عليه أهل بلدك. ما يعنيني فيك الأخ والصديق والحبيب وابن البلد الوطني البسيط المخلص. ما يهمني الاحتفاظ به من بعد رحيلك، هو حبك اللا محدود للحياة والمرح والفرح والانطلاق خارج أسوار الوظيفة والرسميات والعلاقات البليدة. ما يؤلمني في رحيلك وما قبله.. أنك تحملت الكثير من الاساءات.. صبرت.. واصلت المسير.. لكن لم تكتمل فرحتك.. لقد حباك الله بابن تفاخر به وابنة تفتتن بها.. خانك جسدك هذه المرة بعدما تغلبت عليه أكثر من مرة.. خانك جسدك ولم يحتمل هذه المرة الحمل.. فأكثر ما يؤلمني أنك رحلت دون أن تكمل فرحتك.. لكني على يقين أنك ترنو إلينا وتتطلع متوسلا أن واصلوا الفرح.. أقبلوا على الحياة ولا تتصضلبوا.
أيها النبيل.. النبيل بأخلاقه ودماثة معشره واخلاصه لاخوانه. يصعب علي مخاطبتك بلغة الماضي وأنت الحاضر.. الحاضر معنا وفينا.. وستسخر مني اذا قلت لك نم قرير العين كما اعتاد الآخرون.. لأنك لن تنام قرير العين.. اني أعرفك.. وأعرف أن قلبك يوجعك نتيجة ما وصلنا اليه من تراجع فكري ووطني واجتماعي.. إنك ستبقى قلقا وتشرب "كأس الوطن" مرا، كما فعل صديقنا غوار .. ولن يزول قلقك حتى ترانا من جديد شعبا واحدا متماسكا متراصا دون حدود أو حواجز وهمية.. فلماذا استعجلت الفراق وأنت ترى الشعوب العربية من حولنا تسقط الحواجز وتنهض من سباتها.. أفلا تظن أن شعبنا أيضا سيحقق ذلك قريبا؟! 
1
.
abed armaly
6/3/2011
I was very sorry to learn about the loss of a friend. My sympathy to all his family and friends. If possible, would like to know who wrote the article and put the photo.