[x] اغلاق
تجاوزي الخلافات، ولا تنعزلي عن والدك
6/7/2012 13:14

 

لا يُدرك معظم الآباء مدى تأثيرهم على حياة المراهقات من أبنائهم، وقد يرجع ذلك إلى صعوبة التواصل والتفاهم بين الطرفين بسبب الخجل الذي ينتاب المراهقة ومنعها من التحدث إلى أبيها عن أدق أمورها الشخصية أو بسبب اختلاف طبيعة ملامح جسدها عن مرحلة الطفولة وشعورها بأنها صارت امرأة ومن العيب أن تتعامل مع رجل عن قرب.
ومن الطبيعي أن يجد الأب في التعامل مع الذكور من الأبناء قدراً أكبر من الراحة والسهولة، خاصة إذا ما وصلوا إلى مرحلة النضج وبلغوا مبلغ الرجال، وقد يُضاعف ذلك من شعور الفتاة المراهقة بالعزلة والاغتراب عن الأب الذي طالما أغرقها بحنانه وعطفه في طفولتها. وتضطر الفتاة في تلك الحالة إلى البحث عمن يفهمها ويُقبل على التواصل معها وقد تقع في أمور غير محببة تجرها إلى ما لا يُحمد عقباه!
وقد تبين من دراسات أجريت مؤخراً عن علاقة الآباء بالمراهقات من الأبناء أن المراهقة تحجم عن السلوكيات السلبية، خاصة فيما يتعلق بالجنس والعلاقات العاطفية، إذا ما نالت ما تستحق من اهتمام الأب. فمعرفة الأب بأصدقاء ابنته المراهقة وبنوعية الأنشطة التي تشغل اهتمامها، وكذلك متابعته لتقدمها في الدراسة وإلمامه بالمشكلات النفسية التي تواجهها، تحميها من الكثير من الأمور التي تهدد مستقبلها. كما أن مساعي الأب لسد حاجات ابنته النفسية والعاطفية قبل المادية سوف تقلّص فرص انحرافها إلى الخطأ، ووقوفه إلى جانبها يدعمها ويعزز قدراتها على مواجهة الأزمات.
تتعلم المراهقة من والدها الكثير وتنقل عنه أهم الخبرات الحياتية، والتي من أبرزها احترام الذات. فعندما تلاحظ المراهقة احترام والدها لوالدتها وتقديره لدورها في رعاية الأسرة ينعكس ذلك على طريقة تعاملها مع والدتها وتتدرب على مساعدتها والوقوف إلى جانبها كلما استدعت الحاجة. وتستطيع المراهقة اتخاذ قرارات سليمة وتتجاوز أدق المشكلات إذا ما اتسمت علاقتها بوالدها بالقوة والمتانة، وكما أنها تتعلم العنف في التعامل إذا ما كانت القسوة من طباع الوالد، فهي أيضاً تنقل إلى أبنائها طيب الخلق والهدوء والرقة إذا ما تربت في بيت يحترم العلاقات الإنسانية ويمنح كل عضو من أعضاء الأسرة قدره المناسب.
في كل محادثة تتعلم المراهقة من والدها ما هو مقبول وغير مقبول من التصرفات، وتنقل عنه الكياسة واللباقة وحسن التصرف، ما سيدفعها في المستقبل إلى البحث عن شريك حياة يمتاز بتلك الصفات الإيجابية. فلن تتعلم المراهقة حسن مخاطبة الآخرين والذوق في التعامل معهم ومنحهم ما يستحقونه من احترام وتقدير إلا من المنزل، وللأب الدور الأكبر في مراقبة ذلك حتى تنضج الابنة المراهقة وتصير شابة وتصبح عضواً فعالاً من أعضاء المجتمع.
مشكلة تجاهل الأب لدورها وكيفية مواجهتها
تُصاب المراهقة بالإحباط وتحجم عن الاختلاط ببقية أعضاء الأسرة إذا ما شعرت بعدم قدرتها على التواصل مع الأب ولاقت منه التجاهل. وقد تتفاقم المشكلة إذا ما وجدت المراهقة من الأب التعنت عند الدخول في نقاشات حول حياتها الشخصية. أما المشكلة الأكبر فهي تجاهل الأب لابنته وإسناده مهمة رعايتها ومراقبتها إلى الأم، ورغم ما قد تظهره المراهقة حينها من نفور من التعامل مع الأب وقلق من ردة فعله تجاه تصرفاتها، فهي تحتاج إلى وجوده في حياتها وتشتاق إلى عطفه واهتمامه.
حاولي شد انتباه والدكِ بشتى الوسائل المتاحة، فمثلاً أضيفيه إلى صفحتكِ على فيسبوك واحرصي على التواصل معه كي تمنحيه الفرصة لفهم أبعاد شخصيتكِ والتعرف على ما يرضيكِ وما يثير انزعاجكِ.
فاتحي والدكِ في أهمية تجاوز خلافاتكما والفتي نظره إلى ضرورة تقاربكما لإنهاء الفرقة. ولا حرج في إطلاعه على مشكلاتكِ الشخصية، وإذا ما كان الغضب والصراخ طريقة تعامله في الأزمات فتجنبي إثارته وتمهلي قليلاً وانتظري أوقات صفائه وهدوئه.