[x] اغلاق
كفــاح ربيــع الأمومــة
14/3/2012 10:47

 

كفــاح ربيــع الأمومــة

بقلم: مارون سامي عزّام

ثار النّاس على حُكم الشتاء الظّالم، ورفعوا شعار "الشعب يريد إحياء الرّبيع". بعد أشهُر من محاصرته لبيوتهم، استطاعوا أن يُسقِطوا عن أجسادهم الملابس الواقية من البرد... خرجوا من الغرف الآمنة بالدّفء... دحرت الطبيعة طغيان الشّتاء، شربت الأرض نخب فصل الرّبيع الدّافئ، وفرشت الأزهار لتنعم بنور الشّمس. شهر آذار يحمل في أيامه، براعم الأنوثة... وتطوف حول محور عيد الأم، باقة جميلة من الأعياد الأنثويّة.

امتزجَ حنان الأم، الذي روتنا منه، بطفولتنا... غدونا ضلعًا من ضلوع عمرها. نعتبر أنفسنا الأغصان المتفرّعة من شجرتها، لا يمكنها الاستغناء عنا... فلا يسعنا إلا أن نكون أول المعترفين بوجودها في كافة جلساتنا. صوتها لن يكف عن إرشادنا، فهو يوفر لنا راحة البال الأبدية. نشهد بقوة تأثيره على مجرى حياتنا... على طريقة اتخاذنا للقرارات بشكل صائب.

أيتها الأم، سحرتِ العقول بحنوّك. لم يُدرك الرسام ليوناردو دافنشي رَوعَةَ مبسمك، لو بُعِثَ مجدّدًا لعجزت ريشته عن رسم مبسم الأم. تألقتِ في سماء الوفاء، فرعيتِ مملكة طفولتنا، راعيتِ شقاوتنا... تفهّمتِ تطفلنا البريء. لا نستطيع التّخلي عنك، لأننا لو فعَلنا نخون الأمانة التي منحتِنا إياها يوم ميلادنا... أمانة وجوب احترام وجودك. أوردة عمرنا ارتبطت بك، منعتنا من الخنوع للقدر، أنكرت ذاتكِ لأجلنا.

الأم تطلب من بعض ناكري أعظم وصيتين عرفتهما الديانات السماوية، "أكرم أباك وامك" و"بالوالدين إحسانا"، أن يحموها، ويراعوا ظروفها، كي يتجنّبوا دينونة الآخرة... تدعوهم ليكونوا رسُلها، لينشروا هاتين الوصيتين، في مجتمعنا وفي أصقاع المسكونة، لأنها تمنحهم منظار التعقّل، كي يروا من خلاله خلايا الشر الخفية عليهم.

الأم تحمل في أحشائها أحد أعظم الأسرار، وهو سر تكوين الجنين، إلى يومنا هذا عجز العلماء عن معرفته. تعامل الأم مع أبنائها بصبر، كوَّن جسرًا طويلاً من التّضحيات، أوصلهم إلى أعلى المراتب العلمية والوظيفيّة، والأغاني الخالدة التي تمجّد تاريخها، ليست إلا شهادات حيّة، تحكي عن الرابط العائلي المتين الذي تحافظ عليه الأم، تحمل على صدرها ميدالية الكفاح، تمد أولادها بالعزم والهمّة، ليكونوا أقوياء البأس، منحتهم حصانة الصمود أمام عنقاء المِحَن.

هي رفيقة مسيرتي الإبداعية، في بحر عينيها تطوف سفينة إبداعي، بريشتي الندية، أستخرج المداد لدواة أدبي النضرة، لأرسم لوحة من الكلمات الملوّنة بالمعاني. علّمتني معنى وجوب احترام الآخرين، غفرت لي ما جنيته من ذنوب، كأنها قديسة تراءت لي عند الشدائد، بفضلها انتصرت على الأيّام العصيبة، لأنّي دائمًا أسير في درب تفاؤلها... أومن بمعتقداتها التي حدّت من تهوري، من خلال إصغائي لنصائحها وتوصياتها.

نحن المخلصون لها نتمنّى لها طول البقاء، ما زلنا موالين لسياستها الحكيمة... فلنهتف بأعلى صوتنا: "الشعب يريد إنصاف الأمهات"، فليرحمها الجاحدون.

 

(شفاعمرو)