[x] اغلاق
العنف والقوة....والاستهانة بكرامة الإنسان.
28/3/2013 23:42

 

العنف والقوة....والاستهانة بكرامة الإنسان.

 

نانسي مزاوي - شحوك


عينٌ تَدمَع، جَسَدٌ يَنزِفُ، روحُ تَتَطايَرُ مُحَلّقة في الفَضاء، شَقاء، عَذاب، بُكاء وأنين.

هذا يَلطُمُ ذاك، وذاك يَسخَرُ مِن تلك، وتلك تَستَنْجِدُ تَحتَ أقدامِه ولكِن دونَ جَدوى!!

ونَحن نَرفَعُ رؤوسَنا للأعالي ونُناجي :"يا رب أسألك الرّحمة"....." يا رب أستجدي منك الشّفقة على الناس المُستَسلمين".

إنّ أفظَعَ الأمور وأقساها في عالمنا الفسيح هي العُنف والقُوّة، والإستهانة بِكرامة الإنسان!

فلماذا تكون هذِهِ الظواهر شائعة، وَخُصوصاً في مُجتمعنا؟ مَن أعطاهم الحَق بِتَحقير الآخر؟ مَن سَمَحَ لهم بِقَتل النّفوس وهَدم الأجساد؟ وبـأي حَق يَتَصَرّفون تلك التّصرّفات الغبيّة التي لا تُرضي الله ولا تُرضي الجميع؟

إنّ الحُكمَ والإدانة عند الله وَحدهُ، ليس على يدِ الإنسان الذي ستَتناوله يدُ القدَرِ يوماً ما!

إنّ العُنفَ من أخطر الظواهر السائدة في مُجتمعِنا العَربي المُعَقَد.ترى الفَرد كلّما لم يُعجبه تَصرُّف أخيه ، أو لم يُرضِه عمَلَهُ ، أو لم يخضَع له، أو...، أو....،يَنهال عليه بالضّرب المُبرّح والكلام القاسي، حتّى يثورُ داخلُهُ ويُغمى عليه! أليس هذا اندفاعاً     وحشياً يستحِقُّ عليه الكراهية والعقاب؟ 

ومِن ثُمَّ ، كيف لهُ أن يتَفوّه بكلماتٍ لاذعةٍ تـتّسلّل إلى أعماق الآخر وتهينُ من كرامتِهِ، وتَجعله يحيا في دوّامةِ صراعٍ مع نفسِه، وتَفرض عليه الإنطواء عن الآخرين مُعتقداً أنّه إنسان مُتدنٍّ حقير لا يُقَيَّم بلفتَةٍ من هذا المُجتَمع الظالم!

إنّ كلَّ إنسانٍ من هذا النّوع والتّصرّفات يُعتَبَر إنسانٌ خارج عن نطاق عالمنا، بل وعليه العَيش في جزيرة نائية ينطبقُ فيها حُكمُ الغاب، حيث يعيشُ هناك مع أصنافِه من البَشر، ويترك الباقين يعيشون بخير وسلام، ومحبّة ووئام، سالمين، هانئين، دون عُنف ودون قوّة!!

ولكن إذا جرّدنا هؤلاء الناس عن مَوطِننا، فكم سيبقي؟؟ إنّ الشّخص في مجتمعِنا العربي يلهَثُ وراءَ عواطفهُ، مُهرولاً مُندفعاُ إلى ما تطلبهُ نفسهُ، فَيحترق ويَتَولَّع ويَعمل المُستحيل لنيل ما يشاء إمّا بالمسايرة أو بالقوّة، حتّى لو أدّى الأمر لقتل الجسَد الأخرى لِمُجَرَّد تصحيح آرائه وإثبات أنّ قولَهُ هو الأصح بينما الآخر مُضاد لهُ.

لذلك لا يمرُّ يوم ولا تتَلقى بهِ البشارة من وسائل الإعلام بأسوأ الأخبار وأقساها، منها القتل، الضّرب، الإصابات الخطيرة ،الإغتصاب.....

فلماذا لا نُحكِّم عقولَنا قبل أن نتّقدّم أي خُطوة للأمام؟ لماذا لا نُصحّي ضَمائرنا ؟ ألا تصغون لأعماقكم لعتابٍ يُوجّه لكُم أشد الّلوم والغَضَب؟كيف يهل عليكم الكرى في الظلام ويهنأ لكم بال، وأنتم من تسبب بِقتل روح هذا ونزف جسد ذاك؟كيف؟؟

إنه لمن المفروض من المرءِ أن يتحلى بذرّة الإحساس وفجوة خالية تتّسع للرحمة والشّفقة. ولكنّه اختار أن يستبدلها بالصخور القاسية السّوداء تتلاطم عليها أمواج الشر والضغينة والعُنفوان....العُنفوان بين الناس، الأقارب، وفي قلب العائلة.فيا ترى من قال بأنّ الضّرب والإهانة ينميان الأذهان ويُوجهان الآخر للدرب الصائبة  ويمنعانه من ارتكاب الأخطاء؟؟ بل على العكس، فإن هذه الظاهرة تزيد من شد الحبال على الأعناق، وشد الحبال يُليّن صاحب العُنق ذات مرّة ليتلف ويرتخي.ونكون عندئذٍ بدل من تنمية وتَوعِية وتثقيف نُفوس المُجتمَع قد حّطمناهم، وولّدنا عندهم الكبت والكتمان، وجعلناهم ريحاً يتطاير في الفضاء مع الغبار لا نعرف لهم مرسى ولا ميناء! ونكون قد خلَقنا جيلاً جديداً مُحاصَر من الأعماق, مُحاولاُ فكّ عُقدته بواسطة التّحكّم والتشبُّث بالأساليب التقليدية  المُعقدة. وإذا استمرّت تلك الحالة، فلن نكاد نرى السيّء حتى يليه الأسوأ....وهكذا تستمر الحياة..

الحياة دولاب، فلِمَ لا نجعله دولاب خير وحب علينا؟ لمَ لا نمحي الضغينة والحقد والعُنف والإهانة من بحرِ حياتنا، ونجعل مياهه نقيّة صافية تَعكِسُ أشعة الشمس عليه نورَها،ليطلّ علينا ويُبَشرنا بنور الأمل؟؟