[x] اغلاق
متابعات ومفارقات يكتبها: زياد شليوط
15/7/2011 12:02

 

متابعات ومفارقات يكتبها: زياد شليوط

 

عاملونا مثل ما تعاملون مقابركم

 

صدف وأن سافرت للشمال في نهاية الأسبوع الماضي، مرورا بقرية كفرياسيف فمفرق الكابري، وبينهما طالعتنا لافتات عديدة وكبيرة تشير الى موقع مقبرة نهاريا، وتأملت في ذلك المنظر حيث رأيت عشرات الدونمات قد اقتطعت، بالتأكيد من أراضي العرب حتى لو كانت من أراضي "الدولة" رسميا. شاهدت التخطيط والشوارع والمداخل، وفي الواجهة مبنى حديث وجميل، فانتبه مرافقي سائق السيارة أني انشغلت عنه، فسألني فجأة عن المبنى الجديد: ما هذا أهو قاعة أو متنزه؟ فأجبته لا هذه ولا ذاك، انها المقبرة الجديدة لأهالي نهاريا! وتابعنا سيرنا وبعد مفرق الكابري طالعتنا اللافتات من جديد لتشير الى المقبرة.

أردت تكذيب ما تراه عيناي، هل تولي السلطات كل تلك العناية بمقبرة، لتحيطها بلافتات كبيرة من كل اتجاه، وتشق لها الطرق والمداخل، وتضع التخطيطات الداخلية وكأنك داخل الى منتزه أحياء وليس مقبرة أموات. وعدت بذاكرتي الحديثة الى المقبرة التي أقيمت قبل سنوات بالقرب من شفاعمرو (منطقة الناعمة) لكريات آتا، وهناك المقبرة الجديدة التي أقيمت بين ابطن وقرية الخوالد على الشارع الرئيسي حيفا- شفاعمرو، وكل من يمر من هناك يشاهد الأناقة والجمال والترتيب التي تحيط بالمقبرة والمدخل الفاخر لها والبنايات الأنيقة في داخلها.

وأخذت أقارن بين تلك المقابر وقرانا. فأين مداخل قرانا من مداخل المقابر؟ وأين اللافتات التي تشير الى قرانا من اللافتات التي تشير الى المقابر؟ أين التخطيط والشوارع والورود في قرانا من التي نراها في المقابر؟ وبعد ذلك يقولون انا نعيش في مساواة تامة! وأردت ان اصرخ بالله عليكم، أرجوكم أن تساووا قرانا بمقابركم، عاملوا أحياءنا كأمواتكم، اجعلوا مداخل قرانا كمداخل مقابركم، بربكم حققوا لنا المساواة مع مقابركم؟ أكثير علينا أن نطالب بذلك؟

 

حفلات تكريم أم تأبين

وقع شاعرنا الشفاعمري الصديق نزيه حسون بهفوة كلامية حين شكر الذين حضروا حفل تكريمه الذي أقيم في الأسبوع الفائت في شفاعمرو، حين نعت الحفل سهوا بحفل "تأبين". لكن تلك الهفوة وان لم تكن مقصودة فقد فتحت مجالا للتفكير بمضمون وبرنامج حفل التكريم المذكور وأشباهه. أولا نتمنى للصديق نزيه حسون وسائر الناس العمر الطويل، ثانيا ربما ذلك يدعونا للتفكير مجددا بجدوى حفلات التكريم للأدباء الأحياء والعودة الى تكريم الأموات فقط، كما جرت العادة ونالت قسطا كبيرا من النقد، فتحول التكريم الى الأحياء ويا ليته ما تحول؟

إن كانت المناسبة للحديث عن الموضوع حفل تكريم الصديق الشاعر نزيه حسون، لكن الرسالة لا تقتصر على هذا الاحتفال انما لكل حفل تكريم مشابه.

ليعذرني الصديق نزيه ومن يقرأ هذا الكلام ومن حضر حفل التكريم أن اقول أنني فعلا شعرت في بعض الأوقات خلال حفل التكريم أنه أشبه بحفل تأبين! معظم فقرات البرنامج سادها الوجوم، وعندما كنت أنظر الى الجالسين على المنصة (ربما 15 شخصا) وهم صامتون، شاردو النظر والذهن، مقطبو الجبين، مطرقون كأنهم في حفل تأبين، رغم بعض اللحظات التي ضحك فيها الجمهور لكلمة الشاعر تركي عامر مثلا، أو فرجت الأسارير مع زجل الشاعر نجيب سجيم. ومع أن أكثر من متكلم حرص على نعت المحتفى به أنه عريس هذا "العرس"، حقيقة لم أشعر بعرس، فقد حضر العريس لكن غابت مظاهر العرس؟ كيف يكون عرس وتغيب عنه مظاهر الفرح والسرور؟ حتى عريف الحفل تجنب القفشات التي يجيدها والتزم الجدية. أين قهقهات شاعرنا التي غابت ليحل وجهه المتجهم وكلماته النارية التي أعادتنا الى نزيه السبعينات والثمانينات من القرن الماضي؟ أين الحضور الذي جاء ليفرح مع نزيه؟ وكيف نحرم من سماع زجلية مغناة، بينما نستمتع بكلام إباحي عن المرأة وجمال عريها؟ هل كان صديقك المرحوم زهير مروشي يرضى بهذا يا نزيه؟ هل كان يرضى بأقل من جولة من الضحك الصادق مع تغريد الحسون الجميل، كما حدث يوم الاحتفال بعرسك الحقيقي يوم زفافك؟!