[x] اغلاق
الاحتفالات بتدويل الأخلاقيات
17/1/2012 12:43

 

الاحتفالات بتدويل الأخلاقيات

 

بقلم: مارون سامي عزام

ودَّعنا سنة من عمرنا، بدموع الذّكريات والحسرة دون أن نشعر بها... ودّع البعض السنة، بفرح ممزوج بأحاسيس تلتقي مع ذكرى أليمة... فرشنا للعام الجديد، السجّاد الأحمر، رافعين له شعاراتنا التقليديّة الباليّة، التي مللنا من تكرارها سنويًا. ننسى أن عقارب الزّمن لم تتوقّف عن الدّوران، مع أن هناك أحلامًا وآمالاً قيد الانتظار على جدول أعماله... ننسى أنّ هناك عمليّة سلميّة مشمّعة بشمع تعنت الطّرفَين الأحمر، إلاّ أن احتفالات العالم المختلفة، بقدوم العام الجديد لم تنتظر ولو لحظة واحدة، فاحتفلوا بقدومه، كل حسب عاداته وتقاليده، بعضهم كسّر القناني... بعضهم أطلق الألعاب النارية، من ميادين عامّة، فوحّد بعض شبابنا هذه التقاليد المستوردة، وطبّقوها... عفوًا احتفلوا بقدوم العام الجديد حسب الطّقس الغربي!!.

ألا يقولون "حين تمتلئ البطون، تفرغ العقول"!!... فإن هذا ما حدث حقًا، فبعد أن تناول بعض الشباب الماجن وجبة العشاء الاحتفالية مع الأهل، والتي رافقها تجرّع كمية كبيرة من المشروبات الرّوحية!! حتّى أن اختمرت حواسهم كليًا. وعند اقتراب ساعة الصفر، التي أشارت إلى نهاية العام المنصرم، خرج بعض الشباب الماجن إلى الشوارع والسّاحات المنزلية...

... حضّروا قواعد دهائهم الفكري، أطلقوا منها كميّة كبيرة من الألعاب النارية الجميلة!! نحو السّماء، فبهرت عيون الكثيرين بتقنيّة ألوانها النّاريّة العجيبة... هذه كانت إحدى أسوأ ترسّبات التقاليد الغربيّة!! الأقل ضررًا، في وداع العام المنصرم، وقد تبنّاها بعض الشّباب من وثيقة حقوق الاحتفال الدّوليّة... عفوًا من وثيقة حقوق العولمة الدّخيلة، لأنه لم ولن يفهم أنه أطلق هذه المفرقعات النارية، من أحياءٍ سكنيّة، وهو في أوج نشوة فرحه المخمورة!!.

عندما انتهوا من إطلاق 21 طلقة، التحيّة العسكرية لاستقبال سيّد الأحداث ورئيس حلبتها الأوحد، العام الجديد!!، بدأت مهمّة تخريبية... عفوًا احتفالية جديدة، إذ بدأ بعض شبابنا الأرعن، بتطبيق المرحلة الثّانية والأسوأ من ترسّبات تعلّقهم بشبكة تدويل الأخلاقيّات!!، فقذفوا جدران الأحياء شبه النظيفة، بزجاجات فارغة، تطايرت شظاياها في كل صوب، فاعتقدنا أن عملاً تخريبيًا قد وقع عشية السنة الجديدة... سمعنا صيحات هؤلاء الشّباب الصّغار تعلو من كل حي وزقاق، صاخبة!!، مهللة!!، تسابقوا لجمع ما تَيسّر من زجاجات فارغة، كعقولهم الفارغة من أي محتوى عقلاني.

المنافسة في تكسير الزجاجات الفارغة، لم تقتصر على حارة واحدة... أو زقاق واحد، بل طالت جميع أنحاء المدينة أو القرية، فاستيقظ المواطن صباحًا، وصُعق عندما شاهد الشوارع "مرشومة رشمًا" بالشّظايا الزّجاجيّة، كأنّها رُصفت في تلك الليلة "الزّمنية الحاسمة" بالمجوهرات الزجاجية، فعكس وهج الشمس بريقها في عيونه النّاعسة!! مع أنها، بكل أسف شديد، أقول أنّها عكست الذوق المهشم لمرتكبي هذه الأفعال الهمجية!!، فحسِبَ النّاس أن السماء في تلك الليلة، أمطرت لآلئَ وجواهرَ.

إذًا هكذا طبَع بعض شبابنا بصمات فرحه الجامح، على أولى صفحات العام الجديد، دون وعي منه، أن هذا التقليد الذي أصبح ظاهرة سنوية في مجتمعنا، ابتعد ونأى عن جوهره، وصل إلينا من أوروبا، مشبعًا بالهمجية والأذية، جراء التمادي في عدم المبالاة بمراعاة الأصول وشعور الآخرين، وكأن فرحتهم بالعيد لا تتم إلا بهذا النهج البربري.

ألا يجدر بشوارعنا أن تبقى نظيفة؟، وببعض شبابنا أن يكونوا أكثر سيطرةً على ثوران بركان حيويتهم؟ ألا يكفينا منهم تمزيق طبلات آذاننا بصخب إيقاع موسيقاهم؟!! فما بالهم يُصرون على تمزيق بشرة شوارعنا وإطارات سياراتنا أيضًا.

(شفاعمرو)