[x] اغلاق
أمــام واجهــة التّاريــخ
19/4/2013 15:47

أمــام واجهــة التّاريــخ

بقلم: مارون سامي عزّام

تاريخ أي بلد مُعَرّض للإهمال والنّسيان، إذا لمنجد من يهتم به ويُقدّر قيمته... إذالم نجد من يكتب أو يتحدّث عنهبشغف شديد، أنا هنا لا أتكلم عن مؤرّخين أو باحثين، بل عن شخصيات عاصرت تاريخ بلدها منذ طفولتها،رافقت ذاكرتها أحداثه، وما زالت تسعى لتوثيقه، مثل الأستاذ الياس جبّور، الذي حلّ ضيفًا على برنامج "وجهًا لوجه"، الذي يقدّمه الممثّل محمّد بكري، عبر التلفزيون الفلسطيني.

البرنامج يخلو من لياقات تقديم البرامج كالتي اعتدنا عليها، لأنه يتميّز بالعفوية والتلقائية، لإظهار الضّيف بدون أي تكلّف. البرنامج لا يُعرض داخل استوديوهات مجهّزة ومكيّفة، بل يقوم مُقدّم البرنامج بزيارة الضيف في بلدته، لأن هذه ركيزة البرنامج الأساسيّة، وهي الخروج عن كل ما هو مألوف في البرامج الحوارية،لكي يبقى الضّيف على طبيعته، ليتفاعل شعوريًا مع معالم بلدته، فيُحدّثنا عنها من خلال الحوار المتّزن والمسئول، كما شاهدنا في حلقة الأستاذ الياس جبّور.

لا شك أن الفنّان محمّد بكري، كان مستعدًّا جيدًا للمقابلة، ويَعلم أنه آتٍ ليقابل شخصية اجتماعية لها قيمتها في المجتمع العربي،كما بإمكاني القول أن أبو جبّور شخصيّة متعدّدة الموارد الثقافية إذا جاز التعبير، لأنه تطرّق في حديثه لعدّة جوانب اجتماعية تقليديّة، يجهلها الكثيرون، منها الصلحة وأهميتها وماهيّتها، وأكثر ما ركّز عليه هو تاريخ شفاعمرو المجيد، الذي ما زال همّه الأول والأخير.

خلال البرنامجلاحظت على أبو جبّورأنه كان شديد التأثّر،خاصة عندما تحدّث عن الماضي التليد لشفاعمرو، وعن تعلّقه بوالده الرّاحل جبّور يوسف جبّور، الرّئيس السابق لبلدية شفاعمرو، ويعتبره مُعلمه الأول،وهو يُعتبر أيضًا أيقونة وطنيّة،تُزيّن صدر الكرامة،شريعتهالمبادئ التي لم يحِد عنها، وهو جزء لا يتجزأ من تاريخ شفاعمرو.

كُلما سأل الفنان محمّد بكري أبو جبّور عن طفولته وعائلته، اختصر الإجابة، ليأخذه في جولة من الذّكريات حول ذاكرة العصر الذّهبي الذي عاشه أجدادنا، وصولاً إلى النكبة، لأنه أراد من خلال المقابلة أن يوصل رسالةً إلى العالم العربي، أنّنا ما زلنا نُعاني من آثار النكبة، لأن عمليّة مصادرة أراضي الآباء والأجداد، لا يمكن أن نفصلها عنها، رغم كل ما وصلنا إليهمن مدنية وعصرنة.

لقد جرت المقابلة في بيت أبو جبّور، فهذا البيت عاصر أحداثًا تاريخيّة مفصليّة ومؤثّرة...ارتادهأكبر الشخصيات السياسية والعربية والفلسطينيّة، جلسوا في الصّالونحيث جرت المقابلة، فراح أبو جبّور يروي لمحمّد بكري عن الصور التاريخية المعلّقة على الجدران، والتي أضافها إلى كتابيه اللذين أصدرهما عن شفاعمرو، وتسنّى ليالإشراف على تنضيدهما، وتصميم غلافهما الخارجي.

إن الشّيء المميّز في المقابلة، أن معظم أجوبة الأستاذ الياس جبّور، كان فيها مدخلاً حنونًا، ليس فقط إلى تاريخ شفاعمرو، بل أيضًا إلى العادات والتقاليد التي كانت سائدة آنذاك بين جميع الطّوائف، التي اجتمعت على بساط التآخي والأُلفة، وما زال إلى يومنا هذا مزركشًا بزخارف الوحدة. هذه الأجوبة تدل على شدّة تعلّق أبو جبّور بماضي مدينته، وتمسّكه بأصالتها، وانصهار فِكره بإرثها الأثري وبتراثها.

خلال مشاهدتي للبرنامج، شعرتُ أنّني جلست أمام واجهة التّاريخ، فتخيّلت أروع محطّات ذلك الزّمن الجميل الذي عاشته شفاعمرو، تخيّلتأن هذه الواجهة عَرَضت أمامي صُورًا نادرة بالأبيض والأسود،تحكي عن الأحداث التي بلورت تاريخ شفاعمروالعزيز على قلوبالجميع، لأنه عندما يريد أي شخص الكتابة عنه، أو حتّى التّحدّث به، يجب أن يتملكهشعور بالمسئولية تجاه مصداقية تاريخ بلده،وأن يراعى مشاعر أهلهاونسيجها الاجتماعي، لذلكالأستاذ الياس جبّور من خلال برنامج "وجهًا لوجه"،أظهَرَأنه حقًا يتحلى بهذه الصّفات.

 

 

 

 

 

 

 

 

1
.
فريد
21/4/2013
كيف يمكن ان نشاهد المقابلة
2
.
wedad touny
25/4/2013
very nice .