[x] اغلاق
انتخابات تحت شرعيّة التطرف!!
18/1/2013 10:46

 

انتخابات تحت شرعيّة التطرف!!

بقلم: مارون سامي عزّام

بعد أيام تبدأ الانتخابات التشريعيّة للكنيست التاسعة عشرة، والتي تتزامن صدفةً مع مراسِم أداء قَسَم اليمين لبداية الولاية الثانية للرئيس الأمريكي أوباما، هذه المرّة البرلمان الإسرائيلي المتجدّد، يأخذ صبغة يمينية أكثر من الكنيست الحالية!! لأن النوّاب الجدد هُم من اليمين الأكثر تطرفًا، يمثّلون الوجه الحقيقي لدولة إسرائيل!! ليغتصب أمثال نفتالي بِنِت وفيجلين وأعوانهم من البرلمان وبشكل قانوني، شرعيّة المصادقة على أي اتفاقية سلام، من خلال تحصين السلطة التشريعية بقوانين فاشيّة، ينادون بطرد كل العرب من البلاد... يطالبون بمنع النوّاب العرب من دخول الكنيست... يدعون إلى إلغاء مواطنة أي عربي "يعتدي" على قدسية حرية التعبير والتنقل!!

في أعقاب اغتيال رئيس الوزراء السّابق، إسحاق رابين، جرت الانتخابات عام 1996، وقد تنافس حينها نتنياهو وبيرس على رئاسة الحكومة، بعد مجزرة قانا اللبنانية، وإبّان حدوث موجة عمليات إرهابية متتالية، شهِدتها المدن الإسرائيليّة، ويومها أطلق نتنياهو شعار "بيرس سيُقسّم القدس"... واليوم سمعته يردّد "ليفني ستُقسّم القدس"، إلاّ أن هذا الشعار لم يلعب دورًا كبيرًا في هذه الانتخابات، بعد أن فرضت الأحزاب تعتيمًا دعائيًا على عملية السلام التي ما زالت تنتظر انتهاء فترة الخمول السياسي الأمريكي!!

تُجرى الانتخابات تحت شعار التطرّف السياسي، لسد جميع طرق التفاوض على الذي يساوم على "أرض إسرائيل الكاملة"!... تُجرى تحت شعار التطرّف التشريعي، لتضييق العيش الكريم على العرب، ودحر حقوقهم المدنية الأساسيّة، وذلك في ظل غياب أي حديث أو جدل حول كيفيّة إحياء العملية السلمية التي وضعها نتنياهو في نعش تعنّته.

ينتابني شعور أن هذه المعركة الانتخابية باردة، وذلك لأن الشّارع الإسرائيلي مُعبّدًا باللامبالاة!... وإني أشعر أيضًا أنها تُجرى داخل أفراد العائلة الإسرائيليّة الموسّعة، إذ يتنازعون على تقاسم ميراث أصوات النّاخبين، وليس على توارث أعباء وهموم المواطنين، يعني نزهة انتخابية موسميّة، وهدرًا للمال العام. ركِبَ رؤساء الأحزاب الإسرائيلية مركبة الإنترنت السريعة، ودخلوا موقع الفيس بوك، ووزّعوا وعودهم المغرية على الشّعب... مع العِلم أن أول من استغل قوّة تأثير الفيس بوك على النّاخبين، الرّئيس الأمريكي أوباما، خلال حملته الانتخابية الأولى، عام 2008.

الأحزاب العربية ترفض استغلال هذه القوّة الإعلامية الإلكترونيّة، فهي تهتم بنشر صور الاجتماعات المنزليّة عبر موقع الفيس بوك، تنشر فيه تصريحاتها النّارية، لتُحرق كل جسور تفهّم مطالب الجماهير العربية، توزّع في الشوارع مناشيرها التقليديّة الملوّنة، ذات المضامين البالية... برامجها السياسية مهترئة، ويأبى زعماء الأحزاب العربية، أن يُخاطبوا عقول جيل النّاخبين الجديد، مع أنّي أعتبره الدّفع المؤثّر لزيادة عدد مقاعدهم، والدّافع التسويقي لبرنامجهم السياسي بين أبناء جيلهم.

مشكلة الأحزاب العربية أن برامجها السياسية غير مقنعة لنا، والمشكلة الأكبر أيضًا عدم وجود صحافة عربيّة يوميّة تعدّدية، لتنشر دعاياتهم الانتخابية، وعدم وجود تلفزيون عربي محلّي يروّج لأخبارهم، يصوّر تحرّكات نشطائهم، لجلب مؤيّدين، بسبب إقفال تلفزيون "هلا". هذه الأحزاب تنشر حروفها وشعاراتها الوهميّة في شوارع المدن والقرى العربية، كعلامات تدلنا إلى مسار مصالحهم الحقيقي للفوز بمقعدٍ برلماني، فإن آخر همّهم طبعًا هو مصلحتنا. أشعر أنّي أعيش في دول العالم الثّالث إذ أشاهد ملصقات صورهم الباسمة، تزيّن كل حي وزقاق ودوّار، كأنهم أبطال فيلم عربي، مع أنهم حقًا أبطال صد تهجم اليمين البرلماني عليهم، الذي في كل مناسبة تشريعيّة يندّد بوجودهم في الكنيست!    

أغنام الأحزاب الصهيونيّة المتنافسة أمام حزب "الليكود بيتنا"، سوف تنضم إلى راعي الأمن نتنياهو، رغم أن صوت ثغاؤها من أجل الطبقات الوسطى ضعيفًا، ومجرّد غطاء دعائي بالٍ، لأنها في النهاية سترعى في المرج السياسي لحكومته، لتأكل ورأسها مدفون بالأرض من زِبل سياسة نتنياهو، التي سيفرضها عليه رعاع ائتلافه المتطرّف، الذي تفوح منه رائحة نهب مزيد من أراضي الفلسطينيين... كل ذلك تحت إشراف تشريع الاحتلال رغم الضغوطات الدولية، وتحت شرعية التّطرف السياسي الذي جمّد أي خطوة أو شِبه تحرّك نحو السلام.