[x] اغلاق
قراءة في الانتخابات:
25/1/2013 13:06

 

قراءة في الانتخابات:

لأول مرة انتخابات غير سياسية، وتصويت احتجاجي!

**الإسرائيليون صوتوا للأشخاص وليس للأحزاب، واختاروا نجماً تلفزيونياً عديم الخبرة السياسية ليكون الرجل الثاني في الحكومة!

أسعد تلحمي

 

حملت نتائج انتخاب الكنيست التاسع عشر مفاجأتين أساسيتين، الاولى هي التعادل بين معسكر اليمين/المتدينين وبين احزاب الوسط واليسار والعرب، والثانية هي صعود "ملك جديد" في اسرائيل هو زعيم حزب "يش عتيد" يائير لبيد الذي يفتقر إلىخبرة العمل السياسي. ورغم ان تحالف "ليكود بيتنا" برئاسة رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو خسر 11 مقعدا في الانتخابات الحالية، الا انه حاز على أعلى عدد من المقاعد (31 مقعداً) في الانتخابات، ما يرشحه لتشكيل الحكومة المقبلة، وهي عملية ستكون متعسرة نظراً الى التغيير الكبير في الخريطة الحزبية وميزان القوى في الكنيست.

ورغم التفاؤل الذي تبديه أوساط قريبة من نتانياهو لجهة تشكيل حكومة جديدة برئاسته تضم حلفاءه (أو بعضهم) من اليمين المتشدد والمتدنين وحزب "يش عتيد"، إلا أن أوساطاً سياسية وإعلامية بارزة تشكك في تحقيق هذا الاحتمال حيال التناقضات في طموحات الأحزاب الدينية "الحرديم" من جهة، وبرنامج لبيد العلماني الذي وعد الإسرائيليين به، ويحمل أساساً رسالة تقول إنه يجب وضع حد لنفوذ التيار الديني المتزمت وتمتعه بامتيازات هائلة من دون أن يقدم للمجتمع شيئاً، وأساساً الخدمة العسكرية.

وإزاء التعادل في ميزان القوى الذي أفرزته الانتخابات للكنيست الجديدة بين معسكري اليمين والوسط، يبدو أن احتمال تشكيل حكومة يمينية ضيقة لا يبدو واقعياً، إذ ستنهار مع أول أزمة داخلية تواجهها. وعليه فإن الخيار المطروح أمام نتانياهو بضم لبيد (الذي لا يرى في نفسه مرشحاً لتشكيل الحكومة) إلى الائتلاف الحكومي ليضمن قاعدة برلمانية من 80 نائباً (من مجموع 120) يكاد يكون الخيار الوحيد مع إعلان زعيمة "العمل" شيلي يحيموفتش رفضها الدخول في حكومة بزعامة نتانياهو، فيما لا يبدو الأخير متحمساً لضم حزب "هتنوعاه" بقيادة تسيبي ليفني لاشتراطها استئناف العملية السياسية مع الفلسطينيين وفق برنامج يرفضه نتانياهو. لكن تحقيق هذا السيناريو ليس بالأمر السهل، إذ أن جلوس لبيد إلى جانب قادة "الحرديم" في حكومة واحدة يتطلب من أحد الطرفين التنازل عن شروطه، وهو أمر مستبعد، فالإسرائيليون يترقبون وعد لبيد بإلزام "الحرديم" الخدمة العسكرية، فيما يعتبر قادة "الحرديم" هذا الإلزام "خطاً أحمر".

وثمة احتمال آخر يقضي بأن يشكل نتانياهو حكومة علمانية تضم "ليكود بيتنا" و"يش عتيد" و"العمل" (رغم رفضه المبدئي) و"هتنوعاه"، ويستثني الأحزاب الدينية الثلاثة. إلا أن هذا الاحتمال يبدو ضئيلاً إذ من المستبعد ان يسمح المعسكر المتشدد داخل "ليكود بيتنا" لزعيمه نتانياهو التخلي عن شركائه الطبيعيين من المعسكر اليميني – الديني.

