[x] اغلاق
ما هكذا توردُ الإبل يا قومُ...!
1/7/2011 12:01

 

ما هكذا توردُ الإبل يا قومُ...!

بقلم: نبيل الياس خوريّة

لزوم ما يلزم...

من الضروري التّنويه بادئ ذي بدء، أنّني وإن كنتُ أخوضُ قضية حسّاسة في هذه المقالة، تهُمُّ فئةً بعينها من سكّان هذه البلدة، فإنّني بعيدٌ كلّ البُعد عن الإكليروس ورجال الدّين. فلا يظُنُّ بي أحدٌ الظّنون، ولا يتّهمنّني أحدٌ بأنّني أناصرُ فئةً دون أخرى. 

فأنا أنتمي إلى مدرسةٍ وفكرٍ علمانيّ إنسانيّ لا يلعبُ فيه انتماءُ الشّخص الدّيني، الإثنيّ أو القوميّ أيّ دور. فالإنسان في نظري هو إنسان في كُلّ زمانٍ ومكان، وما يميّزهُ هو إنجازاته وما يحقّقه في خدمة مجتمعه والإنسانيّة.

ففي عُرفي: "النّاسُ سواسيَةٌ كأسنانِ المِشط"".

وإلى صُلب الموضوع...

 إنّما حثّني على خطِّ هذه المقالة والخوضِ في غمارِ قضية تشغلُ بال قطاعٍ كبير من هذا المجتمع، بيانٌ ظهرَ في صحيفة "السّلام"، الصادرة يوم الجمعة، 17/6/2011، ممهورٌ بتوقيعِ ما سُميَ لجنة أولياء الأمور وأمناء البناء، في المدرسة الأسقفيّة الكاثوليكيّة، بيانٌ يزخرُ بالعبارات التي يندى لها الجبين، موجّهة إلى سيادة المطران الياس شقّور، راعي هذه الأبرشيّة، وكذلك الذي استفزّني ودفعني إلى الخروج عن صمتي، وكان بمثابة القشّة التي قصمت ظهر البعير، هو صوَر وشعارات التّظاهرة التي قام بها نفرٌ قبل أسبوعين في حفل التخرّج لطلاب الثّواني عشر، في المدرسة الأسقفيّة الكاثوليكية، أمام مبنى قاعة عوّادية في شفاعمرو، والتي لسوءِ حظّ منظّمي هذه التّظاهرة، لم يشارك سيادته في حفل التخرّج لأسبابٍ خاصّة به، ولم تُصِب أهدافها المنشودة، كما أرادها منظّموها.

في نظرةٍ خاطفة لمواقع الشبكة العنكبوتيّة، الإنترنت، للشعارات التي رُفعَت في هذه التظاهرة، وماهيّة هذه الشعارات. فإنّني أصبتُ حقيقةً بصدمٍةٍ كبرى، وخلتُ أنّ منظّميها قد اختلط عليهم الأمر، فظنّوا أن ضيف الشّرف في هذا الاحتفال، هو بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة هذه البلاد، أو ربّما أفيغدور ليبرمان، وزير خارجيته العنصري الفاشي، وليس المطران بعينه.

فهل المطران صاحب البّاع الطولى والمسؤول عن سياسة الاضطهاد القومي، التمييز العنصري ومصادرة الأراضي، وترحيل أهالي قريتَي إقرث وكفر برعم، ومنع عودتهم إليهما؟!! وهل هو الذي يسنّ القوانين العنصريّة ضد العرب بمختلف طوائفهم في هذه البلاد؟! حتّى يُرفع شعار ضده مثل: "لا تشريد ولا تهديد، عن مدارسنا ما منحيد"، أو مثلاً: "إرحل عنّا يا مطران إحنا بدونك في أمان"، أو شعارٌ آخر لا أخلاقي، ويمُس كرامة الغالبية العظمى من مسيحيي هذه البلاد، مثل: "يأتيكم بلباس الحَمَل، لكن بداخله ذئبٌ خاطف".

وهل ظَنّ منظّمو التّظاهرة والقائمون عليها أن ضيف الشّرف هو مثلاً، الطّاغية العقيد معمّر القذّافي، فاختلط عليهم الأمر، فرفعوا شعارًا مثل: "عراسو تاج لابس وعمبحرق الأخضر واليابس"، أو شعارٌ آخر: "ارحل... ارحل... ارحل".

أنا لن أناقش في هذه الأسطُر القليلة، قضية الخلاف حول إدارة شؤون المدارس والأوقاف، فهذا موضوع آخر، وليس لي في هذا المقام أي غايةٍ للخوض فيه. قد يكون الإخوة الذين هم في خلاف مع سيادته على حق في ما بعض ما يرمون إليه ويطرحونه، وهُم قد وصلوا معه إلى طريقٍ مسدود، ولكنّني أقول لهُم، ما أجابه السّيد المسيح حين جاءه نفر من الفريسيين وأرادوا إيقاعه في فخِّ معاداة روما، وذلك عندما سألوه هل ندفع الجزية لقيصر؟ فقال لهُم: "أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله".

