[x] اغلاق
نُريدُ ميلادًا حقيقيًا وليس تسويقيًـا!!
21/12/2012 13:27

 

نُريدُ ميلادًا حقيقيًا وليس تسويقيًـا!!

بقلم: مارون سامي عزّام

يحتفل العالم المسيحي الغربي بأسره، وجهاته الرسمية، بعيد الميلاد المجيد، فنراهم يهيّئون الزينات والأضواء الملونة قبل شهر من حلول العيد، ممعنين بالبذخ والإسراف، فيطغى العنصر المادي على المفهوم الروحي والمعنوي لعيد الميلاد، بل أقول أكثر من ذلك، فقد طغى الجانب التسوّيقي الميلادي السّنوي السّاحق، على الجانب الخيري المهمّش والمحدود عطاءًا، أنا لا أنكر وجود مؤسّسات عامّة، ومبادرات فرديّة، ما زالت إلى الآن ترعى عائلات محتاجة، ترزح تحت طائل العوز... تواسي فرحهم المغتصَب من قِبَل أحزانهم، يشتهي أطفالهم رداءً يُبعد عنهم شر البرد... يتوقون أن يرووا "بابا نويل" بلباسه التقليدي، وهو يحمل لهم على ظهره، كيسه المليء بالهدايا والألعاب المحرومين منها.

لكن يبقى الجانب التسويقي للميلاد حضوره أقوى بين النّاس، وخصوصًا لدى شريحة كبيرة من أصحاب المحلاّت التجاريّة، الذين يتمسّكون بالتقاليد التجاريّة لبلاد الله المنعمة، فأشعّت محلاّتهم بأضواء الزينة المبهرة للأنظار، وسوّقت واجهاتها لبضاعتها الميلادية في الصحُف، معلنةً عن وصول كميّات هائلة من أشكال وأحجام متعدّدة لأغراض الشجرة والمستلزمات الكهربائية الملونة لها ولأرجاء المنزل.

التّسويق الفاحش لملابس الأطفال، وخصوصًا من قِبَل الشبكات الشهيرة والمعروفة، لأن عيد الميلاد هو عيد ولادة فرح الطفولة من جديد في الأطفال، فتستهدفهم هذه الشّبكات تجاريًا، لأنهم هدفها الرّئيسي للرّبح المادي القليل كما تدّعي!! وفرحتها الأكبر، تكمن في جذب النّساء للشراء، لأنهن بنظري المروّجات الأكبر لأسعار أي شبكة أو محل، خلال جلساتهن في منتديات الثرثرة!!

بعد أن أتمّ معظم السيّدات والفتيات تزيين أرجاء البيت الدّاخلية كي يتألق الميلاد بأنواره، وحزّمن بعض السيّدات والفتيات شرفات منازلهن الخارجيّة بالأحبال الكهربائية، يقمن بالتقاط صور الشجرة والزينة الدّاخلية، من عدّة جهات بآلات تصويرهن الخليوية أو العادية، وكأن منازلهن تحوّلت إلى مواقع تصوير، كل فتاة أو سيدة تعرض مجموعة حديثة من طريقة احتفالها الخاص!!

هنا نصل إلى مرحلة تسويقيّة جديدة، إذ تجلس بعض النساء والفتيات إلى الكومبيوتر، فيدخلن إلى الموقع التواصل الاجتماعي الشهير الفيس بوك، ويُضفن إليه مجموعة من صور زينة المنزل، فيُسوّقنها إلى جميع معارفهن حول العالم، بما أن الفيس بوك ينتمي إلى فئة Self Marketing، أي التسويق الذّاتي، ليشاهدوا أجمل شجرة وأروع زينة، وهنا تبدأ المنافسة بينهن عبر الموقع، وهكذا يعايدن بعضهن البعض، بعد أن قضى الفيس بوك على المعايدات الشخصية التقليديّة، حتّى عَولَمَ خصوصياتنا المنزلية!!  

