[x] اغلاق
من ثورة 23 يوليو الى ثورة 25 يناير
22/7/2011 12:51

 

من ثورة 23 يوليو الى ثورة 25 يناير

زياد شليوط

"إن يوم الثالث والعشرين من يوليو 1952 كان بداية مرحلة جديدة ومجيدة في تاريخ النضال المتواصل للشعب العربي في مصر. إن هذا الشعب، في ذلك اليوم المجيد، بدأ تجربة ثورية رائدة في جميع المجالات، وسط ظروف متناهية في صعوبتها وظلامها وأخطارها. وتمكن هذا الشعب بصدقه الثوري، وبارادة الثورة العنيدة فيه، أن يغير حياته تغييرا أساسيا وعميقا في اتجاه آماله الإنسانية الواسعة." هذه الكلمات قالها القائد الخالد جمال عبد الناصر في مقدمة "الميثاق" الذي قدمه لشعبه العربي في مصر، والذي رسم فيه مسار ثورة 23 يوليو، ثورة الضباط الأحرار في مصر عام 1952، واذا ما عدلنا تاريخ الثورة الى 25 يناير 2011 لوجدنا أن تلك الكلمات تعبر أصدق تعبير عن حال الثورة الجديدة، لكن ما زلنا نأمل من الشعب المصري الشقيق أن ينجح في تغيير حياته "تغييرا أساسيا وعميقا" وأن يتجاوز خلافات الرأي الى ما فيه خير الشعب المصري و"آماله الإنسانية الواسعة."

 كما تحدث عميد الأدب العربي، طه حسين عن إرادة مصر وعزمها على الفعل والتغيير، يوم حققت عبر قواتها المسلحة ثورة 23 يوليو، التي قلبت النظام وأحدثت تغييرات ثورية لم تشهد لها مصر مثيلا من قبل، حين قال "وكذلك عرف الشرق والغرب أن مصر قادرة على أن تريد فتفعل لا يصدها عن الإرادة  خوف ولا حذر ولا تردد." وحديث طه حسين عن ثورة 23 يوليو 1952 يكاد ينطبق حرفيا على ما فعله الشعب المصري في ثورة 25 يناير 2011 بعد 59 عاما على الثورة الأولى.

أول انجاز لثورة 23 يوليو على أرض الواقع كان التخلص من النظام الملكي الذي يعتمد على الوراثة في الحكم، بالغائه واقصاء الملك عن عرشه وطرده خارج البلاد، واعلان الجمهورية وتغيير النظام. وأول انجاز لثورة 25 يناير كان التخلص من نظام حسني مبارك، وكان هذا أفضل ما فعلته الثورة للشعب، بنظر طه حسين حيث " أراحته من هذا النظام السخيف نظام الملك الموروث الذي لا يعتمد على أصل من حق أو عدل أو دين".

ثورة 23 يوليو جاءت بارادة شعبية نفذها تنظيم "الضباط الأحرار" في الجيش المصري، بينما جاءت ثورة 25 يناير بارادة شعبية نفذها الشعب، وهي تتعرض لخطر الاجهاض على انجازها التاريخي، كما تعرضت الثورة الأولى، لكن ثورة 23 يوليو كانت محصنة بمجلس قيادي عسكري وطني، بينما المجلس العسكري الحالي هو وليد النظام السابق حتى وان كان بعيدا عن السياسة. ثورة 23 يوليو أوقفت عمل الأحزاب التي كانت غارقة في الفساد وفي الحكم الملكي الأسبق. أما ثورة 25 يناير أيقظت الأحزاب وفلق الأحزاب من سباتها وبات عددها يقلق ويشكل عائقا أمام تحقيق مطالب الثورة.

ورغم كل الارهاصات يمكن النظر الى ثورة 25 يناير على أنها فعلا حركة تصحيحية لثورة 23 يوليو، وليس انقلابا عليها كما فعل السادات بحركته من 15 مايو 1971، وليس كما فعل مبارك بانقلابه على كل منجزات ثورة 23 يوليو، بحيث لم يعد يربط السادات ومبارك بثورة 23 يوليو إلا اسمها، بينما ثورة 25 يناير لها جذور ومطالب مشتركة مع ثورة 23 يوليو، وأهم ما يمكن لها ان تنفذه، هو النقطة السادسة من نقاط الثورة الأم، وهي اقامة حياة ديمقراطية سليمة، تلك النقطة التي لم يتمكن عبد الناصر من تحقيقها خلال سنوات حكمه القصيرة والملأى بالتحديات والمواجهات الداخلية والخارجية، بينما كانت ضمن برنامجه وبرنامج الثورة. واليوم الفرصة مواتية لثورة 25 يناير لاغلاق الدائرة وإكمال مسيرة 23 يوليو. واننا بانتظار المستقبل القريب.