[x] اغلاق
جمال يستقبل نجله البكر خالد مرفوع الرأس
27/9/2011 11:14

في الذكرى الـ41 لرحيل عبد الناصر*

 

جمال يستقبل نجله البكر خالد مرفوع الرأس

زياد شليوط

والدنا جمال عبد الناصر،

افتح ذراعيك واسعا لاستقبال نجلك البكر خالد، لاستقبال شقيقنا.. لاستقبال أمير العروبة والقومية والشهامة.. الذي يأتيك حاملا بشائر النصر.. نصر أفكارك وأحلامك.. يأتيك قبل أسبوعين من موعد احتفالنا بذكرى رحيلك الواحدة والأربعين.. يأتيك وقد تخطى سنوات عمرك على الأرض بعشر سنين.

ها هو خالد يعانق والده بعد فراق طويل.. ودعه شابا يافعا دون أن يمنحه القدر سنوات وأيام كافية ليعيش مع والده كابن وأب.. واليوم يأتيه رجلا ناضجا تربى وكبر على مباديء والده، فأحبه الناس لأنه ابن عبد الناصر.. يأتي إلى والده وقد تخطى التسعين ليعيد إليه شبابه حين يحدثه عن شباب مصر والوطن العربي. الشباب الذي هب وانتفض وثار، كما ثار يوم تأميم القناة وبناء السد العالي، وكما هب يدافع عن كرامة وطنه وشعبه.. يذود عن قناة السويس ويصد الغزاة الطامعين.. اليوم يهب الشباب ليصد حكم الطغاة الجدد المزروعين بوجوه وأقنعة وطنية مزيفة، ومن الخلف تحركهم أصابع الغرب والشر.

والدي جمال، يقول خالد:

آتيك من بلد الأهرام والسد والقناة، من بلد الشهامة والكرامة والعزة، من بلد الضباط الأحرار والثورة والاصلاح الزراعي والتأميم، من بلد الوحدة العربية وصوت العرب وراية العرب، من بلد "إرفع رأسك يا أخي". نعم آتيك مرفوع الرأس وأنا أسمع وأرى أن الناس عادت تعلن حبها لك دون خوف أو وجل، حيث هتفوا وراء نعشي " يا خالد قول لأبوك المصريين بحبوك"، بل كل العرب يحبونك. وكانت النساء تنتحب ويبكين عليك بدل ان يبكين علي. سمعتهم يلعنون الحكام الذين أورثوا أو كادوا الحكم لأبنائهم وكأن الوطن عزبة أو قطعة أرض يملكونها. رأيتهم في ثورة يناير يرفعون صورك وشعارك الخالد "ارفع رأسك" باعتزاز وافتخار، دلالة محبتهم لك، بل دلالة العرفان واستقامة الطريق. سمعتهم يشتمون الحكام الذين استغلوا خيرات الوطن ومقدرات الشعب لصالحهم ولصالح أبنائهم وعائلاتهم ليكتنزوا كنوزا في الأرض. سمعتهم يطالبون باسقاط أنظمة العمالة والخيانة والاستلاب والاستغلال. سمعتهم يطالبون بمحاكمة "الرئيس" الذي ادعى يوما أنه أب لهم ولم يكن بأب.

والدنا جمال عبد الناصر،

منذ أن رحلت عنا قبل 41 عاما ونحن نشعر باليتم. منذ ذلك اليوم المشؤوم ونحن نعيش التراجعات والاخفاقات، ومنذ ذلك اليوم ومعظم حكامنا يجمعون الأموال ويبيعون الضمائر. وفي العصور التي جاءت بعدك انحرفت الثورة عن مسارها، حاول الأول محو كل الانجازات وحتى محو اسمك من الذاكرة، فتح البلاد أمام السماسرة والرأسماليين، وكبل الارادة الوطنية وضرب العمال والفلاحين. والثاني واصل طريق المهانة ووقف الى جانب أعداء الأمة وضرب الشعب بسلاح التفرقة، وأحضر ابناءه ليقاسموه الثروة وأعد ابنه ليستلم الحكم من بعده.

ورغم كل التشويهات ومحاولات تزييف التاريخ، ورغم المؤامرات على تراثك العظيم. إلا أنك ما زلت في القمة. فلا يجرؤ أحد على الطعن باستقامتك وشهامتك وصدقك. لا يمكن لأحد أن يتهمك باستغلال منصبك لصالحك الشخصي أو العائلي. ما زالت كلماتك محفورة في وجداننا وذاكرتنا "احنا ما فيش عنا ابن رئيس جمهورية.. ابن رئيس الجمهورية زيه زي أي مواطن في البلد دي." هل جاء بعدك قائد أو زعيم أو رئيس يقول ما قلته، والأهم يطبق ما يدعيه من شعارات؟ ما زالت مواقفك تحكى قصصا من جيل الى جيل، كيف رفضت التدخل لدى إدارة الجامعة لقبول ابنتك في الجامعة لأن معدلها لم يؤهلها للدخول، وكان بامكانك كرئيس للجمهورية، وبكلمة منك أن يتغير النظام وتدخل ابنتك، فبعدك جاء من غير الدستور بكلمة، فأين أقزام الحكام من قامتك العظيمة التي لا يضاهيها عظمة إلا أبو الهول، ولا يضاهيها علوا إلا الأهرامات؟ كل الأقزام سقطوا في امتحان الشعب والتاريخ، ووحدك بقيت رأسا وقمة في قلوب الجميع حتى الذين لا يتفقون معك سياسيا.

منذ مدة طويلة لم نسمع رئيسا أو زعيما يقول ما قلته في الستينات، " أنا لا أملك شيئا والحمد لله.. لا أملك شيئا على الاطلاق.. لا في البنوك.. ولا في الزراعة.. ولا في الصناعة.. ولا في التجارة.. ولا في أي حاجة. إن ثروتي الكبيرة.. هي حب الشعب لي. وسعادتي الكبيرة.. العمل من أجل الشعب." هكذا كنت وهكذا بقيت طوال عمرك وسنوات حكمك، فحفظ الشعب محبته نحوك في القلوب، واليوم يشتاقون إليك، إلى نظافة يدك، إلى استقامتك، إلى صدق نواياك وأفعالك. ما أعظم الفرق بين قائد ينمو من صفوف الشعب وينذر حياته من أجل الشعب.. وما أتعس حاكم ينشأ بعيدا عن الشعب ويمضي حياته يستغل الشعب.

(شفاعمرو/ الجليل)

* توفي الرئيس والقائد جمال عبد الناصر في 28/9/1970