[x] اغلاق
همسات شفاعمرية
27/5/2011 11:07

 

همسات شفاعمرية

زايد خنيفس

 

زهير بسيسي وعطا طوافشي والوداع الازرق

 

لا أعرف زهير شخصيا بل اعرف والده المرحوم سبع وعمه وأشقاءه، فنحن حارة واحدة في بلد واحد. وفي الساعات الاولى لحادث فقدان زهير كانت شفاعمرو كلها على موعد واحد وصلاة واحدة، أن يكون المفقود حيا وبعد أن نجح زميله في الصيد وصديقه في الحياة عطا طوافشي مصارعة الموت المحتوم، ونجاته في اللحظات الأخيرة وتمسك أيادي الموج العالية جسد زهير محاولة اختطافه من وجه السماء لمرايا البحر البعيدة.. التقيت شخصيا في اليوم الثاني مع العائلة على شاطئ "الكيشون" هناك سقط "جبل المحامل" كما وصفه شقيقه وليد بل قال عنه كان فرحتنا واساس بيتنا. وبكى الاشقاء على الشاطئ في هذه الكلمات احمرار العيون التي لم تنم ساعات طويلة. شاهدت بأم عيني مشاهد الغوص والبحث بين الموج والصخور والامل الخارج من عيون من وقفوا مقابل البحر، لعل زهير يعود وقد لفظته قليلا بل بعيدا امواج البحر الناعمة احيانا والقاسية احيانا أخرى..

مرت ستة أيام للوداع الازرق الاخير بين زهير وعطا، فمرت ساعات طويلة في حياة عائلة وأطفال وأمهات انتظروا عودة فارسهم من سفرته، فعاد اخيرا راسما وجه الله على وجهه وامتداد جسده سالما مسلما ذاكرة محفورة لا تمحوها شواطئ حيفا ولا مرايا البحار.

 

قوارب الإنقاذ واصالة ابن البلد

 

عندما كانت عائلة بسيسي تستقبل في بيتها العشرات بل المئات من أهل المدينة للأطمئنان على ابنهم، كان العديد من أبناء المدينة في قوارب بحث يبحثون عن ابنهم زهير. وفي المشهدين السابقين كانت شفاعمرو تعبر عن حقيقة أصالتها فلا تعرف الذهب الا اذا قشرت وجهه، ولا تعرف وجه المدينة حقيقتها الا بأيام الشدة والحساب. وعندما كان الغواصون في عمق البحر وبقاء بعضهم على ظهر القارب ينظرون في كل الاتجاهات ولا ينسون صلاتهم وينظرون تارة إلى السماء وتارة إلى قلب البحر وانحناء الموج، لعل صيادهم جالسا في احدى الزوايا فألف وردة لمن لبس ملابس الإنقاذ وسار بقاربه نحو البحر للبحث عن ابن بلده فهكذا أن نكون وغير ذلك لا نكون..