[x] اغلاق
يا هلا ومرحى بتلفزيون هلا
24/7/2012 8:51

 

يا هلا ومرحى بتلفزيون "هلا"

بقلم: مارون سامي عزّام

انتهاج سياسة تعدّد القنوات بأكثر من لغة، مأخوذ عن الغرب، فالقنوات الخاصة العربية والعالمية، أطلقوا قنوات بعدّة لغات، وبعضها بتمويل الحكومات الغربية. أمّا هنا في إسرائيل فالقنوات الموجَّهة للأقليات، تُطلق تحت رعاية الحكومة، بعد أن تحصل على امتياز من مجلس الكوابل والأقمار الصناعيّة، وبتمويل من رؤوس أموال خاصّة. بعد أن اكتشفت الحكومة أن طريقة الامتياز فاشلة، أقرّت قانون ترخيص القنوات الذي سيدخل إلى حيّز التنفيذ مع بداية 2013، وستفتح المجال لإنشاء قنوات أخرى.

إعلامنا المحلّي الذي همّشته الدّولة، كان بعيدًا تمامًا عن البيئة التلفزيونيّة الإسرائيليّة الشرسة، التي تتنازع فيما بينها على صراع البقاء للأفضل جماهيريًّا والأقوى اقتصاديًا، ولم يكن بمقدور إعلامنا تسليط الأضواء على أي إعلامي محلي إلاّ في أعقاب إطلاق القناة العربية الأولى من نوعها في تاريخ إسرائيل، والتي سُمِّيَت "هلا".   

قضية ولادة قناة موجّهة للعرب، حكايتها طويلة ومعقّدة، مرّت بعقبات كثيرة، لأنه كان من المفروض أن تنطلق منذ 1996، أي بعد إقرار الحكومة إطلاق مجموعة من القنوات الفضائيّة موجّهة لأقليّات هذه البلاد، فأطلقت قناة موجّهة للجمهور الروسي، وأخرى موجّهة للجمهور الأثيوبي، إلا العرب لم تنطلق قناتهم الخاصّة بهم. حتّى أن آخر محاولة لطرح المناقصة عام 2003، باءت أيضًا بالفشل، لعدم اتفاق الشركاء فيما بينهم، وبسبب الشروط الصّارمة لمجلس الكوابل والأقمار الصناعية.

لولا مصادقة الكنيست على زيادة عدد القنوات المجّانية من 5 إلى 20 قناة، ومن بينها القناة العربيّة التي سُميت "هلا تي في"، المرخّصة من قِبَل مجلس السلطة الثّانية، لما انطلق بث أوّل قناة عربية محليّة موجّهة للأقليّة العربية. إن هذه الانطلاقة الإعلامية المهمّة، ستبقى تحت رحمة الحكومة، التي تذكّرنا أنه مهما تطورنا إعلاميًا، إلا أنّ الفضل الكبير يبقى لها في إطلاق قناة "هلا"! أي ما زالت تعتبرنا مواطنين غرباء في هذه الدّولة التي كل شيء عربي يتجاوز حدوده فيها يخدش يهوديتها السامية!!.

حصة قناة هلا من الإعلانات الحكومية الرسمية ستكون طبعًا صغيرة جدًا،  وستبقى الحكومة تبث غالبية إعلاناتها على القنوات غير العربية، وهو تمييز مألوف في سائر المجالات الأخرى...

بعض الإعلانات التي شاهدتها حتى الآن، تابعة لشركات يهودية لا تهتم بالوسط العربي، وفروعها في مركز البلاد فقط، ولا تحاكي عقلية المواطن العربي. المؤسّسات الحكوميّة، لا تريد أن تخسر اقتصاديًا من أجل توعية الجمهور العربي!!، فتكتفي ببث إعلاناتها كما هي، يصحبها شريط ترجمة للعربيّة أسفل الشّاشة. وجميع رجال الأعمال العرب الذين ظهروا على قناة هلا، ومنحتهم مساحة جيّدة، تحدّثوا عن بداياتهم ومشاريعهم، ولم يتكلموا عن تقديم أي دعم للقناة... لم يصرّح أحد منهم، عن نيّته بإنشاء شركة إنتاج تدعم فنّنا المحلي، رغم أن بعض رجال الأعمال والتجّار الكبار، يبثّون إعلاناتهم على تلفزيون "ميكس"!!.

