[x] اغلاق
أحقًا تحبينني سيدتي؟!...
7/2/2012 11:10

 

أحقًا تحبينني سيدتي؟!...

بقلم: مارون سامي عزّام

بدأتِ فجأة تمارسين بي لعبة رماية سهام إعجابك الفريدة بشكلها... ريشة قلمي الثمينة، المصنوعة من العاج الإفريقي بدأت تخاف من أن تقضمها أنياب الزّمن يومًا ما. غيرتِ تصرفاتك تجاهي، حتّى دون أن أعرف سبب هذا التغيّر الفجائي... تغيرت الأحوال الجوية في منطقة ما من دماغك، لا أعرف اسمها، مثلما تتغير الأحوال الجوية في المناطق الاستوائية، فتمطر في أوج الحَر للحظات، وبعد دقائق تشمس. هكذا أنتِ، إذ هطلت علي نظراتك للحظات، فبلّلت فضاء دهشتي، وأنا أصطاف في مصيف الحب وحدي، وبعد لحظات بزغت من بين غمام آمالكِ شمس لا مبالاتك الحارقة.

منذ البداية أقول لك، لست متفرغًا لحل ألغازك... لستُ منهمكًا في تحليل خلاصات تصرّفاتك. في الحقيقة لم يخطر ببالي أبدًا أن تبدلي ملابس كبريائك، الثمينة الأرستقراطية بملابس بسيطة، مخيطة بخيوط الطيبة والرقة، حتى النزول إلى عامة الشعب "الدرويش"، معقول أن تحبيني بهذه السهولة!... معقول كل هذا الجهد الذي تبذلينه، كي تلفتي انتباهي؟!.

أتعلمين أنِّي أعرف جميع تفاصيلك... أعرف حجم عقليتك الحقيقي، توصَّلتُ إليه بعد أن أجريت حسابات دقيقة، حسب أوزان شخصية الفتاة المتعارف عليها اجتماعيًا. بالنسبة لي جميع الأمور واضحة، فلا تحاولي تبرير نظراتك وابتساماتك على أنها غير موجهة لي.

 سيّدتي... أعرف تمامًا أنّك تقرأين كتاباتي العشقيّة، فلا تنكري أنك تعرفينني من خلال متابعتك لما أكتبه، من مواضيع منوّعة تنشَر في الصحف، لكنّني أعترف لكِ أنّني فشلت في قراءة رموزك الأنثويّة.

أحقًا سوف تغنجني غمازات وجنتيك، اللتين تغنّجان عينيك المكحلتين بريشة كُحل "لانكوم"؟!... حقاً لا أدري!... شَعرُك هذا، الأسود البرّاق، المسدول فوق منكبيك، أحقاً سوف تبعثره نسمات تودّدك لي؟!... لا أدري! لأن يديك احتكرتا مشطه الذي يسرح خصلاته بتؤدة لئلا يستفزها، كي لا يشعر بأنّك تفتشين بينها عن نجوم السَّحَر التي ألهمتك أن تعجبي بي فجأة.

سيدتي... عندما أقدمت على كتابة هذه المقطوعة، شعرت كأنّي أكتب لغة الحب لأوّلِ مرَّة... شعرت أن قلمي يغوص في بحر جمالك، ليبحث في أعماقه عن مرجان أخلاقك الخلاّبة. شعرت أنك تدفعينني عمدًا إلى هامش هذه الورقة حتى تحتكري أسطرها وكلماتها بشكل حصري... إذا كنت حقًا تحبينني، فلا تحتكري كلماتي، لا تفتكي بأفكاري بهذه الشراسة، وكأنك عُينتِ وصيّة على إبداعاتي، تحاولين عمدًا تقطيع تسلسل أفكاري.

أيتها الفاتنة... أنا مخلوق غير قابل للانكسار أو الانهيار أمام روعة جسدك، لأنك إذا رفضتِني سوف يصبح هذا الحب أنقاضًا ذليلة، تبني فوقها هرمًا عشقيَّا آخر، في قمته قبعة مصنوعة من حرير فتنتك. أليس أفضل لي أن أجلس في مقهى العشاق، لأصغي إلى أزيز همومهم يهدر بشدة في آذاني، بعيدًا عن جوّك. بمنتهى الصراحة، قابلت الكثير من نُسَخِكِ، وكانت طبعة كل نسخة من حروف أبجدية تعرّفي إليهن أردأ من التي قبلها، بحيث لم أتمتع بنسخة كتاب حب قيّمة.

لن تستطيعي أبدًا الهيمنة علي يا من تحملين لي أطباق مقبلات إعجابك بي، التي لا أعرف إذا كان مذاقها شهيًا أم لا!!. لماذا أرهقت نفسك وعذبتِها هباءً؟!، غيرتِ جدول أعمالك اليومي... أضفت اسمي إلى دفتر يومياتك... كم أخاف أن أصبح مجرد اسم آخر بلا مغزى، يضاف إلى قائمة المنهزمين أمامك! إذا كانت نيّتك تجاهي صادقةً وصافية، اشطبيه من دفتر يومياتك واكتبيه في مذكراتك الخاصة التي تحتفظين بها لأشخاص مميزين، لأن حبّكِ الظّاهري، الذي تحاولين إملاءه علي، أعتبره حبًا عرضيًا، خاضعًا لأهوائكِ، فقط لتملئي فراغًا رومانسيًا تعيشه نفسيتكِ اليائسة.

إذا كنتِ حقاً تحبينني، سأشفق عليك لأمنحك حكمًا مستقلاً، ذا كيان منفرد... اُدرسي جيداً هذه التحولات الغرامية الإقليمية والجذرية، الحاصلة في باطن تفكيرك الغريب، لأنّني لا أومن بها، وأعرف أن جيولوجية عقليتك غير المستقرّة، قد تتغير جراء زلزال رفضك لي، الذي سيزعزع أركانها يومًا ما.

أحب أن يولد الحب في عملية قيصرية، ليخرج إلى الدنيا وهو ينطق بأول كلمة عرفتها طفولة الحب وهي "أحبك"، لتجعله، يا حاضرة الوقار، يفرح عندما يسمعها تخرج من فمك. هذا كله سيحصل لو كنت تحبينني حقًا، ولو لم تكوني فتاة مراهقة تركض نحو إناء صفوتي لتحطمه دون انتباه.

(شفاعمرو)