[x] اغلاق
الحب الشقي
30/1/2012 10:36

 

الحب الشقي
بقلم: مارون سامي عزّام

لا أدري ماذا جرى لفتيات هذا العصر؟!، ما بال بعضهن يتمرّد على نصيبهن بلا مصداقيّة؟!!... مع أن بعضهن يعتبرن بعض الشّباب، كأنهم لعنة خاصّة، قد حلّت عليهن، ويُرِدن التّخلص منها بسرعة عندما يتقدّمون إليهن طالبين التقرب من عروشهن!!، فتتلعثّم بين شفاههن ردودهن المتأرجحة على حبال الحيرة، لخوف بعضهن من دخول نفق الحوار الطويل، لأنهن يُحرجن عندما لا يعرفنَ حُسن التخلّص الأمثل من شقاوة هذا الشّاب!!، فيفضّلن الاعتذار له!.

بعضهنّ حوّل الحب من حالة عشقيّة مميّزة، إلى حالة عَرَضيّة، دخيلة على مفاهيمهن!!، رغم أن بعض الفتيات نسين أن هذا الحبُ لن يكبر وسيبقى مدى العمر طفلاً شقيًا، لا يستطعن السّيطرة عليه، سيبقى طفيليًا بطبعه... متطفّلاً بطباعه على آرائهن غير المنطقيّة... يتحرّش بهن كيفما تحرّكن... يغزو غُرف نومهن... ينكث أغراضهن الشخصيّة... يتغلغل في وسائد أحلامهن الوردية، كي يستطيع تبصُّر مصيرهن الغامض... لكن لا جدوى. 

مهما حاولنا إبعاد المؤثّرات الجانبيّة للحب عن مشاعرنا... مهما حاولنا نفيه عنا لبضع لحظات... مهما حاولنا محو اعترافنا بوجوده عن جدران كبريائنا الشّاهقة، إلاّ أنّه في الأخير، سيبقى يحوم حول قلوبنا وأحلامنا كالنحلة، ليلسعنا بلظى شهده، فهو يظل يراقب نظراتنا، التي تلاحق كالمخبرين كلَّ فتاة تمر... يتجسّس على أحاديثنا الشّبابيّة السّريّة، لأنّه يدخل خفيةً من جُحر غفلَتِنا، ليتملّك حاضرنا... مُقتَحِمًا ثكنات ضمائرنا، ليسبح بحُريّة في محيط خيالنا الرحب، ويضيء لنا فنار الآمال.

ذات يوم قرّر الحب الشّقي الغوص في أعماق وجداننا، فوجد في داخلنا كتلة من العواطف الرّقيقة، نائمة منذ سنين على سرير مخيلتنا السّري، بعد أن تعبنا من البحث الدّقيق عن فتاة في ذِهنِها مرآة تعكس لها الأمر الواقع بدون زيف. والحب الشّقي يحاول بشتّى ألاعيبه وأحابيله، إيقاظ عزيمة بعضنا المتخاذلة والخاملة، للبدء برحلة استكشافيّة جديدة، لاكتشاف قارة لأنثى جديدة، جوّها الفكري معتدل، لا ترتفع فيه حرارة متطلباتها أكثر من المعدّل المطلوب.

نحن نريد اكتشاف قارات غير تلك القارات الأنثويّة الباردة التي اكتشفناها في عصر طيشنا، لأن أنهُر الوفاق والتفاهُم لم تعبُر فيها... لم تسطع فيها شمس الوعي... لم تعكس ظل ماضيها على حاضرها... قمر جمالها محتجبٌ خلف غمام التجمّل!!، لذلك فإنَّ خوض تجربة جديدة في الحب، يتطلّب تمهيديات أوّلية لضبط عقليّة أي فتاة، وتنبيهها إلى أنها قد تخطّت خط اللامبالاة، بعد أن عبرت حدود المراهقة، وعدّت سن الثلاثينيّات. الآن عليها ترتيب أولويّات تفكيرها من جديد وبجديّة، فالحب الشّقي يضجر من انعدام الرؤيا المستقبلية لديها، فيصرف النظر عنها، لأن طبيعة الحب الشقيّة، تكره الوحدة والتوحّد.

نشأ الحب الشّقي في بيئة متحرّرة من قيود تحكّم الفتيات اللواتي يحاولن تحطيم قوة احتماله لفظاظة قراراتهن غير المبرّرة أحيانًا... حتّى يومنا هذا يكره تقييد تحركاته، أو عرقلة مساعيه الرومانسية للتوفيق بين القلوب. شقاوة الحب تؤمن أن التطوّر الشعوري ينمو في البداية ببطء لدى الجنسَين، عندها تبدأ تسمع نبضات الغبطة، تتسارع وتيرتها في رحم الأحاسيس، إلى أن يتكوّن جنين الصّدق، وتبدأ أطراف التودّد تتكامل رويدًا رويدًا بين الشّخصين.

هيّا أيها الشّقي الصغير، الذي لا يهدأ أبدًا، لا تَدَع أية فتاة خارج نطاق سيطرتك... لا تترك أي شاب بعيدًا عن سقف توقّعاتك لهُ بالنّجاح في الحب... أيّها الحب الشقي لا تَدَع أحدًا يفرض عليك عزلةً قصريّة في منزل الاكتئاب، اهجم على طيش الفتيات... هاجم تصرّفاتهن الخبيثة... اقتحم أسوارَ مبادئهن الوهميّة بمعظمها!، هيّا قُم وصوّب نظرات الشّباب التّائهة والخائفة، نحو لوحة النّصيب. لامس رغبات الفتيات الدّفينة، حتّى يتلمسّن أنوثتهن، كي يعترفن بوجودك يومًا ما. وأتحدّى أي شخص يستطيع كتمَ دويِّ صوتِكَ!

(شفاعمرو)