[x] اغلاق
سلمى وعشر سنوات تبقى في الذاكرة
23/3/2012 12:36

 

"سلمى" وعشر سنوات تبقى في الذاكرة

بقلم: زايد خنيفس

يوم الجمعة الماضي الموافق 16.3.12 يوم وموعد سيبقى على الصعيد الشخصي من ايام حياتي، فلكل شخص مواعيده وتواريخه تبقى محفورة في الذاكرة ومطبوعة في الاحاسيس الصادقة، ولا ابالغ في المآقي الدامعة فكنت على موعد مع اصدار اول باكورة اعمالي الادبية، وموعد بالنسبة لي قمة وهو مرور عشر سنوات على وفاة والدي رحمه الله. وكلمات قلتها امام الحضور والذين شاركوني موعدي:

يختار الله لنا النهاية والبداية.. وميزانه العادل يحدد مكان إقامتنا الدائمة، وما اجمل وما اروع فوزنا بجواره ونعمته وقد وهبنا العقل لنكون نبعا للخير وبصمات خضراء لا تمحوها السنوات.. 

اخترت السادس عشر من اذار من يوم الجمعة، وهذا المشهد الجميل بكم لأنه  تاريخ لذكرى عزيزة علي شخصيا وعزيزة على الأوفياء، ومن اتخذوا من الدنيا ضميرا فهذا اليوم يصادف عشر سنوات على رحيل والدي، فله السلام وباقات الشوق ولكم جميعا السلام والتقدير والمحبة واضمومة من الأزاهير على صدوركم وقلوبكم فانتم البيت وأهله.

هناك وفي تلك الزاوية جلس والدي وبكل حواسه استمع ونصت لقصة مظلوم وهو القائل "ان تكون مظلوما خيرا من ان تكون ظالما".. هناك جلس قرب نافذة تطل على شفاعمرو والقرى يطالع كتابا يبقيه قريبا من الله وهو يقول "بفرجها الله ".. هناك غرفته الصغيرة دخل اليها بسرعة واخذ من خزانتها صندوق حلاقته، وبعد هاتف طلب نجدة عن شجار في احدى القرى لبس بسرعة قنبازه لتأدية واجبه، فدقات ضميره كان يسمعها الله ..عاد الى بيته في ساعات المساء المتأخرة وهو القائل" يا ولدي الانسان يذهب في اخر الليل لينام ويضع رأسه على وسادته لينظر بوجه الله بضمير مرتاح"..

كانت الراية البيضاء المعقودة شعاره وكثيرا كان اهل الغادر والمغدور يقولون له: قضيتنا في حظك، وانت الحكم بيننا فأعاد الحق لأهله وانصف المظلوم والفقير ورفض ان تكون الدية تجارة بل رمزا واساسا للصلح بين المتخاصمين.  

وفي اوقات فراغه نزل باتجاه البئر لينتشل من ماء السماء دلوا يروي به شجيرات الزيتون..  

شاءت الاقدار وبسماح اخوتي ان افتح تراث الوالد لأجد انسانا عرف نفسه وعرف الطريق نحو الله، فحمل هموم الناس باخلاص وسجل منذ 1939 يومياته حتى يوم وفاته .. شب الى الدنيا فاخذ وجهه رحاب خلوات البياضة العامرة باهلها وأدى واجبه تجاه اهله وكان متسامحا في اصعب المواقف فسكنت شفاعمرو واهلها قلبه.

فكان اكبر من المصائب وادرك بان وحدة المجتمع وسلامته اثمن من أي شيء، فمن يعمل وتلفحه غمار الدنيا قد يقع في الخطأ وهو الذي اكد دائما بان الكمال لله وحده.

واخيرا يا اخوتي الكرام-هذه باكورة أعمالي "سلمى" الهام من الله بل هي واجب لنلتقي دوما ويذوب الثلج عن صدورنا ... وسلمى حفيدتي الاولى طفولة لا تعرف الا مشاهد البراءة، وهي الحياة واشراقاتها وسلمى همسات ونسيم نحو حياة افضل وعودة من عبق الماضي، لان مدينة لا تحمل ماضيا لا تحمل مستقبلا. فشكرا لكم لأنكم تعرفون واجبكم وتعرفون حمل الرسائل وحفظها في القلوب المخلصة.