[x] اغلاق
القرطاسيَّة تنهب جيوبنا!!
27/8/2012 16:38

القرطاسيَّة تنهب جيوبنا!!

بقلم:مارون سامي عزّام

جميع طلاّبنا وطالباتنا في حالة تأهب تحضيريّة قصوى، استعدادًا لاستقبال العام الدراسي الجديد، ألمنسمعبالماضي الأهالي يقولونلأبنائهم: "راح الصّيف وفرحاتو، وإجا المعلم وقتلاتو"،مثل يقال كمرطِّبٍ بارد يُنعش عقولهم قليلاً، وذلك لعدم إنعاشها بالمطالعة المفيدة أثناء عطلتهم، ولكنّ للأسف معظم الطلاّب والطّالبات شحنوا أوقات فراغهم بشحن هواتفهم الذّكية، لئلاّ يُعطّل عليهممتعة اللهو به لدرجة الإدمان المفرط...إمّا من خلال الدردشة مع أصدقائهم عبر موقع الفيس بوك الشهير...وإمّا بالإبحار عبر الإنترنت نحو موقع "يوتيوب" الشّهير، ليشاهدوا المسلسلات والأغاني المصوّرة!!

"عزّلت" المكتباترفوفها من غبار المللأثناء العطلة، وقامت بتعبئة شاملة من كتُب وقرطاسيّة...كأنهم يستعدون للوغى، بعد أن تلقّوا الأوامر من القائد العام لوزارة المعارف بإطلاقرصاص الأسعار عاليًا باتجاه جيوبالأهالي، ممّا جعلأولادهم عبئًا اقتصاديًا مهولاً عليهم.بعض مناهج الكتُب ما زالت تتغيّر سنويًا مثل موضة الأزياء!!لأنكتُب ابن الجيران أو حتى قريبه لم تعُد صالحةللاستعمال، فيضطر الأهالي أن يشتروالأبنائهم كتب جديدة.

منتجو الحقائب اعتقدوا هذه المرّة أن الشخصيات الكرتونية الجديدة تجذب الأطفال أكثر، مثل السنافر... سبونج بوب... بِن تِن، أنجري بيردز، وإلخ، يكون سعرها أغلى من الشخصيات التقليدية القديمة، بعد أن اعتقد المنتجون أنها لم تعُد تجذب الأطفال كما في السّابق، مثل سبايدرمان وتوم وجيري وسوبرمان، لكنّهم أخطأوا التقدير... وتبيّن لهُم أنها مطلوبة أيضًا بشكل لافت، لأنهم أبطال خيال الأطفال الجامح... حُماة مخيلتهم الطفوليّة المتشوّقة للإثارة الحركية.

الشركات المنتجة للقرطاسية هي شركات إسرائيليّة، وخلف هذه البهرجة القرطاسيّة، تخفي خطة تسويقيّة ذكية، لأنها تُدرك جيدًا أن أهالي الأطفال لا يستطيعون الصمود أمام إلحاحهم... فيضطرون أن يشتروا لهم هذه اللوازم القرطاسية المزيّنة برسومات لشخصيات خيالية شهيرة وعالمية، حتى لو كانت التكلفة باهظة الثمن.

في مواقع الإنترنت الغربية للتسوق، الشّهيرة والمعروفة محليًا، سيكتشف الأهالي أن حقيبة طبق الأصل كالتي اشتروها من المكتبات سعرها أرخص بثلاثة أضعاف من سعرها في البلاد، وكان بإمكان الأهالي شرائها مسبقًا وليس قبل أيّام من موعد افتتاح المدارس، والسّعر يشمل تكاليف الشّحن أيضًا.

عصر الدفاتر الحديثة المرسوم عليها شخصيات كرتونية، قد قضى على شركة صناعة الدّفاتر التقليدية البنيّة المعروفة "דפרון"، وأغلقت أبوابها بعد مرور ستينعام وأكثر على إقامتها، بعد أن كتبت أجيالاً تلو أجيال على دفاترها حروف الأبجدية والوظائف اليومية المدرسيّة دهرًا من الزمن.

تصل تكاليف القرطاسية فقط، للعام الدّراسي الجديد مئات الشواكل باستثناء الكتُب وكراريس العمل. زرتُإحدى مجمّعات الشّراء الشّهيرة بأسمائها عندنا، فدخلتُ أحد فروع شبكات بيع القرطاسية المعروفة... "فالتخمت" من كمّيات الحقائب والدفاترالملوّنة الهائلة والمقالم على أشكالها مزينة برسومات لشخصيّات كرتونية شهيرة عشقها وما زال يعشقها الأطفال،لدرجة شعرت أنّي في محل للأزياء يعرض فيه ملابس نهاية موسم الصّيف!!

إذًا حرب الماركات الشّهيرة مشتعلة، تتنافس على نهب جيوب الأهالي...يبلغ حجم المبيعات السّنوي من القرطاسية أكثر من مليار شيكل، فإذا نظرنا منالمنظار الاجتماعي الدّقيق، نرى أن بعض الأهاليعاجزينعن الصّمود أمام مصاريف القرطاسية، لأن ثقافة التجارة تطغى على ثقافة الرّفق بهم. الحملة التي بادرت إليها البلدية لتقديم الدّعم المادي، لمساعدة بعض الأهالي في شراء ما يحتاجونه من قرطاسية وكتُب، دليل على تضامنها مع المحتاجين.

تقدم مدارسنا سنويَاللطلاب "عريضة" أطول منوثيقة الاستقلال الفلسطينيّة، فيها ما يحتاجونه من كتب وكراريس، ولا تقدم للأسف الشّديدعريضة احتجاج لمجلس حماية المستهلك... الأهالي في المجتمعين العربي والإسرائيلي، لم يقوموا باحتجاجات ضد غلاء أسعار القرطاسيّة، بينما احتجّوا على غلاء أسعار المواد الأساسيّة اليوميّة، ولكن أليست القرطاسيّة من اللوازم الأساسية لأولادهم؟!! كما يجب على الأهالي أن تحث وزارة المعارف علىإعادة الرّقابة على أسعار القرطاسيّة.

من هنا نرى وزارة المعارف توجّه التُّهم واللوم للمدارس عامةًوالعربية خاصةً، بتدنّي مستوى النّجاح فيها، وذلك لأنّ مدارسنا العربية تفتقرلعدّة أمور، منها تخصيص ميزانيّات لترميم وبناء المدارس،حوسبة بقية المدارس العربية، لترقى إلى مستوى مدارس الوسط اليهودي، المعتاد على "لهط" ميزانية وزارة المعارف، كما "تلهط" القرطاسية جيوبنا!!