تلفزيون هلا، ليس له انتشار ورواج في صحافتنا المحليّة، فقط من خلال موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك"، القناة لا تعرض شريطَا تفاعليًّا أسفل الشّاشة، يظهر فيه تردّدها، كما هو متبع في بعض الفضائيات العربية، فاكتفت بعرض التّردد خلال إشارة قرب بداية البث التجريبي قبل حوالي شهرين، وهذا غير كاف!!.

رأس مال القناة 15 مليون شيكل، أي لا يمكنه إنتاج برامج ترفيهيّة أو وثائقيّة أو دراميّة، ولا حتّى نشرة أخبار. في هذا المجال تتعاون مع شركة "هوط"، التي ستمدّها بنشراتها الإخبارية. قناة "هلا" تكتفي حاليًا بإنتاج برامج حواريّة متنوّعة، ذات مضامين آنيّة وجيدة، يقدّمها بعض الإعلاميين المحليين الذين يعملون في راديو الشّمس. الشيء المشترك للبرامج الحوارية: برنامج "ليلتنا شو"، الذي يقدّمه أيمن نحّاس، وبرنامج "دنيا" الذي تقدّمه الإعلامية المشرقة حضورًا، مقبولة نصّار هو زاوية "الطبخ"...

... هذه الفكرة مأخوذة من الفضائيات العربية، لكنّها لا تلائم برنامج "دنيا"، الذي يتناول أمورًا اجتماعيّة عديدة وقضايا جريئة. فهل الوجبة تُساعد على حل مشاكل المجتمع؟!! لا أظن ذلك. أن إدخال هذه الزّاوية في أكثر من برنامج حواري، هو فقط لإطالة وقت البرامج الحوارية. ليس لائقًا أن ينتظر الضّيف بضع دقائق، ريثما يستقبله مقدم البرنامج. كما أن تكرار بث البرامج الحواريّة أكثر من مرّة، يبعث الملل في المتلقّي، ودليل على عدم تحضير مدروس لخطة عمل برامجية.

الدراما التي تبثّها قناة "هلا"، هي مسلسل كوميدي من العالم العربي، وليس محليًا. شراء برامج وثائقيّة ومسلسلات وأفلام عربية وأجنبية، هو بند مهم في تخطيط دوراتها البرامجيّة، إرضاءً لأذواق المشاهدين. ولكن لماذا مثلاً لم تصوَّر للتلفزيون المسرحيات الرّاقية التي عرضتها مسارحنا الشّهيرة على مدى سنين طويلة؟!...  

برنامج الكليبات المصوّرة الموجّه للصبايا والشّباب، لا يمثل فننا المحلي... جميع الأغاني المحليّة المصوّرة إيقاعاتها غربية تدخل فيها موسيقى "الرّاب"!!، كلماتها غير مفهومة أو سخيفة، معظم المطربين غير معروفين لنا، ثم ما حاجتنا للأغاني الغربية! ثم أني لم أشاهد أي فضائيّة عربية غنائية تبث أغان غربية. فلماذا قناة "هلا" مختلفة في هذا المجال... لا أدري!! 

عدم اهتمام المستثمرين العرب بتجارة الإعلام، دليل على رؤيتهم المستقبلية المحدودة جدًا، فقناة "هلا" بتعريفها الإعلامي هي قناة تجارية مَحضة، تتغذّى من الإعلانات، لكن من جهة أخرى الحكومة كانت دائمًا تُشغل مؤسسات مجتمعنا بقضاياه... كما انشغل المستثمرون بأعمالهم وصفقاتهم التجاريّة، وتجاهلوا المجال الإعلامي التجاري المربح أيضًا. آمل أن يستثمر أحد رؤوس الأموال العربية في قناة "هلا"، حتّى تبقى صامدة اقتصاديًا، وأتمنّى لقناة "هلا" المزيد من التطور والتقدم، حتّى تستطيع أن تستثمر في توطيد علاقتها بالجمهور العربي في هذه البلاد، لتُثمر تلفزيونيًا وحضاريًا.