[x] اغلاق
إقصاء الفجر وأبناء شفاعمرو والمعركة على وجه شفاعمرو
12/6/2011 23:07

إقصاء "الفجر" و"أبناء شفاعمرو" والمعركة على وجه شفاعمرو

 

مهدي سعد

 

شكلت جلسة المجلس البلدي الأخيرة والتي تم فيها إقصاء قائمتي "الفجر" و"أبناء شفاعمرو في الاتجاه الصحيح" من الائتلاف نقطة تحول مفصلية في المشهد السياسي الشفاعمري كانت متوقعة على ضوء استفحال الخلافات بين رئيس البلدية وإدارته من جهة والقائمتين المقصيتين من جهة أخرى. في هذه الخطوة الجريئة والشجاعة التي أقدم عليها رئيس البلدية ناهض خازم عزز من تماسك واستقرار ائتلافه بالرغم من خسارة أربعة أعضاء سينتقلون إلى صفوف المعارضة الفعلية بعد أن مارسوا دورهم كمعارضة من داخل الائتلاف. والأهم من ذلك هو ما يمثله هذا القرار من دلالة رمزية على طريق استعادة اللحمة الشفاعمرية التي عملت قائمة "الفجر" على تمزيقها من أجل تمرير مشروعها الأصولي الذي يهدف إلى تدمير النسيج الاجتماعي الشفاعمري من خلال فرض غلبة لطائفة معينة على الطوائف الأخرى.

 

في أعقاب قرار الإقصاء انفلت إعلام الفجر في تحريضه الطائفي المعهود زاعمًا أن ما حدث هو "إخراج للتمثيل الإسلامي من الائتلاف"، وكأن تمثيل الطائفة الإسلامية هو حكر وطابو على هاتين القائمتين اللتين شكلتا عبئًا على إدارة البلدية ولم تلتزما بقراراتها. والأنكى من ذلك هو العزف على اسطوانة "الرئيس غير الشرعي" بحجة أن "ائتلافه بات لا يمثل الغالبية العظمى من مواطني شفاعمرو البالغة نسبتهم أكثر من 65%"، وهو حديث أعاد إلى ذهني الهجمة المسعورة التي تعرض لها رئيس الوزراء اللبناني السابق فؤاد السنيورة بعد استقالة الوزراء الشيعة من حكومته الأولى، فحينها نعتت حكومته بالغير شرعية والغير دستورية والغير ميثاقية مع أنها كانت تحظى بثقة غالبية أعضاء مجلس النواب. أعتقد أن الزعم بأن رئيس البلدية غير شرعي هو كلام غير مسؤول ولا يستند إلى منطق سياسي سليم، إذ أنه انتخب بصورة ديمقراطية وحصل على أصوات الغالبية الساحقة من الشفاعمريين، وإقصاء قائمتين من الائتلاف لا يغير من هذه الحقيقة شيئًا خصوصًا أن الرئيس ما زال ينال دعم الأغلبية من أعضاء البلدية.

 

وكان لافتًا ما نال "الجبهة" من نصيب وافر من نقد الإعلام الفجراوي الذي وصف تصويت أعضاء كتلتها إلى جانب القرار بـ "التوجه المتخاذل" وأنهم "أثبتوا عدم اختلافهم عن الصف الطائفي الذي وقف كتلة واحدة ضد القائمتين الإسلاميتين". وفي الحقيقة إن "الجبهة" أثبتت بذلك حرصها على مصلحة البلد العليا وعدم مساومتها على وحدة الشفاعمريين وتصديها الشرس لكافة أشكال التعصب الطائفي والأصولية الدينية والنهج العنصري التي تتميز بهم قائمة "الفجر" وإعلامها البائس.

 

وفي العودة إلى تركيبة المجلس البلدي الجديدة فإننا نلاحظ تقلص أعضاء الائتلاف من 13 إلى 9 يمثلون 5 قوائم هي: الجبهة (عضوان)، وحدة شفاعمرو (عضوان)، الأخوة (عضوان)، الشباب (عضو واحد)، العين الساهرة (عضو واحد)، بالإضافة إلى رئيس البلدية. معنى ذلك أن الرئيس بات يملك أكثرية طفيفة بعد أن كان يملك أكثرية مطلقة، لكنه آثر المجازفة حرصًا منه على وحدة الائتلاف وتناغم أعضائه والتزامهم باتخاذ القرارات بالإجماع. في المقابل ازداد أعضاء المعارضة من 3 إلى 7 يمثلون 4 قوائم هي: التحالف الوطني الديمقراطي (عضو واحد)، الإصلاح والتجديد (عضوان)، الفجر (عضوان)، أبناء شفاعمرو (عضوان). والنتيجة الطبيعية لتوسيع صفوف المعارضة هي تعاظم قدرتها على المراوغة ووضع العراقيل أمام الرئيس لتمرير قراراته.

 

لا شك أننا أصبحنا أمام فرز سياسي جديد سيطبع ملامح المرحلة المقبلة وسيترك أثره على طبيعة الاسطفافات والتحالفات في الانتخابات البلدية القادمة. وبات واضحًا على أن المعركة ستكون على أي وجه لشفاعمرو نريد، وفي الأفق خياران لا ثالث لهما: شفاعمرو مدينة عربية فلسطينية وقلعة وطنية شامخة متميزة بتعدديتها وتنوعها وانفتاحها على الآخر، أو شفاعمرو مدينة فجراوية أصولية ووكرًا ظلاميًا حالكًا مصبوغًا بالتعصب والتطرف والانغلاق على الآخر.

 

إلى ذلك الحين علينا تكثيف المشاريع الوحدوية وتشجيع المبادرات الشبابية التي تساهم في تعزيز التقارب بين أبناء البلد الواحد وتمتين أواصر العيش المشترك بين كافة شرائح المجتمع الشفاعمري، وعلى قسم الثقافة والفنون في البلدية الاستمرار في عقد الندوات الفكرية والأمسيات الأدبية التي تلعب دورًا كبيرًا في نشر التوجه الوطني التقدمي والقيم الإنسانية النبيلة. وبتنفيذ هذه الأفكار وتطبيقها على نطاق واسع سوف نتمكن من السير قدمًا وبخطى ثابتة نحو إسقاط الخيار الفجراوي الأصولي وتثبيت الخيار الوطني التعددي.

 

(شفاعمرو)

 

Mahde_saad@walla.com