[x] اغلاق
الانتماء بين الرياء والوفاء
6/5/2011 11:48

 

الانتماء بين الرياء والوفاء
زياد شليوط
بين وقت وآخر يطفو موضوع الانتماء الى سطح أفكارنا ونقاشاتنا. وللانتماء صور وأشكال وتعريفات لكن "الانتماء Belongingness بمفهومه البسيط يعني الارتباط والانسجام والإيمان مع المنتمي إليه وبه، وعندما يفتقد الانتماء لذلك فهذا يعني أن به خللاً ومع هذا الخلل تسقط صفة الانتماء." ولهذا نشأت وتكونت انتماءات متعددة منها الدينية ومنها السياسية، منها الاجتماعية ومنها الاقتصادية، منها الأدبية ومنها الفكرية. كما ولدت معنا انتماءات بفعل الوراثة والولادة والتي تعود الى أصول قومية ودينية، أو تكونت لدينا انتماءات بفعل الاختيار الشخصي والتجربة والخبرة الحياتية ودرجة الوعي أو النكوص الوعيوي.
واذا عدنا الى التعريف البسيط للانتماء والذي أوردناه في بداية المقالة، نجد أن الحيوانات ويمكن القول كل الكائنات الحية (بما فيها النباتات) تحتاج الى الانتماء وتسعى اليه بهذه الصورة أو تلك. فالحيوانات لديها انتماء قوي، حيث ترى كل جماعة وفصيل تتضامن معا وتحيا معا، تأكل معا وتحارب معا. وكذلك النباتات من أشجار وأزهار وخضراوات تجدها متقاربة، تنبت معا وتعيش معا، وحتى الأعشاب البرية فانها تعيش في بيئة مشتركة، وكأنها تقول إنها تنتمي لبعضها البعض أو للمكان الذي تنمو فيه. فاذا كانت الكائنات الحية غير العاقلة بحاجة الى انتماء، وتعيش الانتماء فكم بالحري الكائنات الحية العاقلة وحاجتها للانتماء، واذا ما تخلت عن الانتماء فان خللا تعاني منه سيؤدي بها الى الانعزال ومن ثم الاختفاء والسقوط مثل أوراق الخريف.
وغريب أمرنا نحن البشر. بدل أن نفهم الأمور بالسماحة نلجأ الى التعامل مع مفاهيم الحياة بضيق أفق وجاهلية فكرية. وبدل ان نفهم الانتماء أنه ارتباط وانسجام وايمان وعطاء، نفهمه على أنه تعصب وتقوقع وانحلال وعداء.
فانظر الى حالنا في الانتخابات أو حال احزابنا وجمهورها. جميل ان يختار كل شخص عقيدته السياسية وينتمي لها وللحزب الذي يعكس أفكارها. لكن عندما يصل الانتماء درجة التعصب الأعمى عندها يتحول الانتماء الى عصبية قبلية، تعمي الأبصار والأفكار، فلا يرى عضو الحزب بالحزب الآخر إلا كل أسود وسيء وسلبي بدل ان يرى الخير والايجابي والمشترك. وكذلك في علاقاتنا السياسية، فالمرشح للمجلس المحلي يرفع شعارات الانتماء والعطاء والمحبة قبل الانتخابات. أما بعدها فالذي يفوز بالكرسي يتحول انتماؤه للكرسي ولا يرى أبعد من مصلحة الكرسي وكيفية الحفاظ عليه، وكأنه الهدف والأصل والمبدأ وليس الوسيلة. وبالمقابل من يخسر الكرسي يعمد الى اقتناص الفرص وتصبح المناكفة هي الانتماء.
والانتماء الذي يمكن لنا ان نتحاور به هو الانتماء للبلد الواحد. كيف يكون ذلك وما هي مقاييسه. الانتماء للبلد هو انتماء للبيت، أي للعائلة، أي للأصل للجذور. وهذا الانتماء أول ما يحتاج اليه هو الحب والاخلاص والتفاني والمشاركة، قبل ان يحتاج للتصريحات والشعارات والأناشيد والألوان. والانتماء للبلد ليس بحاجة لنظريات وفلسفات وتأويلات، بل يحتاج للايمان والانسجام والعطاء. الانتماء للبلد لا يتعلق بهوية الحاكم أو عقيدة الآخر، بل بهوية التراب وعقيدة الصخور. الانتماء للبلد لا يكون في الانعزال عنه ترفعا وتكبرا ومللا، بل يكون في احتضان ضعفه ووهنه وتضميد جراحه. الانتماء لا يكون في الهروب من آلامه ومشاكله والعزوف عن الاقامة فيه، بل يكون بالتمسك به واللعب على عشبه واستنشاق هوائه. الانتماء للبلد لا يكون بالاقامة فيه مرغما والعيش فيه مكرها وشتمه مفاخرا، بل يكون بالاقامة فيه رغبة والعيش فيه حبا ومدحه فخرا.
انتمائي لبلدي لا تفرضه علي الظروف الخارجية والأهواء الآنية والمصالح الفردية، انما انتمائي لبلدي ينبع من قناعة داخلية وايمان مطلق واختيار واع. انتمائي لبلدي لا يكون ارضاء لأحد مهما كان وأيا كان، بل ارضاء لذاتي المنسجمة مع ذوات الآخرين، اخوتي أبناء بلدي.
 
  
1
.
معين ابوعبيد
6/5/2011
عزيزي زياد تحياتي عنوان كبير وواسع تعبيرك عن حال واقعنا سليم وصادف وهذا هو حال مجتمعنا زاويتي رماح تتفق مع ما كتبت