[x] اغلاق
نسمات شفاعمرية
16/3/2012 11:21

 

نسمات شفاعمرية

بقلم زايد خنيفس

تغريد رسلان ومربية في قلب طلابها

يختار الله مواعيد رحيلنا إلى العالم الآخر ويختار المكان والزمان لان ميزان العدل قائم والخير والشر يحرك هنا وهناك، لكن موت فاضل وفاضلة وأيادي وبصمات خضراء في صفحات السنين كفيلة أن يكون المكان بجواره وجنات خلده فهناك الراحة والنعيم. وهذا الأسبوع وقع وفاة المربية تغريد أمين رسلان، شفاعمرية وجذورها تمتد في الأرض الطيبة حتى عبلين، وقع الصاعقة علي شخصيا وهي زميلة الدراسة في المرحلة الثانوية، فكانت في طلعتها الأولى نحو الحياة طالبة رضعت من نهود التربية أخلاقا واجتهادا وأملا في الوصول للقمة، وانتمت لعائلة وأشقاء اختاروا الأخلاق والمعاملة الصالحة والعلم سبيلهم.

رحيل الفقيدة إلى جوار ربها أعاد إلى ذاكرتي مدرسة ثانوية بلدية قاد سفينتها لسنوات طويلة أطال الله عمره المربي إبراهيم طوقان ابن قرية عبلين، فكانت المدرسة تحتضن بين صفوفها وساحاتها وظلال حرشها كل نسيج شفاعمرو، فذابت عند درجاتها الأولى الطائفية والطوائف وكانت هويتنا شفاعمرو، ورحيل الفقيدة أعاد إلى ذاكرتي مطلبا سابقا في إعادة ترتيب مدارسنا، لان الحكمة أن نتعلم من سقوطنا وان نكون مثل تنوع السفح عندما يستيقظ الربيع وبقاء المدارس في تنوع واحد سيعيد سقوطنا.

قص لي قريب الفقيدة في موقف العزاء بان المربية تغريد لم تستسلم للمرض الذي أصابها وأصرت على حضورها الاعتيادي لمدرستها، واخفت عن طلابها وجعها وألمها ولم يشعر احد حتى من حولها بمعاناتها الشخصية، وبعد أن سبقها زوجها إلى العالم الأخر قبل سنتين، وفي كل الحالات يرحل المربي جسدا ويبقى في قلب طلابه، فهناك رسالته باقية تسقط كالندى على وجه الورق الأخضر وتغريد رسلان مربية نشيدها رسالة باقية في ضمير طلابها.

النظافة والصحة ومشهد لكل المدينة

أطلقت البلدية هذا الأسبوع مشروع النظافة فهب طلابنا في كل معاهدهم ومدارسهم حاملين الأكياس يلتقطون الأوساخ التي خلفها البشر في مهب الريح، والحملة والمشروع مبارك من مبادرة ومشاركة الطلاب في حملة مباركة، لأنهم يزيلون غبارا عن وجه مدينتهم. ولقاء رجال الدين في شفاعمرو حول أهمية النظافة والصحة خطوة إلى الأمام من اجل توزيع المهام، لتبقى الكلمة الطيبة مشروع بناء مجتمع يتوق لغد أفضل. وانتشار الطلاب في الأحراش المحيطة للشوارع الرئيسية قيمة بل من القيم التي تجذر فينا جمال الإنسان في جواهره، لان من السهل أن نلتقط الأوساخ من محيط الشوارع، لان الحكمة أن نربي أطفالنا لقيمة النظافة والصحة والبيئة الخضراء. وجمال المدينة تبدأ من داخل بيوتنا والأحرف الأولى لتربية وتنتهي بمشهد ترسمه كل الأيادي المخلصة.

 

ثلج على وجوهنا وحقيقة في ودياننا

الراصد الجوي يبشرنا في الأيام الأخيرة عن سقوط الثلج في قمة جبل الشيخ وقمم أخرى في الشمال، وقبل أيام بشرنا صديقنا عاطف أبو حمود بأنه أحضر أطنانا من ثلج جبل الشيخ إلى شفاعمرو، فهب الأطفال والنساء إلى موقع الحدث يرسمون فرحهم بأشكال مختلفة. فهكذا هو صديقنا عاطف مبدع بأفكاره لكنه استطاع أن ينقلني إلى مشهد ثلجي آخر، ففي البداية والنهاية ومهما كان سمك الثلج فان قمة الجبل ستعود إلى حقيقتها لينتهي الثلج في القاع القريب ويسير في الينابيع والوديان، فهكذا هي حقيقة الأشياء فمهما كان سمك الضباب على وجه الحقيقة فان الريح والشمس والنسيم قادرون على كشف قمة الجبل، ولن تسمى الأشياء في نهاية المطاف إلا بأسمائها، وثلج على الوجوه زائل ولا يبقى من الوادي إلا حجارته.