[x] اغلاق
سبحان مغير الأحوال
17/11/2011 21:42

 

سبحان مغير الأحوال
 

 

خليط غير متجانس ومتناقض يلتقي في العداء لآخر معقل قومي

زياد شليوط

 

ما الذي يجمع بين الولايات المتحدة، زعيمة العالم الاستعماري الحديث، وزعيمة "محور الشر" التي شنت "الحملة الصليبية" على العراق، بالتنظيم الاسلامي الأكثر تطرفا وعداء للغرب "المسيحي"، تنظيم القاعدة "الارهابي"؟ وماذا يجمع بين تجمعات قبائل وعشائر ما يسمى بالجامعة العربية، وبقايا الاستعمار التركي البائد للشرق العربي في أنقرة؟ وما الذي يجمع بين الملك المقامر، ليس في أفخر الكازينوهات والملاهي الليلية فحسب، بل بمصير شعبه وبلده ومصير شعوب المنطقة بأسره، وكأنها أوراق لعب بيده يحركها كما يتوهم في أحلامه الصيفية، الذي لا يجيد الحديث باللغة العربية، والمسمى خطأ عبد الله، ماذا يجمعه مع ربيبته وربيبة والده الدولة العبرية المجاورة؟ لا شيء يمكن أن يجمع بين تلك المركبات الغريبة العجيبة الهجينة، سوى العداء الأعمى والبهيمي لنظام عربي وطني، عرف كيف يقول "لا" كبيرة لأمريكا ورغباتها الشيطانية، ألا وهو النظام العربي السوري بقيادة بشار الأسد.  

سبحان مغير الأحوال وكاشف الأسرار. لم يمر طويل وقت واذ يكشف لنا السر المفضوح أن "القاعدة" هي تنظيم من صنع أمريكي بامتياز، أنشأته الولايات المتحدة لتضرب به النفوذ الشيوعي –السوفييتي في أفغانستان والشرق العربي، بذريعة حماية الاسلام واستخدمت الانتماء الديني من أجل طرد السوفييت، وتم لها ذلك بمساعدة القاعدة وطالبان وسواهما من الحركات المتأسلمة. وبعدما انتهى دور القاعدة الذي رسمته له الولايات المتحدة، وبعد زوال الخطر الشيوعي المضاد للنفوذ الرأسمالي، بات لا بد من كسر نفوذ تلك التنظيمات فنعتت بالارهاب وشنت الحرب الوهمية عليها. واليوم عاد الحليفان اللدودان للالتقاء حول الهدف المشترك، وهو اسقاط نظام عربي قومي علماني تقدمي ومعارض للغرب والتأسلم السياسي، فسبحان الذي أعاد المياه الى مجاريها بينهما وكشف لنا بؤس ما يحملان من أفكار ومخططات شريرة، فلم يعد "الاسلام" الارهابي والمتطرف هو الخطر الأكبر على العالم، كما لم تعد الولايات المتحدة هي بؤرة الفساد ومحور الشر في العالم، طالما هناك خصم مشترك للطرفين، فسبحان مغير الأحوال.

سبحان مغير الأحوال الذي حول رئيس الوزراء التركي أردوغان الى منقذ للشعب السوري من ديكتاتورية الأسد! فلو كان أردوغان حريصا على مصلحة وحرية ورفاهية الشعب السوري، كان الأجدر به أن يعيد اليه لواء الاسكندرونة الذي تحتله دولته، لكي يعيش عليه السوريون أحرارا بدل أن يفتح لهم مخيمات ليستجدي العالم ويتاجر بمعاناة فئة قليلة استقدمها لأراضي دولته، ليضرب من خلالها وحدة الوطن السوري وشعبه الأبي. واذا كان أردوغان حريصا على دماء الشعوب ومدافعا عن حقوقها الانسانية، فعليه الاعتراف رسميا عن مسؤولية دولته عن مذبحة الأرمن واعادة الاعتبار لهذا الشعب الذي ذبح على أيدي الأتراك، وعليه أن يفتح الحريات أمام الشعب الكردي الذي يتعرض للملاحقة والسجون أمام ناظريه وبأوامره المباشرة.

أما الكيانات الهجينة والأنظمة العميلة في ما يسمى الدول العربية، والتي اعتادت على التآمر على بعضها البعض، وكشفت عن مدى الكراهية المتبادلة فيما بينها، فهي على استعداد لاستقدام قوات الناتو لضرب سوريا كما فعلت في ليبيا، كي تخفي آخر معقل قومي يذكرها بمدى تبعيتها للغرب ويقض مضجعها، وكأن حكامها يحلمون بنشر الديمقراطية وتحقيق رفاهية وسعادة شعوبهم، وهي ترزح تحت نعال "سلاطين الفول والزيت" و"جلالة الكبش" و"سمو النعجة"، الى آخر القائمة ولكم أن تسألوا عنها الشعراء مظفر النواب ونزار قباني وأحمد فؤاد نجم وزملائهم.

لا نستغرب أن تتجمع تلك المركبات معا من أجل هدف ساقط. لكن أن يلتقي مفكرون ديمقراطيون وتقدميون وعلمانيون، مع قوى معارضة متآمرة على وطنها تعمل على استدعاء الغرب الاستعماري وقوات الناتو لدخول الوطن السوري من أجل ضرب وحدته وتقسيمه الى دويلات ضعيفة ومصطنعة، فهو أمر يدعو للاستغراب والاستهجان والدهشة والرهبة!! واذا كان اليوم يبدو أن النظام السوري ومؤيديه وكل من تعز عليهم سوريا، هم قلة فان كلمة الخليفة علي بن أبي طالب (ر) هي خير ما يمدنا بالقوة المعنوية ويعكس مدى صدق التاريخ حين قال "لا تستوحشوا طريق الحق لقلة السائرين فيه."

(شفاعمرو/ الجليل)