[x] اغلاق
هَلْ مِنَ المُمْكِن أنْ أحبهُ؟!!
30/3/2012 11:26

 

هَلْ مِنَ المُمْكِن أنْ أحبهُ؟!!

حــوار بيــن أختــين

بقلم: مارون سامي عزّام

جلسنا أنا وأختي الكبيرة في غرفتنا ذات يوم وتحدثنا بشتى الأمور، وأخذتنا خيوط الأحاديث، إلى ذلك الكاتب، الذي سطع نجم شهرته في المجتمع، وقالت لي: "إذا كنت لا تحبّين أسلوب كتابته، دعيه وشأنه، ثم لماذا عندما تلمحينه تتصرفين أمامه هذه التصرفات الصبيانيّة الغبية؟! أَلكي تلفتي انتباهه؟!! فهو لا ينتبه لأمثالك، وليس منتسبًا إلى مجموعة الطفوليين الذين يبحثون عن اسمك في لائحة "نادي المعجبات"، ولا يهمه الأمر إذا كنت معجبة بكتاباته أم لا، ولا يدقّق ليعرف كم عدد مسامات جلدك، التي تمتص بقايا عرق سعيك غير المجدي وراءه".

أجبتها: "ولكنني فعلاً معجبة بكتاباته وأقرأها دائما كلمة بكلمة، وأحب هذه النوعية من الكُتَّاب الذين يُلبسون الفكرة حلة إبداعية مميزة، فيصبح لها قيمة ومعنى، وتندمج بشكل انسيابي مع موضوعاتهم، ورغم ذلك فأنا حتى الآن لم أحبه بعد، لكنّني معجبة به... وما العيب في ذلك؟"

أجابتني أختي قائلةً: "العيب أنّ تصرفاتك لا تليق بسنّك، تدل على أنّك شغوفة به، وتستهترين بكرامتك، لذلك احذري منه، فهو لا يتسرّع في ردود فعله، إنه مثل الأفعى سلس وناعم في ردود فعله، بحيث لا تشعرين وأنت تقرئين أي قطعة غرامية جديدة لهُ في الصحف، أنه يوجه حديثه إليك، فلو ألقيت عليه التحية لرد بأحسن منها، لا تخافي... لن يلقي بشبكة حبه عليك بمجرد أنك طرحتِ عليه التحية، لأنه يُقيِّم جدًا الفتاة اللبقة واللطيفة..."

وتابعت حديثها قائلة: "أتعلمين كم يكره الفتاة السخيفة، لأن وقارها ينفصم عن شخصيتها بمجرد أن تتصرف مثلك. أعتقد أننا، نحن الفتيات، نفهم بعضنا البعض... أم أني مخطئة؟"، أجبتها: "أنت محقة في كل ما تقولينه، لكن ما أريد أن أفهمه، من أين لك كل هذه المعلومات عنه؟ قالت: "لو تعمقت في كتاباته، وتمعنت في كل كلمة يكتبها، لأصبحت عرّافة ومحللة عظيمة لخفايا شخصيته، ولرأيت أن كل كلمة يكتبها تعبر عن جزء من بقعة كيانه".

هنا تأملت عينيها ووجهها، وقلت في نفسي: "ربما تحبه؟! غير معقول!" قلت لها: "أتعلمين أنك كدت تقنعينني بحديثك هذا، ولكن لدي سؤالان يعومان فوق معدة تساؤلاتي الشرهة لحب الاستطلاع: هل من الممكن أن أحبه يومًا ما... هل يقبل أن يتنازل لأجلي عن حصة من قلبه؟!! هذان السؤالان وضعاني في منتصف يابسة تفكيري، ولن أعثر على واحة طمأنينتي فيها، قبل أن أجد الإجابة عليهما، فهيّا أسمعيني إجابتك على هذين التّساؤلين".

أجابتني أختي على تساؤلي الأول قائلة: "أنت معجبة بكتاباته فقط، حتّى أنّك لا تفكرين فيه كحبيب لك، لأن إعجابك مُركز حول مغارة أفكاره الجميلة التي تدخلينها فتجعل عقلك ينحرف عن مساره اليومي والواقعي، إلى مسار فيه صور إبداعيّة، فيها طبيعة خلابة، لا تستطيعين أن تصوريها مثله... الكلمات تزقزق بشتى الأصوات الأدبية، تلتقط كالعصافير بذور الحروف من أرض اللغة... تقف على أغصان الخيال النضرة، تناديك كي تسمعيها، فيأخذكِ بأسلوبه الخاص إلى معالم إبداعية ساحرة لم تصادفيها من قبل، لذلك لا تحلمي أن ترَيه يقدّم لك تذكارًا غراميًا من صنع فكره المبدع ليجعلك تحبينه"...

"...أما سؤالك الثاني، فإنه يحتاج إلى جلسات بحث عميق لهذه المسالة، لأنه يجب أن يكون بينكما قاسمٌ مشتركٌ في كل شيء، وتفكيرك الأهوج بأن يتنازل لك عن حصة من قلبه، مقابل امتلاكك له بحفنة إعجاب بخسة، لا تساوي عنده ثمن ياقوتة عمره! هذا خط أحمر بالنسبة له، وهو لا يقبل أن تدفعي له مهرًا حقيرًا كهذا... وأقول لك بصراحة تامّة إني لم أتوقع منك هذا التفكير الآلي عديم الرؤيا"، أجبتها: "أتعلمين؟ يتهيَّأ لي أنه بإمكان أية فتاة أن تحب إنسانًا لديه كل مقومات الشخصية الجذابة والمقنعة، لكنْ، يبقى السؤال: هل من الممكن أن أحبه أنا أيضًا؟!..."