[x] اغلاق
نسمات شفاعمرية
15/2/2013 13:38

 

نسمات شفاعمرية

زايد خنيفس                                         

 

انطون نصري عبود وجيرة سمت  ..

كثيرة هي المشاهد والصور التي تبقى تحلق فوق أفكارنا وتنطبع في مساحتها ,وقبل ايام رحل الى جوار ربه جارنا وابن حارتنا المرحوم  انطون نصري عبود وهو ابن المربي بل ابن عائلة جذورها هناك عميقة في ارضنا وصخيرات لامست اسراب الندى .

يذكرني احد الاصدقاء دائما بعنوان مقال سجلته في نسماتي على هامش الاحداث المؤسفة التي عصفت بلدتنا قبل سنوات وعندما حمل عنوان " شفاعمرو لن ترفع الراية البيضاء" وهي إشارة للاستسلام , وفي العودة لمشهد رحيل المربي ومن الساعات الاولى للخبر المشؤوم تسابق الأهل والجيران لبيت العزاء , وكان الحشد والوجوه من الطوائف الثلاث, كانوا لوناً واحداً لوجه بلدٍ واحدٍ , وحصار الدمعة على فراق عزيز غادر الدنيا نحو سمائها وأرضها ,فمن هناك أتينا والى حضنه المقدس وتراتيله وأجراسه نعود .

المشهد المؤثر والذي لا يفارق ذهني هو التعبير الحقيقي لأصالة ابن البلد , لجوهرة ابن البلد. عندما تجمع المشيعون ومنهم الآتون خلف الجنازة وأمامها ودائرة الأكاليل وبنفسجها , وتجمع اهل البلد أمام اهل الفقيد لتقديم العزاء, فكانت شفاعمرو في تلك اللحظة المؤلمة   تبحث عن وجهها الحقيقي فوجدته في دائرة الحزن ودائرة الفرح ,والجار انطون عبود يبقى سربٌ من مطرنا ,واسم يدلنا على انتماء ظلنا في حصار الكلمات ومعانيها .

المشهد عندما قام الجار" ابو نديم سليم خنيفس " بواجب الجار نحو جاره وتقديم لقمة العشاء على روح الفقيد فكانت المسافة قريبة في المصاب والدمعة الصادقة. وشفاعمرو ترفع رايتها البيضاء في القلوب الصافية  لان زهر اللوز يبقى مع فصوله, وشفاعمرو تبقى مع ابنائها والمصاب واحد والفرح واحد واسم المدينة في القلب الواحد.

 

رغم المصاب تبقى عبلين أكبر

تسكن قرية عبلين بأهلها الأطياب على اكثر من سفح وهضبة ,وامامك ومن نافذة المجلس المحلي تسقط عيناك في السهل الاخضر حتى البحر الازرق بالسفن الراسية على محطاته الاولى , وعبلين كانت في الماضي رسالة لكل القرى المحيطة بمرجها, عنواناً للمحبة بين ابنائها, وكاد الناس يتوهون في طائفة ابنائها , وكانت الرسالة من الماضي البعيد بساطة فلاح يبحث عن قوته في السهل المقابل للسفح المرتكي على خد الجبال وكانت عبلين عاصمة القرى وقبلتها .

في الاسابيع الاخيرة بل وفي عودة للسنوات الثلاث الاخيرة تغير الحال  وأصبحت القرية مثل كل القرى تبحث عن هدوئها وسكينتها , فقد كثر حسادها وفقدت أروع شبابها في ليلة قاتمة كان آخرها مقتل الشاب ربيع لؤي  طوقان وسبقه مقتل شاب في مقتبل العمر من عائلة مريسات كلهم ربيعا باعمارهم وسنونهم , وراية بيضاء معقودة في الزوايا لا تسير بأمة لسواحل النهضة والنجاح بل تبقينا رافعين الجثث على اكتافنا نذرف الدمع في كل ذكرى ونرسل التحيات للسجون وقرية عبلين ورغم مصابها تبقى اكبر, والمطلوب نشر المحبة في قلوبنا والتسامح والحوار في عقولنا فالقرية باقية بسفحها والبلاد والقرى  تشتاق لأسمائها .