[x] اغلاق
من تحت قدميك لنا الجنان
21/3/2011 14:39

 

كل عام وانتن بخير ..

من تحت قدميك لنا الجنان

 اشرف هاني الياس

ايطاليا

الليلة لم تتوقف السماء عن العتاب,اشعر بلسعات البرد وانا بحاجة الى دفء الاحساس بالرغم من وجود إحساس مدفون, تحت خفايا الحروف وبين طيات الكتمان وإشارات موسيقيه عذبة واغاني,تجعلني اسافر معها من لا مكان الى مكان.

فأمتشق قلمي وأعلو صهوة الكتابة حاملا رسالة لانسانة مميزه,رائعة تعجز المعاجم والمخطوطات الادبية والمعلقات عن وصفها لما تحمل بين اوردتها عمق لمعنى نفتقد الية بأفتقادنا لها,فبطياتها سحب من الندى الذي يرعشنا عند ملامستة جسدنا تماما مثل يديها عندما تلامس الكلثوم وكشفتيها عندما تقبل الجبين لتترك خلفها سحر وعظمة الخالق بما ميزها عن غيرها من الخلق وبما وهبها من اكاليل العطف والمحبة ,انها العفاف والعفة انها الحنان والرقة بكل ما تحملة الكلمة من معنى سام انها وبكل فخر.. أمي.

أن الامومة لفظ يحمل سراً، يجيّش الكيان بكل أروقة الجسد ويفعمة بالروح ، ويسري في الروح نوراً فريداً مضيئاً، ليملأ النفس بالعرفان أمتنانا كثيرا، ويتردد في القلب حبا وشوقا وحنينا، ويشف بالاحساس رهفا عجيبا, لطيفا رائعا ليترك بصمات لا تنسى،فيا وردة جورية ساجدة في أعماق النفس تسقي الروح بشذى عبقها الرائع الفائح في كل المعمورة,حتى تنفق كل رحيقها ويدركها التلف في سبيل أروائي,ليجسد هذا المشهد جزء من عاطفة الام التي لا حدود لها.

لآذار حكايات ربيعية لا تنتهي, الواحد والعشرين من اذار حيث نحتفل في مثل هذا اليوم من كل عام بعيد الأم، وهو تاريخ سنوي يذكرنا بإعلاء قيمة “الأمومة” وأهمية تكريم الأمهات في خضم تراجع الكثير من القيم الإيجابية لشعوب العالم, إن لم يكن تلاشيها وانحدارها ,ويتزامن عيد الام مع حلول فصل الربيع,حيث زهر اللوز يفترش الأرض,وشقائق النعمان يزهو فرحاً بألوانه البنفسجية والزهرية ,وتتناثر هذه الأزهار الجميلة الفواحة في كل مكان كأنها أضواء تتلألأ وتنساب كخيوط من النور بين اليدين لتسحر الألباب وتتزين الأرض ببساط اخضر رائع الجمال,وكأن الطبيعة تعلن ارتدائها لثيابها الخضراء لتهب نفسها باقة من الروائع الخلابة تمجيدا واحتراما واجلالا لعظمة الام في يوم عيدها, وما كان تحديد هذا التاريخ لعيد الأم ، الا للتذكير بأن امهاتنا هنّ ربيع الحياة ، حتى ولو بلغن مرحلة الشيخوخة ,نكرم امهاتنا في هذا اليوم وفي كل الايام ,حيث ان تكريم الأم واجب محتم علينا فهو تكريم لإنسانية الإنسان ولعطائة,فالأم تعطي أبناءها بلا حدود من كيانها وكينونتها حباً وحناناً، وتتجلى هذه العلاقة في عاطفة تتخطى في مظهرها وجوهرها حواجز العقل والمنطق, اذ انها ملح هذه الارض وهي المحرك الأساسي في حياتنا وهي قوام الأسرة وعمدتها ,تتفاعل مع أدق تفاصيل حياتنا ونبضات قلوبنا,تعطي ولا تنتظر مقابلاً ,مثل النبع المعطاء الذي لا ينضب ،تلقي نفسها في زواريب الحياة الضيقة لتزرع دروبنا بالورود,هي الام التي تفدي نفسها وعمرها دون كلل او ملل في سبيل فلذات اكبادها, وهي التي سهرت كل الليل واقفة على الاطلال تهلل لنا و تهز سرير أطفالها حتى أهتزت اساريرها,فالام مثل الشمعة التي تنصهر لتضيء حياة ابناءها وتنور طريقهم وفكرهم,هي التي اعطتنا كل هذة التضحية الممزوجة بالألم ورغم ذلك كانت البسمة تعلو محياها, فكل هذة المعلقات الرائعة ترسمها الام بريشة من الرقة والعطف والحنان لتكونَ صورة وطيف امي,لاعلقها على حائط ذكرياتي الى مدى الدهر.

 

 

 

 أنتي الأمان,انتي الحنان,من تحت قدميك لنا الجنان....

 

ليس اليوم عيدك يا أمي, بل كل يوم,لإنّ قيمة “الأمومة” ليست قيمة ندركها ليوم واحد فقط في العام، ولن نفيها حقها الطبيعي بالعيد كما ينبغي فقط عبراحتفالات والهدايا ومظاهر التكريم ,إنّما هي قضية العودة بالمرأة إلى مكانتها الكريمة العزيزة،والى الصفوف الاولى وإلى موضعها الجليل المصان ,حيث قيادة الشعوب نحو النصر.

فمكانتك راسخة في جميع الأديان السماوية ,ومنذ بدء الخليقة,وإن كانت الحياة بغظمتها قد صورتك أنك محل التجدد والاستمرار للبشرية ,فإن أبناءك وجدوكِ واحة للحب والحنان,فأنت المحور الاساسي الذي يتجولون في فلكة, ومرسى آمناً يحميهم من غدر البحر وأمواجه, فأنت الأمان ,أنت كل شيء.

وهنا أتذكر أمي في هذه اللحظة,لا أدري ماذا أكتب لك يا ايتها الغالية في عيدك , هل يكفي إنك من أنجبتني وخيرك فاض على نفسي وهل يحق لي أن أفخر بك وأمام العالم, لن أسميك أم بل أسميك كل شيء ,فعلا انت كل شيء , فكل جهود الكون لا تجازي زفرة من زفراتك, وكل ما أستطيع البوح لك في عيدك يا أمي إنني أحبك , وانني ما زلت ابحث عنها هنا كل صباح ومساء أقلب صورتها على جدران مخيلتي, أتطلع بين طوابيرالأمهات أبحث عن طيف امي , أبحث عن كسرة خبز من خبز أمي,وطبخة من طبخات امي فلا أجد فيشتد بي الحنان الى أمي بل والى لمسة أمي ودمعة أمي وصوت امي وأقول آه يا امي..وكل عام وانت بألف خير,كأسك يا امي.

 

 اسمحوا لي بأن أتوجه الى جميع الامهات في العالم بأجمل التهاني القلبية راجياً من اللة

أن يحفظكن لتستطيعوا القيام بواجبكن السامي تجاه البشرية جمعاء,وكل عام وانتن بألف خير ودمتم ذخراً لنا .

 

 

 

اشرف هاني الياس

ايطاليا