[x] اغلاق
فارس الكوميديا- مروان عوكل- يترجل عن حصانه
30/12/2011 12:44

 

فارس الكوميديا- مروان عوكل- يترجل عن حصانه

زياد شليوط

 

أبى فارس الكوميديا الفنان الشفاعمري، مروان حنا عوكل إلا أن يغيب مع غياب عام 2011 الذي شهد تقلبات وتحولات وتغييرات عديدة وغير متوقعة، حيث شهدت حياة مروان عوكل التي امتدت على ستين عاما تقلبات وتحولات وتغييرات عديدة، لكنه لم يفقد البوصلة وان حادت به أحيانا في محاولة لخداعه لكنه عرف كيف يعود الى المسار الذي اختطه في حياته.

منذ حداثته وفي مرحلة طفولته بدأ مروان يمارس هواية التمثيل التي ولدت به مع ولادته، وكان في الحارة يمارس التمثيل في الشارع أمام أصدقائه وأترابه من أولاد الحارة، حيث كان يتنكر مرة في ثياب امرأة ومرة في ثياب رجل مسن وأحيانا في ثياب عفريت أو شحاذ، ويطوف بين البيوت متقمصا الشخصية التي اختارها، دون أن يكتشفه أمره أحد من الجيران الذين كانوا يعرفون مروان ابن الحارة، لكنه بتقمصه أي شخصية يقنعك أنه هو الشخصية التي اختارها، واشتهر مروان والكل يشير الى هوايته وبراعته، التي رافقتها خفة دم خاصة به، فلم يغضب منه أحد من الجيران للمقالب التي أحسن صنعها وتنفيذها.

ولما شب وكبر مروان اختار التمثيل والفن المسرحي قدرا له، ولم يكن هذا القرار غريبا عليه، وأثبت بسرعة نجاحه نظرا لقدرته وموهبته الحقيقية في التمثيل، وبدأنا نشاهده على المسرح يضحكنا بحركاته وقفشاته المميزة، وكان من الطبيعي أن يتطور مروان بموهبته وطاقته مع الأيام والسنوات، ولعب أدوارا صعبة ومميزة في مسرحنا المحلي، ثم ازداد طموحه كالعديد من الفنانين، وانتبه الى عالم الأطفال وضرورة تشكيل مسرح خاص به، وعمل في السنوات الأخيرة على هذا الجانب من خلال مسرح أسسه واداره.

لم يكن مروان مجرد ممثل أو فنان، انما كان قبل كل ذلك انسانا ملتزما. لقد نشط مروان من أيام حداثته ايضا في الفعاليات والنشاطات الوطنية. وما أذكره ومن شهادات أصدقاء له أنه لعب دورا هاما يوم وفاة القائد العربي الخالد جمال عبد الناصر عام 1970، حيث نظمت في كل القرى والمدن والمواقع العربية على امتداد الوطن العربي، جنازات شعبية يوم وداعه الرسمي في القاهرة. فكان مروان في مقدمة المظاهرات التي انطلقت يوم اعلان وفاة الزعيم العربي، بعدها اختبأ في المغر والأماكن البعيدة عن مركز البلد مع أصدقاء ورفاق له لمدة يومين بعيدين عن عيون الشرطة وآذانها، يعدون ويحضرون لجنازة عبد الناصر التي لم تشهد لها شفاعمرو مثيلا وقد شارك فيها أبناء المدينة من كل الأعمار رجالا ونساء، وطافت في شوارعها وتوقفت عند الكنيسة حيث دقت أجراسها حزنا، وعند الجامع حيث رفع الآذان والجميع في حزن شديد. كذلك كان لمروان دور في التحضيرات لاضراب يوم الأرض الخالد عام 1976 مع الكوادر الشبابية، وكانت له مواقف في مناسبات أخرى وانضم لصفوف الجبهة الديمقراطية لفترة من الزمن.

لكن مروان يبقى مروان الساخر الكوميدي صاحب القفشات والنكات الظريفة، ولم يتخل عن تلك المزايا حتى بعدما هاجمه المرض الخبيث ولم يمهله طويلا، فقال في أحد اللقاءات الصحفية الذي أجري معه خلال مرضه بأسلوبه الساخر "لقد كان رد الفعل الأولي لي عندما علمت بأمر مرضي أن تحدثت مع "السرطان" وقلت له: أنا لم أدعوك لتدخل جسدي لكن بما أنك أتيت بمحض إرادتك فدعني أعتبرك صديقي المقرب الجديد ونتّفق على ألاّ تؤذيني ولا أؤذيك..." وللأسف لم يحسن مروان هذه المرة اختيار صديقه، فالمرض الخبيث لا يتخذ صديقا ولا يعرف للصداقة معنى.. لكن أرى أن مروان أراد أن يحتال على المرض بسخريته عله يمنحه فرصة أطول، إلا أن القدر كان له بالمرصاد فاضطر أن يترجل عن حصانه وهو يستعد ويخطط لأعمال جديدة. الرحمة الأبدية لفناننا الراحل الذي سيبقى في ذاكرتنا، ونأمل من المؤسسات البلدية والفنية العمل على تكريم هذا الفنان الذي أعطى من روحه وطاقاته الكثير لمجتمعه وشعبه وبلده.

(شفاعمرو)