وإزاء ذلك، يتفق كثيرون على ان المشهد السياسي الناشئ يوضح أن لا مجال لنشوء حكومة مقبولة ومنطقية ومستقرة، وهو ما اشار اليه القطب في "ليكود بيتنا"، رئيس الكنيست رؤوفين ريبلين الذي لم يستبعد أن تجري انتخابات جديدة خلال فترة وجيزة لاستبعاده نجاح الحكومة الجديدة في ايجاد حلول لأي من القضايا الساخنة، مشيراً أساساً إلى مسألة تجنيد "الحرديم".

في غضون ذلك، انشغلت الساحة الإعلامية في قراءة "المفاجأة المدوية" التي جاءت بها الانتخابات، وفي صلبها "الصفعة المؤلمة" لنتانياهو الذي خسر تحالفه 11 مقعداً، ما جعل فوزه بطعم الخسارة، إضافة الى صعود "ملك جديد" هو لبيد الذي حقق لحزبه 19 مقعداً تشغلها جميعاً وجوه جديدة، رغم أن سجله يفتقر إلى ماض سياسي أو أمني يؤهله شغل مناصب حساسة في الحكومة، إذ عرفه الإسرائيليون نجماً تلفزيونياً أحبوه لوسامته تحديداً، ليس أكثر ولم يخض قط في شؤون سياسية ولم يتطرق إليها في معركته الانتخابية بل ركّز على "الاهتمام بالطبقات الوسطى" و"توزيع عبء التجنيد بالتساوي" ليشمل اليهود المتزمتين "الحرديم" والعرب.

وعليه يُطرح السؤال المركزي عن "قناعات الإسرائيليين"، وكيف أنهم توجوا شخصاً ليس سياسياً ولا عسكرياً "ملكاً جديداً"، فيما يتأرجح رجل عسكري بوزن وزير الدفاع السابق شاؤول موفاز بين السقوط أو الحصول على مقعدين.

وأجمع هؤلاء على أن التصويت للبيد عكَس مفعول الحركة الاحتجاجية الشعبية التي عصفت بإسرائيل العام قبل الماضي ولم يدرك نتانياهو حقيقة حجمها بل تجاهلها إذ لم يقل للإسرائيليين شيئاً خلال المعركة الانتخابية سوى "خطر الملف الإيراني"، فجاء التصويت للبيد، وكذلك لزعيم "البيت اليهودي" نفتالي بينيت، احتجاجياً أكثر من كونه سياسياً، إذ خلت المعركة الانتخابية من الشعارات السياسية، وربما كانت هذه أول انتخابات غير سياسية تشهدها الدولة العبرية لم يميز الإسرائيليون خلالها بين الأحزاب المتنافسة، إنما ميزوا بين شخصيات المرشحين وتابعوا فذلكاتهم، فلبيد يمثل "الإسرائيلي الأصلي، الصهيوني الوطني..وهو كاريزماتي ورمز للنجاح عرف كيف يجد مكانه بين أبرز قادة السياسيين واهمهم في الدولة"، كما كتب أحد المعلقين اليهود.

  وأضاف آخر أن الإسرائيليين صوتوا "ضد حياة بلا رجاء، وحياة العيش تحت القبة الحديد وغيوم النووي الايراني وأسعار الشقق الرهيبة،..وصوتوا من أجل رجاء اقتصادي واجتماعي وسياسي أفضل. بحثوا عن نسيم عليل (لبيد) وانشغال في الاقتصاد والمجتمع (شيلي يحيموفتش) والعودة لعالم القيَم (بينيت) وبدرجة أقل عن حل سياسي مع الفلسطينيين ووقف الاستيطان (ليفني وزعيمة ميرتس زهافه غالؤون)..هذه كانت قيم المشاركين في تظاهرة المليون قبل عام".