[x] اغلاق
لمواجهة الاعتداءات العنصرية على المقدسات المسيحية
5/9/2012 18:35

 

لمواجهة الاعتداءات العنصرية على المقدسات المسيحية

زياد شليوط

 

مزق عضو الكنيست اليميني بن آريه الانجيل المقدس، بشكل استعراضيقبل نحو شهر ومر الحادث مرور الكرام.. دنس "مجهولون" المقبرة المسيحية في بئر السبع، الأسبوع الفائت ومر الخبر دون تأثير أو تداعيات.. قام "مجهولون" معروفون مكشوفون بالهجوم على دير اللطرون وكتابة شعارات معادية وعنصرية مقززة، واضرام النار في أحد الأبواب الرئيسة ولم يأت رد فعل بالشكل المناسب والمطلوب.

قبل أن ننتقد غيرنا ونتوجه باللائمة نحوالآخرين، علينا أن نرى الخشبة التي في عيوننا كما دعانا سيدنا يسوع المسيح – له المجد- وأن نقوم باصلاح أنفسنا، حتى يحق لنا مواجهة ما نتعرض له من اساءات واعتداءات. وأول ما يتجه الانسان في هذه الحالات وغيرها، يتجه نحو القيادات الروحية والعلمانية، فالقيادات الروحية المسيحية كثيرة وعديدة، لكن تأثيرها ضعيف وصوتها شبه غائب، صحيح أننا نسمع تصريحا هنا أو هناك ونقرأ عن رسالة توجه وتنديد يعلن. لكن هل يكفي هذا لرد العنصريين عن ممارسة عنصريتهم، وهل يهز الحكومة من سباتها ويجعلها تعالج الموضوع بجدية ومن الأساس؟  أما اذا نظرنا الى حال العلمانيين، فانهم تائهون لا قيادة لهم ولا هيئات تمثلهم ولا مؤسسات ترعى شؤونهم، انهم يضعون كل ثقتهم واعتمادهم على القيادات الروحية، التي تنوء بحمل المسؤولية وتأبى التنازل عن قسط منها ليقوم به العلمانيون. لو كانت هناك هيئة علمانية مسيحية توحد وتمثل جميع المسيحيين في البلاد، لبادرت ولا شك الى اجراءات عملية وعينية والى رفع صوت المسيحيين ليسمعه العالم كله. ألا تكفي كل تلك الاعتداءات، وهل نبقى مكتوفي الأيدي محتارين فاغري الأفواه، إلى ان يأتي الاعتداء القادم؟! وأتساءل أين الذين انبروا بالأمس القريب، معجبين بردود الفعل "العضلية" والتي تنم عن القوة مقابل القوة، أين أصواتهم، اين مبادراتهم، أين أفعالهم؟ ألا يستحق الاعتداء الأخير على دير اللطرون ردا قويا مجلجلا، أقوى وأكبر من الرد على حرق الانجيل المقدس، من قبل الفاشي المأفون المريض بن آريه، أم أن جعبتهم فرغت بعدما أظهروا كل بطولاتهم، فاستكانوا للراحة. من هنا علينا أن نبحث عن آليات لردود الفعل، لا تستنزف كل قوانا بخطوة واحدة تتحول الى يتيمة، وأن نكون مستعدين دائما لما هو أصعب وأعقد وأن تكون خطواتنا حكيمة ومدروسة وبالتالي ناجعة.

ولنا في رد فعل اخوتنا المسلمين ومعهم كل العرب في هذه الديار، على تنظيم معرض للخمور قرب المسجد الكبير في بئر السبع، هذا الأسبوع، عبرة وأي عبرة. انهم تنظموا منذ اليوم الأول بمبادرة من هيئات وحركات اسلامية وعربية، وفي مقدمتها لجنة التوجيه لعرب النقبوبرعاية لجنة المتابعة العليا ، للرد والاحتجاج على هذه الخطوة التي أثارت وتثير مشاعرهم الدينية، واتخذت عدة خطوات عملية من تظاهرات واعتصامات ولقاءات واجتماعات وممارسة الضغوط والاتصالات بالسفراء ووسائل الاعلام، فأين المسيحيون من خطوات كهذه؟ ليس المطلوب أن تقوم لجنة المتابعة أو غيرها بعمل ما يتوجب على الهيئات المسيحية أن تفعله بنفسها أولا، وليس المطلوب تضامن اخوتنا المسلمين معنا، قبل أن نبادر نحن الى اتخاذ خطوات عملية تستدعي التضامن، ووقفة الدعم والمساندة الأخوية من قبل أبناء شعبنا ومجتمعنا.

وكي لا يبقى كلامي مجرد انتقاد واستعراض، فاني أقدم اقتراحا عمليا واحدا مكتفيا به، لأن تنفيذه الى جانب مقترحات أخرى، يتطلب عمل هيئات وكوادر منظمة ومتعددة. واقتراحي أن تتم الدعوة لاعتصام ليوم واحد على الأقل في باحات كنيسة القيامة في القدس، (لكن الطامة الكبرى من هي الهيئة المخولة باتخاذ خطوة كهذه؟) تقام خلاله الخيم الرمزية التي تشير وتجسد كل اعتداء حصل في الآونة الأخيرة على احد الرموز الدينية، ويتواجد في تلك الخيم ممثلون معروفون وقديرون، ليشرحوا القضية أمام وسائل الاعلام الكثيرة والعديدة المتواجدة في القدس وخاصة العالمية ومن ثم الاسرائيلية والعربية، لنقل قضية الاعتداءات على المقدسات المسيحية الى  الرأي العام الخارجي، في أوروبا وأمريكا وأفريقيا واستراليا وآسيا، حيث يتم دعوة وتجنيد وسائل الاعلام تلك التي لن تتأخر عن تغطية ومتابعة حدث كهذا؟ ان اعتصاما كهذا سيشد أنظار واهتمام مئات السواح الأجانب من مختلف أرجاء المعمورة ممن يزورون مدينة القدس، أضف الى ذلك اثارة اهتمام الممثليات الدبلوماسية في القدس من قنصليات وسفارات للدول الأجنبية،وكذلك الجمعيات والمؤسسات الأهلية التي لها تمثيل أو تتعامل مع أوساط في الخارج. إن خطوة كهذه ستقض مضاجع الحكومة الاسرائيلية من رئيسها الى أصغر موظف فيها، مرورا بالوزراء ونواب الوزراء ومديري عام الوزارات وغيرهم، وستجعلهم يسرعون الى ايجاد الحلول ولجم ظاهرة العنصرية والاعتداء على المقدسات الاسلامية، لأن خطوة كهذه سيكون لها صدى كبير وعظيم في أوساط الرأي العام العالمي، وستجعل السفراء يرسلون بتقاريرهم الى حكوماتهم التي ستلجأ الى توجيه الأسئلة في أبسط الحالات، أو ارسال الاستنكارات الى الحكومة الاسرائيلية التي ستنزعج جدا من ذلك، وسيجعلها تبادر الى لجم تلك الظاهرة البغيضة، فهل سيبادر أي طرف مسيحي الى اجراء كهذا بدل أن نقف ونتباكى ونستجدي الفاتيكان أن يقف الى جانبنا، والدول الغربية أن تدعم مطالبنا، وهي غافلة عن قضايانا بل عن وجودنا برمته، فاذا لم نقم نحن بعمل تجاه أنفسنا علينا ألا ننتظر الفرج من الغير وخاصة الغربي.

(شفاعمرو/ الجليل)