[x] اغلاق
عاشق في ظل الذّاكرة
15/2/2013 14:12

عاشق في ظل الذّاكرة

بقلم: مارون سامي عزام

بعد أن نَبَشتَ لي خزانة ذاكرتك قبل عدّة أعوام واعترفت لي أنّك أحببتني يومًا ما، وكان هذا الاعتراف الغريب عندما تلاقينا مجدّدًا عبر موقع الفيس بوك، أذكُر يومها أنّني تركت مراح حديثكَ الصّريح معي، ورحتُ أتأمل صمت ذهولي، فوجدتُ خلوةً مع أفكاري. حينها لم يُخبرني أحدًا أنّك معجب بي. رفضتُ التعقيب على اعترافك الذي تزامن حينها مع ذكرى عيد الحب... فحوَّلته إلى ذاكرة فرديّة خاصّة بي، رغم أن كُلَّ ما كان وسيبقى بيننا، فقط ومضات إعجاب متبادل ليس أكثر من ذلك، لمع بريقها هنا وهناك، أعترف أنّني أُعجِبتُ بك وبشخصيتك القويّة، وما زلتُ كذلك إلى يومنا هذا.

في عيد الحب، أجد نفسي سنويًا في حالة صراع أزلي مع تلقائيّتك... عندما أعوم لوحدي في بحر الوحدة، تُرعبني أمواج التّوتّر الشّاهقة. أحاول جاهدةً تجاهل ذكرى عيد الحب، بشتّى وسائل التّسلية الاجتماعيّة المتاحة أمامي، إمّا بزيارة صديقاتي أو أقاربي، أو أخرج في نزهة ليلية. عندما مررتُ بجانب المحلاّت التجارية المُزيّنة بمستلزمات عيد الحب، أدهشني تهافت العُشّاق عليها، من أجل أن يشتروا الهدايا التذكاريّة، وأنا اشتريتُ باقات الأمل والفرح، لتزيّن عرَبة النّصيب القادمة على طريق المستقبل.

أنا أشعُر أنّ قصصي القديمة مع بعض الشبّان، ما زالت معروضة في معرض الذكريات، أما قصّتك لم تُعرَض أبدًا فيه، بل بقيت حيّة سريريًا في ذاكرتك، فلم توقظها شعوريًا أو تحرّكها عاطفيًا، حتّى أصبحت ذكرى هامدة، لا أحد يذكرها، سوى همس حنينكَ إليَّ، تُضيء لها شمعة الذكرى، فينعكس طيفها عليك، لتظللكَ أيضًا في ذكرى عيد الحب!

عادةً لا أكترث لهذه المناسبة، كما اكترثَ لها عندما كان "مغرمًا" بي حينها، كما فاجأني! فآنذاك لم يكن هناك مجال "ليهديني هديّته" في ذكرى عيد الحب، ولو أهداني إيّاها، حتمًا كنت سأرفضها بلباقة، لكي أعفيه من دفع ضريبة حبه. لقد مرّت ذكرى عيد الحب، مثل سحابة ربيعية، مُثقلة بالأحداث والمفاجآت، فخلعتُ حبه عن عرش أولويّاتي، ولم يشعر به أحد، إلاّ أنّي أرغب أن تبقى علاقتي به قويّة في منتدى الصّداقة الحقيقيّة.

بدأت أشعر أن مسبحة الأيام بدأت تفرط من بين أنامل لحظاتي، وانتبهت لها حديثًا، فورشة الزّمن لهتني عن نفسي، وضعت الوقت في قوالب الأيّام الفارغة والمملّة، لا قيمة لها. لم أعُد أراه كما في السّابق، وبقي إعجابي به، صورةً مُعلّقة على جدران المودَّة. في ذكرى عيد الحب أحاول نسيان اعترافه المتأخّر، لئلاّ توقفني حواجز تساؤلاتي، عند عبوري بمعابر الحيرة.

بعد أن التقيت به منذ أيّام عبر موقع الفيس بوك، أرجعتُه إلى رُشده، بعد أن كان يعيش حالة من الهذيان بي، فصرنا ندردش دردشات رقيقة، نكتبها عبر جهاز الكومبيوتر، رغم أنه ليس لها طَعم ولا لون، مجرّد حروف جامدة نصُفُّها، لكي تغدو كلمات بلا نكهة، وجُمَلاً وأحاديث رضخت للأمر الواقع، لا معنى لها، مُحنّطة بالجمود العاطفي، حتّى ذابت في قعر النسيان... صرتُ أقطَع عليه متعة التواصل معي عبر برنامج الدردشة، فتركته أسير الثورة الرّقمية الحديثة الثّائرة بجنون على صفحات الإنترنت، وحبّه لي سيبقى في ظِل الذّاكرة تحت غطاء السّريّة التّامة.