الشيء الأكثر وقعًا في النفوس، هو افتتاح "مزاد" سوق حفلات الأعياد الميلادية!! فامتلأت مواقع حنايا الإنترنت بالإعلانات، وأيضًا جدران الأحياء والأماكن العامة، اكتست جدرانها بالمناشير الدّعائية، معلنة عن "إقامة حفلة ساهرة كبرى، يتخللها وجبة عشاء فاخرة!"، يدخل ذلك الشخص قاعة الحفلة، ويجلس ليسمع الصخب الموسيقي، والغناء العربي أو الأجنبي الغريب.

مقيمو الحفلات يروّجون "للوجبة الفاخرة" بشكلٍ وهمي! ليس طمعًا أو حُبًا في أن يأكل ذلك الشّخص، بل حُبًا في أن تمتلئ مَعِدة خزينتهم بالأرباح، فعندما يرى الشخص النّادل قادمًا نحوه بإطلالته شبه المرحة، حاملاً على كتفِهِ صينية كبيرة، تُطل منها الأطباق "الشّهيّة"!! يعتقد لسذاجته أنها تحتوي على قطعة من "فيلية" العجل أو ضلوع الخروف، أو "الكافيار"، وإذ يُفاجأ أنها تحتوي على قطعة دجاج ومقسومة كماج... فتراه يشرب المشروب بغير مزاج، ولكن هذه هي طبيعتنا وتلقائيتنا، التي تلاحق مثل هذه الإعلانات التسويقية.

بعد امتلاء البطون، يمسك قائد الفرقة الموسيقية بزمام الأمور!! فيباشر بعملية تسخين الأقدام، ليحثها على الرقص أو الرفس، علمًا أن هذه الأقدام قد تراخت حركتها وباتت خاملة، بعد أن ملّت مهرجانات الأعراس المكثّفة التي أقيمت خلال أشهُر الصّيف، ولكن تحت شعار الفرح بميلاد الرّب، بعض السيدات يحبّذن المشاركة في هذه الحفلات ليرتحن من تحضيرات العيد... بعضهن يُرِدن أن يرتحن قليلاً من فوضى تعزيل بيوتهن، بعد أن تعِبن كثيرًا!! مع أن بعضهن لا يتكبدّن أي جُهد جسدي، لاستعانتهن بعاملات مختصّات بتنظيف البيوت.    

التّسوّق المسرف وغير المعقول خلال موسم الأعياد المجيدة، يؤدّي إلى محدوديّة في التفكير المنطقي لدى البعض، كما يمنعهم من رؤية الواقع الذي نعيشه اليوم، في ظل أزمات اقتصاديّة ومعيشيّة لا تنتهي، وقدوم زحف غلاء مخيف في أسعار المنتجات الأساسيّة، يَصعُب على فقراء ويتامى مجتمعنا أن يعيشوا حياةً كريمةً، لذا يجب أن يحفر معول كرم تبرّعكم في أرض بؤسهم، فتتفجّر ينابيع إحسانكم الدفّاق، لتروي ظمأهم وشغفهم إلى فرحة العيد، التي حرمتهم منها الظروف، وهؤلاء الفقراء واليتامى سيشكرونكم، كما سيشكركم طفل المذود، لعدم تخليكم عنهم في مثل هذه الأيام الميلادية، فتشفون غليل أحزانهم قليلا في هذا العيد، كي يغدو ميلادًا حقيقيًا وليس تسويقيًا فقط...

 

 

 

 

           

1
.
raed
22/12/2012
mawdo3 7elo molfet lal nazar,,, mafrod ykon fe mos3dat lal 3a2elat elmo7taje,, laken kayfyet elktabe kter feha thze2 be rabat elmnazel ! oesthza2 be tareqet elfra7 otmrer wa2et el3ed ! btmna kol wa7d ye3mal ele bnasbo
2
.
F.D
23/12/2012
كل الاحترام يا ابا رفيق على هذه الكلمات الصادقة. "ومن له اذنان للسماع فليسمع" كل عام وانت بخير