[x] اغلاق
الاعتراف بالنكبة، نحو المستقبل..
18/5/2009 13:43

* لا أمل لأي تسوية سلمية تتجاهل مأساة اللاجئين الفلسطينيين وقرارات الشرعية الدولية بهذا الصدد. على أي تسوية أن تشمل آلية لضمان حق العودة وعلى اسرائيل أن تكون منفتحة ومستعدة أيضا لامكانية عودة لاجئين فلسطينيين إلى حدودها *
في الذكرى الـ 61 لقيام اسرائيل ونكبة الشعب العربي الفلسطيني يبدو الجدار الفاصل بين شعبيّ البلاد، أكثر ارتفاعا وسمكا من أي وقت مضى. جدران الفصل العنصري ليست اسمنتية فقط، إنما هي عنصرية، قضائية، اقتصادية، ثقافية ولغوية. هذه الجدران ترتكز، فيما ترتكز، على الرؤية المناقضة للواقع، للماضي والحاضر والمستقبل.

الحديث عن مستقبل آخر، يضطرنا إلى انتاج وضع نعترف به كلنا بمشاعر، آلام، مخاوف وآلام الطرف الآخر. وهنا، القضية الأبرز بلا شك هي النكبة. النكبة بأعين اليهودي الاسرائيلي المتوسط، تشكّل تهديدا على حقه بالبقاء، لذا ردة فعله الأولى تكون بالانغلاق أمام أي حديث عن هذا الموضوع. وبالذات، لهذا السبب من المهم جدا الاهتمام بهذه القضية الحساسة وطرحها أمام الرأي.

التعامل مع النكبة، هو نظرة إلى الماضي، إلى الغبن والألم، لكنه أيضا نظرة إلى المستقبل، فمستقبل الشعبين في هذه البلاد مرهون بشرط الاعتراف المتبادل بالغبن، والعمل على إصلاحه. لا أمل لأي تسوية سلمية تتجاهل مأساة اللاجئين الفلسطينيين وقرارات الشرعية الدولية بهذا الصدد. على أي تسوية سياسية أن تشمل آلية لضمان حق العودة لمن يرغب بذلك وعلى اسرائيل أن تكون منفتحة ومستعدة أيضا لامكانية عودة لاجئين فلسطينيين إلى حدودها. وهنا، علينا تفنيد الادعاء الديمغرافي، فمن يرفضون عودة اللاجئين إلى اسرائيل بهذا الادعاء يصرّون –مثلا- على الاحتفاظ باحتلال القدس الشرقية والسيطرة على 300 ألف فلسطيني!

الحديث يدور إذن عن قضية عادلة بلا شك، ولأن حلّها ضمانة لمستقبل الشعبين، فيجب ألا يغفل إحياء ذكرى النكبة مخاطبة المجتمع الاسرائيلي، وهنا عليّ الإشادة بالنموذج الذي تقدمه سنويا قرية مسكة المهجرة. فأبناء هذه القرية يحيون ذكرى نكبتها من خلال زيارات مفتوحة أمام العرب واليهود على حد سواء. بنشاطاتهم، يحقق أبناء القرية ثلاثة أهداف: أولا، يصونون ذاكرتهم عن المكان. ثانيا، يطرحون قصتهم امام المجتمع الفلسطيني. ثالثا، ينتجون حوارا متواصلا مع المجتمع الاسرائيلي، فسنويا هنالك العشرات ممن يزورون القرية لأول مرة، وكمن يتردد على زيارة هذه القرية سنويا أقول أن كل من زارها لأول مرة، خرج منها أكثر تفهما وإدراكا لمآسي النكبة واللجوء، أكثر حنقا على وضع تمنع فيه الحاجة صفية من العودة إلى أرضها، المتاخمة للبلدة التي تعيش فيها اليوم..

هذا يؤكد أهمية وإلحاح إحياء ذكرى النكبة من خلال طرح الموضوع للحوار بمسؤولية وانفتاح.