دروس من التاريخ وعِبَر من الماضي التّليد

ما زال للدين في هذا الشّرق صولةٌ وجَولة، ولرجالاته مكانةٌ وهيبة... فالمطران إذًا هو أعلى هيئة دينيّة في هذه البلاد، وهو رأس الطّائفة المسيحية، رمزها، عنوانها ووجهها أمام السّلطات الدنيوية المحليّة والدوليّة، والمسُّ به بهذا الشكل الدنيء، هو مس بشرفاءِ هذه الطّائفة وأبنائها المخلصين، هو أيضًا مس خطيرٌ بسمعة شفاعمرو واسمها، وهو في نهاية الأمر مس بهذه المؤسّسة الأسقفيّة التي شغل كُرسيّها أفذاذ الرّجال، مثل المطران غريغوريوس حجّار، الذي أدّى دورًا وطنيًا كبيرًا في تاريخ هذه البلاد، أيّام الانتداب البريطاني على فلسطين، وسُمّي بحق بـ"مطران العرب"، لأنّه خدمَ قضية العرب الأولى (فلسطين) ودافع عنها حتّى الرّمق الأخير.

فهل نسي هذا الجيل أو تناسى ما كان يردّده الشفاعمريون في أعراسهم، وفي صفوف "السحجة" بالذات من الحداء والذي ما زال صداها يتردّد في المكان رغم مرور عقود من الزّمن: "فليحيا ذِكر الحجّار اللي بنى هاي الدّار".

لم تُدعَ شفاعمرو صدفةً بـ"روميّة الصّغرى"، فهي كانت وما زالت "حصينة وفي الدنيا نوّارة"، قلعة وطنية رجالها شُمٌّ ميامين، إلى جانب شعبها لا بل في الطّليعة، فلماذا تريدون تشويه اسمها بهذا الشّكل الوضيع، وكأنها معادية للمؤسّسة الأسقفيّة، وبهذا تستجلبون أحقادًا وكراهية نحن في غنى عنها.

قد يختلف الرّجال في الرّأي ولكن هذا الخلاف يجب أن يبقى في إطارٍ من الاحترام المتبادل بعيدًا عن التجريح والمس بكرامة أي طرف، "فخلاف الرّاي لا يُفسد للودّ قضيّة". عودوا إلى التاريخ البعيد والقريب لهذه البلدة، يا من تدّعون الذود عن حماها وعن مصلحة الطّائفة، كان الرّاحل جبّور يوسف جبّور رجل شفاعمرو الأول وحادي مسيرتها الوطنيّة لعقودٍ طويلة خلت، في خلاف بالرأي مع المطران جوارجيوس حكيم، حول بعض الشؤون العامة، وبلَغ الخلاف ذروته في قضية بناء المستشفى، الذي حوّله المطران إلى مدرسةٍ ثانوية تمّ تأجيرها لوزارة المعارف والبلديّة، وكذلك اختلف مع خلفه المطران يوسف ريّا، ولكن من يراجع الوثائق التاريخيّة لسنوات الستّينيات من القرن الماضي، وخاصةً أعداد مجلّة الرّابطة الغرّاء لسان حال الأبرشية العكّاوية، والأدبيّات التي نشرها الأستاذ الياس جبّور جبّور وغيرها، لا يجِد أي مَس أو تجريح لشخص الأساقفة الأجلاّء من أي طرفٍ كان، فالرّجال الرّجال وإن اختلفوا بالرّأي يبقى الاحترام المتبادل بينهم هو سيّد الموقف.

وختامًا أناشد الإخوة الذين يقودون مسيرة الحقد وزرع بذور الكراهية هذه أن يجنحوا إلى جادة الصّواب، وأن يرعووا عن غيّهم، فلكل عقدةٍ حلاّل وكل مشكلةٍ تُحَلُّ بالطرق الحضارية والتفاهم والحوار البنّاء، فهناك العديد من القنوات والأدوات الهادئة، وبدون هذا الضّجيج للوصول إلى ما يصبو إليه الجميع، وليس من الحكمة، نشر الغسيل الوسخ على الملأ، وأختتم مقالتي هذه بالآية الكريمة: "فأمّا الزَّبَدُ فيذهبُ جفاءً، وأمّا ما ينفع النّاس يمكثُ في الأرض"

أللهم هل بلّغت، ألّلهُمّ فاشهد

 

1
.
hgj,
1/7/2011
קולו של הרוב בשקט הבעיה שהם קבוצה קטנה וצעירה שאין להם אבא והמבין יבין ???? יש אנטרסים אישיים בבקשה פרסם
2
.
هعغفق
3/7/2011
إضافة تعليق مقال فى الصميم -يحتاج الى جراة-يحث الجميع لنبذ مثل هذة التصرفات الغير محترمة
3
.
رندة بحوث شمشوم
4/7/2011
كل الاحترام يا استاذ نبيل كلماتك مؤثرة جداان خوف وقلق اهالي شفاعمرو على مصلحةاولادهم حق وواجب وان دل على فيدل على نبل وشهامة ومن يتحلى بهذه الصفات الحميدةلا يحقد بهذاالشكل ان المطر يحفر الصخر ليس بالعنف بل بالتكرارلاتحكموا ان سيدنا على يقين بانه اذا اخطا معكم بقصد ان عند الله له حساب عسير لذلك اقول لكم العاقل منا يتعلم من تجاربه والغافل منا يكرر اخطا ئهانتم يااهل بلدي الكرام اصحاب حق فلا تضيعوا حقكم بهذه التصرفات التي لاتناسب اي فرد منكم