[x] اغلاق
وزارة المعارف جبانة
15/4/2011 13:59

 

وزارة المعارف جبانة
 
زياد شليوط
 
قبل سنوات عديدة كتبت مقالا في صحيفة "كل العرب" بعنوان "المعلمون جبناء". انتقدت فيه فئة كبيرة من المعلمين العرب التي تختبيء وراء طلابها في الاضرابات الوطنية، وأذكر أن التعليق جاء على بعد تنفيذ اضراب للجماهير العربية في ذكرى يوم الأرض، حيث حضر المعلمون –باستثناء قلة- الى مدارسهم ليسجلوا حضورهم كي لا يخصم هذا اليوم من راتبهم الشهري، بينما امتنع الطلاب عن الحضور الى المدرسة في ذلك اليوم.
 
أما اليوم لا نستغرب هذه الهجمة الجديدة لوزارة المعارف، والتي تذكرنا بتلك الأيام السوداء لترهيب وتخويف المعلمين العرب. حيث أقدمت مديرة اللواء الشمالي في وزارة المعارف "الدكتورة" أورنا سمحون على توجيه رسالة الى مديري المدارس العرب تطلب فيها تقريرا عن حضور المعلمين وغياباتهم في يوم الأرض لهذا العام. 
 
فكرت في البداية أن يكون عنوان المقال "ماذا تريد أورنا سمحون من معلمينا؟" لكن عدلت عن ذلك، لأن سمحون أولا وآخرا تبقى موظفة أو أداة في يد من يوجه السياسة العامة ضد العرب، وخاصة في وزارة المعارف التي ما زالت تعمل وفق أنظمة "الحكم العسكري" وأيام "الشين بيت" المقززة، التي اعتمدت على التجسس على المعلمين العرب ومتابعة تحركاتهم وأفكارهم، ومن وجد متلبسا في حب الوطن والأرض، ومعارضة سياسة السلطة يطرد من جهاز التعليم حيث أمكن، أو يحرم من أي وظيفة ادارية يتقدم اليها، ويحكم عليه بأن يبقى معلما لا أكثر. ومن منما لا يعرف أن جهاز "الشين بيت" هو الذي كان يتحكم الى وقت قريب بجهاز المعارف العربية، ويتدخل في تعيين المديرين وأحيانا المعلمين، وهذا ما كان معرروفا لنا ، وكشفه في مرحلة متاخرة كل من وزيري المعارف السابقين شولاميت ألوني ويوسي سريد.
 
واليوم وبعدما نفض المعلمون العرب بغالبيتهم، غبار الخوف عن جلودهم ومن قلوبهم، تتحول وزارة العارف "الجبارة" إلى آلة جبانة، وتلجأ الى أساليب عمل واجراءات رخيصة بحق المعلمين الذين لبوا نداء لجنة المتابعة العليا والتزموا بقرار الاضراب الصادر عنها، ولم يحضروا الى مدارسهم في يوم الأرض الأخير. وتعود بنا سمحون "المتنورة" الى أيام الحكم العسكري الظالمة، حين توجه سؤالا "شينبتيا" في رسالتها الى المديرين والتي أرسلت في الثلاثين من آذار الماضي، يوم الأرض: "هل ينفذ التعليم اليوم في المدرسة؟" وطلبت ممن المديرين أن يرسلوا لها أسماء المعلمين الذين حضروا الى المدرسة في هذا اليوم، وأسماء المعلمين الذين لم يحضروا في قائمة منفصلة. 
 
وحسب رد وزارة المعارف الذي نشرته "هآرتس" في (11/4) جاء " ان المدارس بما فيها المدارس العربية، عليها أن تعمل وفق القانون وتعليمات الوزارة. يوم الأرض لا يعتبر من أيام العطل الثابتة من قبل وزارة المعارف، والوزارة أصدرت تعليماتها عشية يوم الأرض بأن التعليم يسير كالمعتاد في هذا اليوم." وهكذا يتعين على لجنة المتابعة العليا ولجنة ومتابعة قضايا التعليم العربي، أن يعلموا وزارة المعارف بما أنها تجهل أن يوم الأرض هو يوم كفاحي للجماهير العربية، وليس عيدا وفي كل عام يتقرر اذا يقام اضراب أو لا، عليهم أن يتقدموا بطلب رسمي من وزارة المعارف لشمل يوم الأرض في أيام العطل الرسمية للمدارس؟ لكن وزارة المعارف لا تعترف إلا بأيام الأعياد، وهنا ستقع هيئاتنا في إحراج فهل تعتبر "يوم الأرض" يوم عيد أم يوم كفاح وذكرى وطنية؟ واذا تنازلت واعتبرته عيدا، فوزارة المعارف لا تعترف إلا بالأعياد الدينية للطوائف المختلفة، وبما أنها وجريا على سياسة والدتها الحكومة، فانها لا تعترف بوجود "طائفة عربية" انما طوائف، فعلى لجنة المتابعة أن تتحول الى مذهب ديني وعندها يحق لها المطالبة بعيد لها، ممكن أن تسميه عيد الأرض وليس يوما، واذا اعترضت الوزارة ممكن أن تنسبه الى رئيسها أبو فيصل وتسمي العيد "عيد محمد زيدان"، أو تتبنى اقتراح شمعون بيرس "الشرق الأوسطي الجديد" بتسمية العيد "عيد الانسان"، كما قاله في لغته العبرية من "يوم أداماة" الى "يوم أدام".
 
عندها يمكن أن تصادق وزارة المعارف على اعتبار "يوم الأرض" عيدا رسميا وثابتا في سجلاتها، طبعا بعد افراغ هذا اليوم من مضمونه وتشويه رسالته، وبالتالي يرتاح معلمونا من وجع الراس والقلق على رواتبهم ويعيشون بأمان في ظل وزارة المعارف "الجبانة".