[x] اغلاق
المراهقات وتليفزيون الواقع
8/11/2011 15:36

تليفزيون الواقع هو التعريف الذي يطلق على نوعية من البرامج التليفزيونية التي يتم فيها جمع أفراد غير مشهورين من الناس في مكان وبيئة محددين وتسجيل حياتهم وردود أفعالهم الطبيعية مع عدم وجود نص مكتوب أو سيناريو محدد للأحداث، وتعرض هذه البرامج على الهواء مباشرة للمشاهدين الذين يتابعون حياة المشتركين وتصرفاتهم وردود أفعالهم لحظة بلحظة.

"العائلة الأمريكية" كان أول برنامج في العالم تنطبق عليه مواصفات تليفزيون الواقع وعرض عام 1973 بالولايات المتحدة الأمريكية، وتناول موضوعات اجتماعية مثل الطلاق وظواهر اجتماعية أخرى شائكة، وفي عالمنا العربي يوجد حاليا العديد من برامج تليفزيون الواقع التي تم عرضها وانتهت أو ما زالت تعرض على القنوات العربية وحققت نجاحا باهرا، ولعل أشهرها على الإطلاق برنامج "ستار أكاديمي" الذي عرضت منه 8 مواسم حتى الآن.

في دراسة حديثة وجد الباحثون أن المراهقات اللاتي يشاهدن برامج تليفزيون الواقع بصفة منتظمة تكاد تصل لحد الإدمان تتكون لديهن تدريجيا رؤية حادة وغير واقعية للسلوك الإنساني مقارنة بأقرانهن ممن لا يشاهدن مثل تلك البرامج. وقد اعتبر أحد خبراء الإعلام والثقافة أن نتيجة هذه الدراسة هي بمثابة جرس إنذار يدق لتنبيه كل أب وأم حتى يولوا أبناءهم المزيد من الاهتمام ويوجهونهم للبرامج التليفزيونية الهادفة والمفيدة التي لا تؤثر سلبا على استقرارهم النفسي وعلاقاتهم بالآخرين .
قام بهذه الدراسة باحثون تابعون لأحد المعاهد البحثية المتخصصة في شئون المراهقات، حيث أجروا مسحا شمل عينة مكونة من 1100 فتاة تحت سن العشرين. تم سؤال الفتيات المشاركات في الدراسة حول عدد من النقاط شملت توقعاتهن لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الأقران في سن المراهقة، ونظرة كل منهن لنفسها ومدى تقديرها لشخصها، بالإضافة لفهمهن لما يحدث حولهن في العالم من أحداث وتفسيرهن لها.

وقد أظهرت الدراسة أن الفتيات اللاتي يواظبن على مشاهدة برامج تليفزيون الواقع يكون لديهن ميل أكبر من غيرهن لتوقع بل وقبول المزيد من الدراما والأحداث المؤسفة بل والعنف أيضا في حياتهن الواقعية. وقد اتفقت أولئك المشاهدات الصغيرات على أن "النميمة جزء طبيعي من العلاقة بين الفتيات تحت سن العشرين" و "من طبيعة الفتيات أن يتنافسن فيما بينهن وقد يدخلن في صراعات شرسة إذا استدعى الأمر وهذا أمر مقبول تماما" كما يرين أيضا "أنه من الصعب جدا الشعور بالثقة تجاه أية فتاة من الأقران".
الأمر الخطير، والذي لفت انتباه الباحثين في التجربة هو أن نسبة البنات اللاتي يشاهدن برامج تليفزيون الواقع بانتظام قد يصل لحد الإدمان، واللاتي أدلين بالتصريحات السابق عرضها بين الأقواس، كانت هي الأكبر بين الشريحة من الفتيات اللاتي اشتركن في الدراسة ووصلت لأكثر من 60%.

أظهرت الدراسة كذلك أن أولئك الفتيات يكن في الغالب أكثر اهتماما بمظهرهن الشخصي مقارنة بأقرانهن ممن لا يشاهدن برامج تليفزيون الواقع، فالفئة الأولى تقضي أوقاتا طويلة أمام المرآة وتهتم كثيرا بتجميل وجهها وجسدها، أما الفئة الثانية فتكون أكثر عملية ولا تبالغ في الاهتمام بمظهرها.
وقال أحد المشرفين على البحث: "لا يمكننا بالطبع أن نلقي باللوم على وسائل الإعلام والبرامج التليفزيونية ونحملها المسئولية الكاملة عن كل السلبيات والمشاكل التي تعاني منها المراهقات في حياتهن، لكن لا يمكننا كذلك أن نتجاهل الحقيقة التي تؤكد أن الإعلام أصبح يلعب دورا كبيرا في تشكيل شخصية ووجدان الشباب في عصرنا الحالي، وبالتالي فهو مسئول بدرجة ما عن وجود انحراف في سلوكياتهم أو تشوه في نظرتهم للأمور لأنهم بالتأكيد يتأثرون كثيرا بما يشاهدونه أو يستمعون إليه من مواد إعلامية مختلفة على مدار اليوم".