[x] اغلاق
خرائط جديدة للدراما السورية: نجوم النظام يتصدرون الأعمال المقبلة..والمعارضون يتلقّون تهديدات
17/12/2011 12:22

مع وصول الثورة السورية الى شهرها العاشر، ودخول بعض العقوبات الاقتصادية العربية حيّز التنفيذ، بدأت تتضّح مقومات الدراما السورية لموسم 2012. فالبداية كانت مع المسلسل الكوميدي «أنت هنا» (سيعرض الشهر المقبل وفق بعض التسريبات)، ومن ثم مسلسل «المفتاح»، إضافة الى ان التحضير على قدم وساق لانطلاق مسلسل مأخوذ عن رواية «المصابيح الزرق» لحنا مينه. والثلاثة من إنتاج القطاع العام ممثلاً بالهيئة العامة للإنتاج التلفزيوني والدرامي. ويمكن ان نضيف هنا اكتمال تصوير مسلسل «الانفجار» الذي توقف تصويره الموسم الماضي، وتقوم بإنتاجه شركة الهاني، المملوكة لرجل الأعمال السوري هاني مخلوف ابن خالة الرئيس السوري. ناهيك باستعداد شركة «سورية الدولية» (المقربة من النظام) لتصوير مسلسلي «سكر مالح»، و «ست كاز» قريباً.

ويمكن القول في ضوء جملة من المعطيات والمعلومات ان الخطة المحكمة التي تنتهجها الأوساط التي توصف بأنها «مقربة من النظام السوري» في التضييق على نجوم الدراما المعارضين أو حتى الصامتين باتت واضحة في نظر اوساط فنية تحسب نفسها على الخطّ المعارض. فالأعمال الستة السابقة وهي الوحيدة المتوقع أن تستكمل (واحد انتهى تصويره، واثنان مستمران، وثلاثة بانتظار البدء)، صدّرت نجوم النظام ومن صرّح منهم بأنه يقف في صفّه على رأس القائمة فيما بقي الآخرون من دون عمل أو مشاركة، فمثلاً نرى في مسلسل «المفتاح» المخرج هشام شربتجي الذي استبعد من الدراما السورية في السنوات الماضية يعود اليها الآن من بوابة القطاع العام بعد أن خرج في تصريحات صاخبة تؤيد النظام السوري وتدعم نظرية المؤامرة الكونية المفترضة التي تقودها الولايات المتحدة ضد دولة «الممانعة والصمود» - وفق تعبيره. والأمر ذاته ينطبق على عدد كبير من النجوم والمخرجين أمثال باسم ياخور، عبدالمنعم عمايري، أمل عرفة، شكران مرتجى، وفاء موصللي، سلمى المصري، وغيرهم. واللافت في الأمر أن معظم هؤلاء كان يرفض في السنوات السابقة العمل لمصلحة التلفزيون السوري أو في الأعمال التي ينتجها، ولكن قلة الإنتاجات الخاصة دفعت بهم إلى القطاع العام، الذي تحول إلى قطاع مسيّس يخدم النظام ورموزه.

بين مخرج وآخر

الأمر لا يتوقف عند مسلسل «المفتاح»، إذ ها هو مسلسل «المصابيح الزرق» والذي سينطلق تصويره قريباً يصدّر سلاف فواخرجي وغسان مسعود وبشار اسماعيل أبطالاً له، على خلفية تصريحاتهم. كما أن العمل نفسه الذي كان من المفترض أن يتصدى لإخراجه المخرج السينمائي محمد عبدالعزيز، قد تحول إلى المخرج فهد ميري. وتؤكد بعض الأطراف أن سبب تغيير المخرج، سياسي بحت، فالأول من صفوف المعارضة، وهو ما «دفع الجهات الأمنية» - كما يقول معارضون - الى توجيه مؤسسة الإنتاج لاستبداله بمخرج مؤيد.

لكن القطاع العام ليس وحده من يتوجه إلى نجوم النظام، فشركتا «الهاني» و «سورية الدولية» الخاصتان تنتهجان الأسلوب نفسه، حيث تقوم الأولى باستكمال تصوير مسلسلها بمخرج جديد (مؤيد)، والثانية تصّدر أمل عرفة وأيمن رضا والمخرجين زهير قنوع والمثنى الصبح، وهم من أهم رموز الموالاة للنظام السوري في الوسط الفني الآن.

ويبدو ان الخوف من صعوبة التسويق لا يشكل هاجساً كبيراً للنظام السوري، وللشركات الإنتاجية المؤيدة له، فالقطاع العام وخلال تاريخه الإنتاجي الطويل لم يقم بتسويق أي من أعماله للفضائيات العربية إلا في ما ندر، والدليل على ذلك الموسم الماضي الذي شهد إنتاج ثلاثة أعمال («سوق الورق»، «ملح الحياة»، و «فوق السقف») اقتصر عرضها على الفضائيات السورية الحكومية، وفي حال تطبيق العقوبات العربية، فإن هذا القطاع لن يتأثر، فهو في الأساس وكما قلنا لا يقوم بالبيع، والأمر ينطبق على الشركات الخاصة الموالية وإن كان بطريقة مختلفة، فعلى رغم التطمينات الكثيرة التي صدرت من عدد من الجهات العربية أن المقاطعة ستتمثل بالقطاع العام، ولن تطاول القطاع الخاص، فإن شركة «سورية الدولية» لن تحتاج إلى تسويق أعمالها، فهي مرتبطة مالياً بقناة «الدنيا» شبه الرسمية في علاقتها مع النظام من طريق اصحابها، وتستطيع أن تبيع انتاجاتها للتلفزيون السوري، ما سيغطي مصاريفها على أقل تقدير، فيما تبقى باقي الشركات في ترقب، ومن المتوقع ألا يبدأ أي منها إنتاج الأعمال لهذا الموسم إلا بعد بيان الوضع السياسي العام في المنطقة.

لقمة العيش

هذه السياسة المنتهجة في تعزيز نجوم النظام، إضافة إلى الكثير من التهديدات التي وصلت إلى بعض النجوم المعارضين والصامتين من جانب الجهات الأمنية والتي تمثلت في مزاحمتهم على لقمة عيشهم في بعض الأحيان (سنميتكم من الجوع)، وعلى حياتهم وبقائهم في أحيان أخرى (لا نستطيع حمايتكم من العصابات المسلحة)، دفعت كثيرين من النجوم إلى الهجرة إلى لبنان ومصر والخليج بحثاً عن عمل، أو حتى بحثاً عن الأمان المفقود في الداخل، الأمر الذي زاد من غضب النظام، - كما يروي فنانون معارضون - فشدد حملاته على النجوم السوريين، وكان آخرها اعتقال الممثل محمد آل رشي نجل النجم الكبير عبدالرحمن آل رشي، ومن قبله مي سكاف، وملاحقة فارس الحلو، ويارا صبري، ويم مشهدي، وريما فليحان، وفدوى سليمان، واعتقال محمد أوسو والأخوين ملص وغيرهم.

وفي حملة مضادة لنجوم المعارضة أفسحت القنوات السورية فضاءها وأفردت ساعات طويلة لبعض نجوم الموالاة الذي ظهروا بعد غياب طويل، كان أبرزهم عارف الطويل، وزهير رمضان، وزهير عبدالكريم، ووائل رمضان، وغيرهم، والذين من المتوقع أن يتصدروا أعمال الموسم المقبل (القليلة) على كل المستويات.