[x] اغلاق
الأمل المنشود لمن يفي بالعهود
5/11/2012 15:11

 

 

 

بعد أيام قليلة يحلّ منتخب لبنان ضيفاً على شقيقه القطري في الدوحة في مباراة تعدّ مفصلاً في تاريخ هذا البلد الصغير جغرافياً الكبير بطموح أبنائه بالوصول للمرّة الأولى إلى المونديال.

المباراة تعدّ ثأرية لأبناء الأرز من الناحية الأولى، بعد الخسارة ذهاباً في بيروت 0 – 1، وعلى ضوء نتيجتها تُرسم خارطة الطريق التي قد تؤدّي إلى البرازيل "جواً" على جناح طائرة ربانها ألماني والمسافرون لبنانيون، فالنقاط الثلاث مطلوبة وبقوّة من اللاعبين اللبنانيين الذين هزموا المارد الإيراني 1 – 0 في الجولة الماضية وعينهم على مواصلة الحلم بأبسط الأسباب والمعطيات المتوافرة بأيديهم وبجهود مدرّب محنّك يعرف كيف يدير كفة الأمور والتعاطي معها بموضوعية من دون أن يغفل عن العقلية الهاوية للاعب اللبناني، فالتعامل ما بين الاحتراف والهواية والمزج بينهما أمر في غاية الدقّة والتعقيد.

ومن أبرز ما سيدور في لقاء قطر ولبنان هو أن الفوز لو تحقّق لأحد الطرفين فسيعطيه جرعات معنوية كبيرة ويضخّ الأوكسيجين للمراحل المُقبلة خصوصاً إذا ما تبيّن أن الصراع محصور، منطقياً، بين كوريا الجنوبية وإيران على المركزين الأوّل والثاني، فتبقى البطاقة الثالثة التي نأملها أن تكون عربية بامتياز والتي قد تؤهل للمونديال فيما بعد.

وكون لبنان يصل للمرّة الأولى في تاريخه إلى أدوار حاسمة، فإن سلاحه المُقبل سيكون العزيمة والإصرار والروح المعنوية، وجمهور جاليته التي ستقف خلفه كما وقفت في الكويت والإمارات بأعداد كبيرة.

في الإطار اللوجستي قد لا يلجأ المدرّب ثيو بوكير إلى تغييرات كثيرة في التشكيلة السابقة التي انتزعت فوزاً تاريخياً من إيران، بل هذه التشكيلة عينها أيضاً على فوز تاريخي على قطر وفي عقر دارها.

ولكن ينقص المنتخب العنصر الأهم قبل لقائه المقبل وهو عامل المباريات الودّية والاحتكاك القوي مع منتخبات قوية لكي تدخل في جو الرهبة والقتال في أرض الملعب ولتستمد بعضاً من هيبة المباريات الحساسة والفتّاكة. فالمطلوب، من الاتّحاد أولّاً، توفير مباريات مع منتخبات أوروبية أو عربية أو أفريقية لها باعها وليس العيب في الخسارة ولكن الربح هو في شحن نفوس اللاعبين لأنه العامل الأساس الذي يبني عليه بوكير خططه.

فالمواهب قليلة في المنتخب اللبناني قياساً بمهارات اللاعبين الكوريين أو الأوزبكستانيين أو الإيرانيين، والعناصر التي ترجّح كفة المباراة وتكون "تيرمومتر" الميدان معروفة، وهو رضا عنتر بمساندة من يوسف محمد، الذي يملك خبرةً عالميةً ورؤيةً شاملةً لخط دفاعه ويمكنه السيطرة على هذا الخط.

أما في خط الهجوم، فالتبديلات التي حصلت مراراً وتكراراً واستبعاد لاعبين ومن ثمّ ضمّهم واستبعادهم مجدّداً وتجربة بعض العناصر فلا يمكن التعويل عليها كثيراً باستثناء محمود العلي، الذي يغرّد وحيداً في كثير من الأحيان، والدليل أن الهدفين الوحيدين للمنتخب اللذين سجّلا في تصفيات المجموعة الحاسمة أمام أوزبكستان وإيران كانا من كرتين ثابتتين!.

المباراة في غاية الأهمية، ومع نتيجتها يبقى الحلم أو يتبدّد، فتاريخ 14 تشرين الثاني/نوفمبر قد يحيى الأمل في نفوس اللبنانيين أو قد يجعله سراباً ونسياً منسياً.

وكما قيل عند العرب في الماضي "أنا مصمّم على بلوغ الهدف، فإما أن أنجح .. و إما .. أن أنجح ".

 
ولكن الأهم في اللقاء، ورغم الشحن، أن تبقى المباراة في إطارها الرياضي ولا تخرج عن السيطرة لأن الأعصاب ستكون مشدودة حتى النخاع. والفائز في نهاية اللقاء هو منتخب عربي وهو الذي سيحمل اللواء في المباريات المقبلة لنشاهد منتخباً عربياً آسيوياً على الأقل في نهائيات مونديال البرازيل 2014.

فالأمل المنشود في الدوحة من اللاعبين الذين عاهدوا جماهيرهم بالفوز والفرحة ورسم الابتسامة على الثغور وحتى يكون يوم 14 من الشهر المقبل مميّزاً ولا يشبه أيَّ يومٍ آخر لا يمت للبنان بصلة لا بد من رفع أكف الدعاء والضراعة ليتمكّن لاعبو المنتخب "الأحمر" من الفوز.

وكما قال العالم ابن القيم :"الكيّس يقطع من المسافة بصحة العزيمة، وعلوّ الهمّة، وتجريد القصد".

وفي يوم من الأيام قال البطل العالمي محمد علي كلاي: " كرهت كلّ لحظة من التدريب، ولكني كنت أقول: لا تستسلم، اتعب الآن ثم عش بطلاً بقية حياتك".

فلا بد من خوض الصعاب بهمّة وصبر وعزيمة وإصرار.. ولكن في النهاية هناك فائز واحد وعليه ستحلّ البركات والتبريكات إما قطر أو لبنان.