[x] اغلاق
إلى متى تتكرر الاهانات الاسرائيلية بحق الرموز الدينية؟!
8/9/2011 22:11

 

إلى متى تتكرر الاهانات الاسرائيلية بحق الرموز الدينية؟!

زياد شليوط

أرسل لي أحد الأصدقاء هذا الأسبوع عبر البريد الألكتروني، مقطعا بثته القناة الثانية الاسرائيلية، في أحد برامجها الساخرة، يقوم فيه ممثل مبتديء بأداء شخصية البابا بندكتوس السادس عشر، بشكل ساخر ومهين وقميء، ليس لشخصية البابا فحسب، والذي يعتبر نائب السيد المسيح على الأرض بنظر الكنيسة الكاثوليكية وأتباعها في جميع أنحاء العالم. انما وصلت الاهانة لرمز الديانة المسيحية وهو الصليب المقدس، كما طال المسلمون أيضا جانبا من تلك الاهانة حيث ذكرهم الممثل بشكل ساخر وبمستوى دنيء.

ليست هذه هي المرة الأولى التي تقوم بها قنوات التلفزيون الاسرائيلي ببث مقاطع كهذه، تحمل إهانة لرموز الديانة المسيحية والاسلامية، حيث سبق وسخروا من سيدة الطهر والعفاف مريم العذراء المقدسة لدى الديانتين، ومن شخصيات دينية على مستوى عال ورفيع. واضطر القائمون على تلك البرامج الى تقديم الاعتذار الى المؤمنين ورؤساء الديانات على اساءاتهم المسيئة لهم قبل غيرهم.

ورغم ذلك، وبدل أن يتوقف مسلسل الاهانات والسخريات هذا، نرى أن القائمين على البرامج والمسؤولين في القنوات التلفزيونية الاسرائيلية يواصلون نهجهم وكأن شيئا لم يكن. ويبدون سخرية واستخفافا بالجهات التي يوجهون لها تلك الاهانات. فهل الخطأ في من يقوم باعداد مثل هذه المشاهد، أم في ردود الفعل الخفيفة والموافقة على الحلول الوسط؟

ومن سخريات القدر أن يقدم هذا الأسبوع، مدير عام دائرة الأخبار في القناة العاشرة راودر بنزيمان، استقالته من وظيفته على خلفية بث القناة تقريرا اخباريا عن الملياردير شلدون أدلسون (كما جاء في صحيفة "هآرتس" يوم أمس)، على أن يبث التلفزيون أيضا رسالة اعتذار هذه الليلة، وذلك لأن الملياردير المذكور مقرب من رئيس الحكومة نتنياهو، وأفادت الصحيفة أن الأمر لن يقتصر على استقالة مدير الدائرة الاخبارية بل ممكن أن يؤدي الأمر الى استقالات أخرى منها معدة البرنامج ونائبها ومقدم البرنامج. وجاءت استقالة مدير الأخبار في أعقاب تهديد محامي الملياردير بتقديم دعوى قضائية ضد القناة اذا لم تعتذر عن الاساءة التي لحقت بموكلهم.

ان اهانة، أو نشر مغلوط عن ملياردير مقرب من رئيس الحكومة، اضطر مسؤولا كبيرا الى الاستقالة من محطة التلفزيون، أما اهانة رموز دينية لا يؤدي إلا إلى اعتذار عادي وعابر. واذا ما نظرنا الى اهانة البابا بعيدا عن كونه رمزا دينيا، بل باعتباره رئيس دولة الفاتيكان، التي تربطها علاقات رسمية مع دولة اسرائيل يجب أن يؤدي الى أزمة دبلوماسية بين الدولتين على أقل تقدير. ولنا في موقف تركيا الأخير من قضية الاعتذار عن استيلاء اسرائيل على إحدى سفنها وقتل مواطنين أتراك متضامنين مع أهالي غزة، عبرة عن كيفية تصرف دولة تبحث عن كرامتها ورد اعتبارها باعتذار صريح من قبل الدولة المسيئة والتي ارتكبت خطأ بحقها.

فهل سيقف الفاتيكان على حقه ويطالب اسرائيل بتقديم اعتذار علني ورسمي، على الاهانة التي لحقت برأسه قداسة البابا؟ أم سيقبل حجة اسرائيل بأن هذا يدخل في باب "حرية التعبير"، وأن من قام بهذا العمل قناة تلفزيونية تجارية؟ وكيف سيتماشى هذا الادعاء مع حقيقة استقالة مسؤول كبير في قناة تلفزيونية أخرى، لأنه بث تقريرا إخباريا وليس ساخرا، فيه معلومات وليس هراء، عن شخصية عادية وليس رمزا دينيا، فقط لأنه صديق نتنياهو وليس رمزا دينيا؟!