[x] اغلاق
التزوير الاعلامي في الحالة السورية
12/4/2012 14:04

 

التزوير الاعلامي في الحالة السورية

زياد شليوط

للإعلام دور هام وبارز في عصرنا، وله تأثير كبير على الجمهور المتلقي، وخاصة الإعلام المرئي حيث تصاحب الصورة الكلام، وقيل في هذا الجانب إن صورة واحدة تساوي ألف كلمة، وقد سبقهم أجدادنا إلى القول أن "الحكي مثل مثل الشوف" أي أن الكلام لا يمكنه أن يساوي المشاهدة، فالرؤية بالعين تلغي الكلام، لأنها أصدق من أي كلام. لكن هل كل ما نراه في وسائل الإعلام المرئية اليوم، يسد مسد الكلام وهل هو رؤية بعين المشاهد أم هو رؤية بعدسة ليس المصور إنما من خلال شاشة المزوِّر، صاحب المصلحة في تشويه الصورة وقلب الحقيقة بدل البحث عنها، وجعل المتلقي يقع تحت تأثير هدف المتلاعب بالمادة الإخبارية المصورة، وتوجيهه بالتالي ليتخذ موقفا وفق رؤية صاحب المصلحة والذي يقف من وراء المشِّوه والمزوِّر للصورة.

وفي الحالة السورية نهجت بعض وسائل الإعلام نهجا غريبا، لا علاقة له بالبحث عن الحقيقة أو نقلها للمتلقي. وعمدت وسائل الإعلام تلك –ونتحدث عن الوسائل المرئية- الى التلاعب بالصور والمشاهد المصورة، حيث يمكنك اليوم ومن خلال التطورات التكنولوجية تغيير وتعديل وتشويه الصور، بل إخراج فيلم قصير على أنه تقرير إخباري من الميدان، وإذ بك تفاجأ أن ذلك الفيلم أقل ما يقال فيه أنه "مفبرك"، أي لا علاقة له بالواقع وأبعد ما يكون عن الحقيقة، وكل ذلك من منطلق العداء للنظام السوري الحاكم. وتقوم وسائل الإعلام بتكرار هذه الفعلة والعودة إليها يوميا، وبذلك تعمل على ترسيخ هذه الصور في ذهن المشاهد الذي يتأثر بسرعة كانسان من تلك المشاهد، ويأتي مع الصورة الكلام الذي يريد صاحب المصلحة نقله للجمهور، وهنا يكون من السهل إقناع المتلقي بما يشاهده على أنه حقيقة. فهل تقوم وسائل الإعلام تلك برسالتها، أم أنها تحولت الى وسائل دعائية وبوق لمصلحة طرف من الأطراف؟ في هذه الحالة يمكن الجزم أن أي وسيلة إعلام لجأت وتلجأ إلى مثل هذه الألاعيب، أنها خانت رسالتها والأمانة التي تحملها ولم تعد تستحق شرف الرسالة الإعلامية.

وواصلت وسائل الإعلام الموجهة تشويه الحقائق بالإعلان يوميا عن أرقام تدل على سقوط الشهداء، مرة 20 ومرة 40 وأخرى تزيد عن الـ80، دون أن يدقق أحد في صحة تلك الأرقام، أو يتساءل كيف توصلوا إليها. وفرضا أن تلك الأرقام صحيحة، كيف يجري التعامل معها؟ إن من يستمع إلى تقارير تلك الوسائل وكيفية نقل الخبر وصياغته، يضع اللوم مباشرة على النظام الحاكم وأذرعته. حيث يسبق إعلان الرقم عبارة "تواصل قصف الأحياء وسقط ... شهيدا" أو "قام الجيش السوري" وما شابه من عبارات توجه الاتهام للنظام إما مباشرة أو مواربة، وهكذا ينصب الصحفي ومن يقف وراءه نفسه حكما وقاضيا، بل مالكا للحقيقة دون منازع، بدل أن يقوم بواجبه بنقل ما يعرفه بعد التمحيص والتدقيق. فهل بتنا في سذاجة الى هذا الحد أن أبطلنا عقولنا وتبعنا مشاعرنا، بحيث بتنا نصدق أي خبر نسمعه أو صورة نشاهدها؟ وهل عندما يقصف الجيش – مضت سنة على الأحداث الداخلية في سوريا- طوال هذه المدة، انما يقصف أحياء وبيوت ومدنيين؟ أم أن هناك من العناصر الإرهابية والتخريبية من لجأت الى الأحياء والبيوت الآهلة بالسكان لتتخذ من المواطنين دروعا بشرية لها، بينما تدعي أنها تقوم "بثورة" من أجل الشعب؟

رحم الله شاعرنا وفيلسوفنا أبا العلاء المعري الذي قال:

كذب الظن لا إمام سوى            العقل مشيرا في صبحه والمساء

فإذا كان الناس البسطاء العاديين يخدعون بتلك الأخبار والتقارير المصورة، ما بال عقلائنا من كتاب وأكاديميين ومثقفين يتخلون عن دليلهم الذي يجب أن يوجههم صبحا ومساء؟ وما داموا يبحثون عن الحقيقة عليهم أن يستوعبوا ما قاله فيلسوفنا وأديبنا الآخر جبران خليل جبران، الذي قال "يحتاج الحق الى رجلين، الواحد لينطق به والآخر ليفهمه." فما بال العديد منا يستنكفون عن قول الحق، وما بال الكثيرين يهربون من فهم واستيعاب الحقيقة التي تؤلمهم؟ وهل يعقل أن تقع مسؤولية القتل اليومي على النظام الحاكم فقط، بينما تعيث العصابات الإرهابية والكتائب الظلامية فسادا في الوطن حاملة السلاح مسترخصة حياة الناس؟ فالقتيل ليس بريئا من جريمة القتل، كما قال جبران.

عودوا اذن الى حكم العقل، فقد انكشفت الحقائق أمامنا، فالشعب السوري ضحية للعابثين وأصحاب المصالح من الخارج، الذين زجوا به في "ثورة" هدامة ودفعوه الى الصف الأول في المواجهة ليكون ضحية أطماعهم وحساباتهم الضيقة. 

(شفاعمرو/ الجليل)