[x] اغلاق
لا لازدواجيــة الأعيـــاد...!!
12/4/2012 14:01

 

لا لازدواجيــة الأعيـــاد...!!

بقلم: مارون سامي عزّام

التلاميذ الأربعة الذين وضعوا العهد الجديد، لوقا ومُرقص ومتّى ويوحنّا، تناولوا سيرة حياة السّيد المسيح، خلال فترات حياته المختلفة على الأرض، لم يعيدوا كتابتها مرّة أخرى، لأنها كانت زاخرة بالأعمال والأقوال الحكيمة. لم تكُن تعاليم السيد المسيح ذات مضامين مزدوجة، والدعوة إلى "كنيسة واحدة جامعة مقدّسة رسوليّة"، وحّدت المسكونة، تحت راية الخلاص والإخلاص لتعاليمه، وتبعه الجميع، ولم يتنبأ بانشقاق الكنيسة الذي جعل الأعياد مزدوجة.

بعض الطوائف المسيحية في بعض المدن والقرى، تحب توأمة الأعياد، كل حسب طقسها، سواء الغربي أو الشرقي. برأيي أن هذا استنساخ احتفالي غير محبّذ، وانصياع لاعتقادات كهنوتيّة تعصبية لا أكثر، نتيجة انشقاق الكنيسة. بعض الكهنة في عِظاتهم أيّام الآحاد، ينادون بالمحبّة والألفة، يشدّدون على وحدة الرّوح مع الجسد ويشدّدون على قوة الانتماء المسيحي. والرعايا يتوقون إلى انتماءٍ مسيحي حقيقي، وما عِظات الكهنة ورجال الكهنوت سوى إيحاءات روحيّة، من وحي الإنجيل.

رؤساء الكهنة في عِظاتهم في الأعياد، يدعون رعاياهم للترّفُع عن الصّغائر والأحقاد، والعمل على الوفاق بين الأخ وأخيه، لكن أين الوفاق العقائدي بينهم وبين الطّوائف المسيحيّة الأخرى؟!! إنه واهٍ وهَش. صحيح أنكم تنبذون الطّائفيّة... تندّدون بالتشرذم الحاصل في الكنيسة، أمّا باطنيًا فتحبّون البقاء في سدّة التّحكم بالرّعيّة، تحرّكونها كما يحلو لكم... تتمسّكون بأفكاركم وآرائكم... تعملون على ترسيخ الشّرذمة الطّائفيّة في الدّيانة الواحدة!!

أين التّسامح الأخوي الذي نادى به السّيد المسيح؟!!، إذا قصدتم التّسامح بين أبناء الرّعية الواحدة، فهُم الأكثر تسامُحًا ولينًا مع إخوتهم المسيحيين، إنّما الأهم من كل ذلك أيها الرّؤساء، التّسامح والتعاضد الدّيني بينكم... فتجنّبوا المعتقدات التي لا تلائم وقاركم، ولا تتناسب حتّى مع تعاليم السيد المسيح.

الازدواجيّة بالأعياد، خلقت بلبلة اجتماعية بين معظم النّاس الذين ينادون بتوحيد الأعياد... سمعتُ أن توحيد الأعياد هذه السّنة بقي ساري المفعول... عجبًا كأنّه اتفاقيّة أبرمت بين دولتين عدوّتين، وليس بين طائفَتين من دين واحد! إسرائيل التي تباهي بالتعدّدية، تحكمها أحزاب متعدّدة، لها مصالح معيّنة لتلبية احتياجات جمهورها، بينما في قضيّة توحيد الأعياد ليس هناك أي مصلحة تحكم الطّوائف المسيحيّة، سوى المصلحة العامّة لأبناء رعيّتها، من خلال دعوتهم للمشاركة في الصّلوات، والفعّاليّات الرّوحيّة التي ينظّمها بعض الكهنة. إنّما هناك زعامات دينيّة تشجب التوحيد، من دافع العجرفة المذهبيّة التي يتميَّزون بها، هذا أمر غير وارد في أجندة حوار الأديان، وغير مقبول في عصر الانفتاح على الأديان الأخرى.

منطق بعض الزّعامات الدينيّة الأهوج، الذي يُقَسِّم الأعياد المسيحية إلى شرقية وغربية، غير موجود في باقي الدّيانات مثل الدّين الإسلامي أو اليهودي. المذاهب الدّينية التي ينتمي إليها رجال الدين، يحترمها ويعمل بحسبها المصَلّون، ورغم التّعدّدية الطائفيّة السّائدة بينهم، فجميع الطوائف الإسلامية واليهوديّة تحتفِل بأعياد واحدة.

أتمنّى من رجال الدّين المسيحيين في بعض المدن والقرى العربية، أن يلتفّوا برداء توحيد الأعياد، لأن هذا هو المنطق السّليم والأرجح... أتمنّى أن يتفهّموا رغبات رعيّتهم، وأن يسير رجال الدّين في درب آلام التّفاوض الشّاق، مع باقي الطّوائف المسيحية، إلى أن يزيحوا عن مغارة عقولهم حجر تعنّتهم، ليفيض عليهم نور العقلانيّة، إكرامًا لتوحيد الأعياد.