[x] اغلاق
ثورة الشاباب أم زواج الصغيرات
8/3/2011 10:53

 

 
يعيش العالم العربي حالة من النهضة، نهضة تسحق بالأنظمة الدكتاتورية التي كرست الجهل والفقر ومنعت الحراك الديمقراطي عشرات السنين. تلك نهضة شعبية أقامت الدنيا ولم تقعدها، وتستحق منا أن نكون جزءا منها.  
أن اكثر ما افرحني في هذه الثورات ان ترى بناتنا أن لا حدود للإرادة، ولا تستطيع أي قوة أن تقف أمام من يسعى للنجاح وللتأثير على واقعه وواقع مجتمعه. 
 
كأم فرحت جدا لأن هناك ما سيدفع ابنتي للعمل وللنضال ولتحمل المسؤولية، إذ أن رؤية  شعبها  ثائرا ومنتصرا على الظلم، كفيلة بأن تشجعها على الاجتهاد والنجاح، والسعي نحو  العمل الجماعي . أن الثورات الشبابية في تونس ومصر والعالم العربي أشارت الى ان جيل الفيسبوك يستطيع، وعلينا ألا نستهتهر به فمواقع التواصل الاجتماعي قادرة بان تتجاوز التسلية والدواوين، بل كانت قادرة على إخراج مظاهرات مليونية نظمها الشباب ورعوها وتحملوا مسؤوليتها واستحقوا مكتسباتها. يعطي الشباب الثائر نموذجا لشبابنا وشاباتنا نموذجا يثبت بأن من يملك الإرادة والرؤية قادر أن ينتج ويبدع ويغيِّر، ويخلص شعبه من دكتاتوريات المليارات.
 
لا ينغص فرحتنا  بجيل الشباب، إلا احصائيات، نعرفها قبل أن نقرأها عن الآلاف، من الفتيات بمجتمعنا اللواتي وبينما يحلم جيلهن بالمشاركة بالثورة  وبالسيطرة على الميادين وبتحرير شعوبهم، يحلمن هن بعريس وبدلة بيضاء وبالكثير من المساحيق في يوم الزفاف، الذي يردنه قريبا. إذ تشير دائرة الأحصائيات المركزية أنه بين العام 2000 ولغاية العام 2008 تزوجت 25306 فتاة عربية دون سن الثامنة عشرة، منهن 13367 دون سن السابعة عشر، ليشكلن بذلك 82 % من المتزوجات الصغيرات في البلاد عربا ويهودا . 
لا يمكننا أن نمر على هذه الأرقام دون ألم ودون أن نسال لماذا؟، وإن كنا نعرف الجواب، نسأل لماذا كي نعيد طرح القضية التي أشرنا اليها مرارا، نعم نحن نعرف الجواب، ونقول لا لمفاهيم اجتماعية تشجع الفتاة على السعي ل"ضمان العريس"، والانشغال بتجميل نفسها والاكثار من المساحيق كي تضمن العريس ال"أنسب"، صاحب المال والجاه أو المال والمهنة المطلوبة. لا يمكننا أن نتجاهل واقع الفقر الذي يدفع بالأهل الى التزويج وانزال "هم البنات".  لا يمكننا ان نتجاهل وسائل الاعلام التي لا تبخل علينا بفنانات الدرجة العاشرة اللواتي يكرسن تشييء المرأة وتسليعها، ولا يمكننا أن نتجاهل كل من يتعامل مع الفتاة كقنبلة موقوتة يجب تزويجها لضمان "سترتها". 
 
نعم نحن نعرف الأسباب، ونعرف ان سياسات الدولة وبقدر ما تفتح الفرص للفتيات اليهوديات تغلقها على الفتيات العربيات وعلى العائلات العربية خاصة ذات المعيل/ة الوحيد، نعرف هذا ولكننا نعرف أيضا ان الثورات كالرياح تهب وتنتشر، وتنادينا، علينا ان نثور على واقع اجتماعي يقدّر النساء بحسب وزنهن وعمرهن، علينا أن نثور على سياسات الافقار والتهميش، وتسريب البنات من المدارس, علينا أن نثور على مدارس ومربين ومدراء يقفون موقف المتفرج على واقع كهذا. 
 
نحن نرى اهمية كبرى لتغيير القانون الذي يسمح للفتاة والشاب بالزواج بجيل السابعة عشر  بينما يمنعهم من شراء ورقة يا ناصيب قبل أن يصلوا الثامنة عشر!،  ولكننا  نؤكد أيضا ان التغيير لن يأتي من القانون فقط، بل من تغيير القيم والأنماط الاجتماعية. 
 
جيل الثورة يرى الفتيات والفتيان مشاريع نجاحات مستقبلية، ومشاريع نهضة مجتمعية ومشاريع مقاومة للقمع السياسي. ولا يمكن لنا القيام بذلك إلا عن طريق تمكين الأطفال والطفلات من ممارسة طفولتهم وممارسة مراهقتهم ، والوصول الى التعليم الجامعي والعمل الكريم. 
قد لا يستطيع كل بيت أن يشارك في الثورة في الميادين، ولكنهم يستطيعون أن يثوروا على فكرة تزويج ابنتهم وهي طفلة،  وتستطيع كل فتاة  أن تثور على سرقة طفولتها ومراهقتها، وعلى حرمانها من التعليم والاستقلال الإقتصادي. 
تقع على الاهل مسؤولية  كون واحدة من أربع نساء في مجتمعنا تتزوج دون الثامنة عشر، وعليهم تقع مسؤولية المشاكل الزوجية في هذه الحالات، وعليهم تقع مسؤولية كون 35% من النساء العربيات المطلقات هن دون الرابعة والعشرين، اي تزوجن في سن مبكرة. 
 
مرة أخرى نطالب برلمانيينا بدعم قانون رفع سن الزواج  يوم الاربعاء القريب التاسع من اذار  وتعديله من 17 الى 18 عام ، هذا القانون الذي تعمل  لجنة العمل للمساواة في قضايا الاحوال الشخصية منذ سنوات لتعديله وستقدمه للقراءه الاولية بالكنيست النائبة حنين زعبي وسيرفق اقتراح قانون مشابه النائب دوف حنين . 
نطالب قياداتنا باعطاء جل اهتمامهم للشباب والشابات الصغار.
ونطالب عائلاتنا بان تسعى لسعادة بناتهن واولادهن.
لن تعيش سعيدة من تحرم من طفولتها لتلد اطفالا.