[x] اغلاق
همسات شفاعمرية
19/10/2012 14:08

 

بقلم زايد خنيفس

اضحى مبارك وضمير يضيء طريقنا  

كثيرة هي الصور التي تقع في مساحة بؤبؤ العين، وقليلة هي الصور والمشاهد التي تبقى في الذاكرة، ومن مشاهد بلدي هذا الاسبوع قيام بعض الاخوة من ابناء الشبيبة وسرية "كشاف السلام" برئيسيها فادي سلامة وابراهيم طربية، بتزيين حي مرشان بالوان مختلفة ابتهاجا بحلول عيد الاضحى المبارك، وهي مبادرة مباركة لا يتكلون على احد ولا يحتاجون لكتاب استجداء لمن لا يرون الاحياء بعيون واحدة، وفي بلد ضاعت فيه الاحياء البعيدة واطرافها عن قلب جسدها، وفي عجلة لمشهد اخر انتشرت فيه النفايات على دوارات الشوارع الرئيسية، وعندما نسي اصحاب المصالح اعلام البلدية بوضع اوساخ مصالحهم ولم ينسى هؤلاء تكديس الاموال في جيوبهم، فالنظافة والبيئة الخضراء لم تحتل حتى الان افضلية في نفوسنا واسهل علينا ان نرمي الاوساخ مقابل بيوتنا  تاركين الهم على الاخرين، فثقافة النظافة ما زالت بعيدة عنا اميالا وقد لا تصلنا ما دمنا نشير بأُصبع الاتهام للمؤسسة الاولى. واكثر ما يغيظني شخصيا عندما اسمع من البعض عند عودتهم من سفرة خارج البلاد، وهم يتحدثون عن نظافة تلك البلدان ولا يتكلف هؤلاء بتعلم الدرس على بعد امتار من بيوتهم.

عيد الاضحى على الابواب لتتعدد انواع التضحيات في نفوسنا وعقولنا، واذا كانت تحمل معاني روحانية ودينية فان اجمل ما تحمل هو ان نعطي لبلدنا ولا نسأل دائما ماذا تعطينا هذه البلد؟! والتضحيات كلمة متشعبة واسعة كالبحر، فما اجملنا متسامحين نضحي ونقدم القرابين من اجل تقدم مجتمعنا لان تزيين الحي الواحد في الالوان الورقية والانوار المختلفة يحتاج منا ضمير يضيئ الطريق ولا ينطفئ في المواسم.      

 

 

 

 

مجدي حلبي .. لا يموت من عبء جسده بعبق الكرمل

شخصيا اعرفك واعرف رسمك من الصور المعلقة في محاذاة مفارق البر في المفرق الممتد من "المنصورة" والجسور حتى اول سرب من اسراب شجر الكرمل، واعرفك من ساحة بيتك في الممر القريب لغرفتك السائلة عن صاحبها، واعرفك من وجه والدك الحزين منذ سنوات وعندما اخذت تكبر احلامه ليراك عريسا في ساحة بيته ودائرة الحنة بلونها الاحمر الداكن، واعرفك من دمع امك الذي لم يتوقف من سنين ماضية في انتظارك على الشبابيك النضرة.

ترخي الظلال على وجهك الاخير وقد كبر العشب على قامتك وقميصك العسكري، وتسلق في كل الانحاء ليغطي جسدك الطاهر باللون الاخضر وروحك ونفسك وشهقة باقيات في صدى الايمان وجواهر العقيدة الثابتة، وامتدت ابتسامتك في طوق الياسمين وتحول الجسد لشجرة لا تعرف الذبول وغادرت اليها، وسكنت على اغصانها قُبرات الكرمل وطيورها المهاجرة وانتصبت نحو السماء في صلاة المغيب، تودع شمسا ذهبت لتستحم في البحر المقابل وتستقبل شمسا في فجر كرملي لا يشبهه فجرا في انحاء الدنيا، وهناك جلست امك على اخر النافذة والنوافذ اصبحت تعرف وجهها ونظراتها الاتية وتعرفها النسائم الاتية من طوقك الاخضر الزهري وفصول البرقوق وخصر النحل، وهناك سمعت امك صدى الصوت الاخير وشهقتك قبل وداع الشمس وسقوطها الاخير في وجه الامواج العاتية وقبل العناوين الدامية.

مجدي .. انت حالة القمر والبحر والورد وحالة الاعتذار الاخير، لامك بل لوالديك الجالسين على نوافذ غرفتك في هجرة الأسراب نحو الشمال، ونحو كرمل اصبح هدوؤه حالة تخاف منها اسراب العصافير.

نام اسمك على جناح السنونو ووجه القمح والحلم الازرق، وانت الوجه العائد لمرايا الغدران في كرمل بحث عن احبابه وقد فروا من هالة وجهه، وانت حبيب امك ووالدك وكل امهات واباء يعرفون الشوق والحنين لأولادهم.

مجدي ..لا يموت من عبء جسده بعبق رائحة الكرمل، ولا يموت من سكن قلب امه في رسم اللوحات الاخيرة ونخيل الارصفة المؤدي لبرج الجامعة، وهو الباقي شاهد على خاصرة الخليج المقابل لحيفا وشاهدا على حريق اخير في فصول تغلبت فيها زهوة اللوز في تلال اصرت الموت ورفضته انفاس الكرمل.

الجائزة الاولى والاخيرة انت.. لان عطرك باقٍ في مساحة الغرفة ونوافذها، والجائزة لوالدين اختارا الله حصتهم وتعلم الصبر من صبرهم وتعلمت الدموع من وجههم، والجائزة الاولى والاخيرة ايمان ثابت وعقيدة ثابتة، ومجدي حلبي غصنٌ من اغصاننا لا تعرف شرايينه الموت.