[x] اغلاق
مهرجان كان: السعفة الذهبية لفيلم حياة أديل لعبد اللطيف كشيش
27/5/2013 10:56

مهرجان كان: السعفة الذهبية لفيلم حياة أديل لعبد اللطيف كشيش

فاز فيلم "حياة أديل"، للمخرج الفرنسي من أصل تونسي عبد اللطيف كشيش، بالسعفة الذهبية للدورة 66 لمهرجان "كان" السينمائي.

 

ويروي الفيلم قصة علاقة شاذة بين زميلتين في ثانوية بباريس.

ودام عرض فيلم "حياة أديل" ثلاث ساعات خلال مشاركته ضمن المسابقة الرسمية بمهرجان كان في دورته الـ 66 . وأجمع النقاد على أن قصة الحب التي جمعت امرأتين في فيلم كشيش ستترك أثرها في تاريخ السينما العالمية.

 يخوض المخرج التونسي الفرنسي عبد اللطيف كشيش المسابقة الرسمية لأول مرة في مهرجان كان. ولم يتردد أكبر نقاد السينما الذين يرتادون هذا المهرجان في در باقة من صيغ التفضيل لمدح "حياة أديل" فإذا استعملوها وهم يضنون بها عادة، فتلك شارات النبوغ.

"باهر"، "معجزة"، "صاعقة" كانت تلك تغريدات الوسط الصحفي المستعر الذي سارع تحت وقع الفيلم بالتكهن له بالسعفة الذهبية... وإن لم يؤكد بعد أهل السينما هذا التتويج، فهو يمنح الأحد خلال حفل الاختتام، فإن الفيلم الخامس لعبد اللطيف كشيش سيبقى في ذاكرة السينما كأحد أجمل قصص الحب التي عرفها الفن السابع.

الممثلتان ليا سيدو وأديل إيخاركوبولوس

وهج جديد، متقد وقاطع، ينبثق عن الفيلم

 

 

صنع كشيش المفاجأة في هذه الدورة من مهرجان كان. فكان بعض من خيب "فينوس سوداء" -2010- أملهم، يخشون أن لا تسترجع "حياة أديل" حماسة أفلام كشيش الأخرى على غرار "المراوغة" (2004) و"كسكسي بالسمك" (2007)، خاصة وأن "حياة أديل" يقتبس من القصة المصورة "الأزرق لون ساخن" للفنانة جولي ماروه. لكن الفيلم الجديد كان بمثابة الصفعة، فمنذ سنوات عديدة لم تضاهيه قصة حب أخرى قوة وجمالا.
 
واللون الأزرق الذي يميز الفيلم ليس لون قصص الحب الطفولية، لكن لون شعر "إيما" – إحدى بطلات الفيلم ليا سيدو- وهي فتاة مثلية تدرس الفنون الجميلة. وكأن إيما اختارت هذه الصبغة لشعرها كي تظهر أكثر اختلافها. أما أديل التي تتقمصها الممثلة أديل إيخركوبولوس فتكتشف بعد مغامرة فاشلة مع أحد أصدقائها في المعهد ميولها الجنسية نحو النساء وبالخصوص نحو المرأة الغامضة ذات الشعر الأزرق.

وبدا كشيش في ذروة تمرسه الفني وهو ينقل لنا بواقعية مذهلة ولادة العشق بين المرأتين. فنمر تدريجيا من أطراف الحديث الخجول والمتلعثم بينهما في أحد المقاهي "ماهي أذواقك الموسيقية" إلى القبلات الأولى الملتهبة في إحدى الحدائق العمومية، شاهدين على حب دامغ يتجسد أمام أعيننا. ثم تتحول هذه القبل إلى مشاهد مطولة تمارس فيها ليا سيدو وأديل إيخاركوبولوس الجنس بحميمية مذهلة. فنتصور أن الفيلم سيمنع عن العرض لجمهور أقل من 16 سنة في فرنسا و18 سنة في الولايات المتحدة عند خروجه في القاعات.

المخرج عبد اللطيف كشيش

ولا تقتصر عظمة الفيلم على أداء الممثلتين الرئيسيتين الرائعتين. فكل شيء في "حياة أديل" يتميز بدقة مبهرة، حتى أصغر تفاصيل كتابة الشخصيات، وحتى الأدوار الثانوية منها. ففي عالم كشيش، تتخذ شخصيات أستاذ الآداب أو صاحب الرواق الفني أو الممثل الهاوي الذي يحلم بهوليوود، صبغة واقعية صارخة. ومن المشاهد التي رسخت في أذهاننا كمثال عن هذا الأسلوب الذي يعانق فيه الخيال الواقع إلى حد التماهي، نذكر مشهدي عشاء كانا لوحدهما كفيلين بأن يقدما صورة وفية عن الوسطين الاجتماعيين الذين تنتميان إليهما إيما وصديقتها. الأول بورجوازي مثقف ومنفتح، والثاني يعود إلى الطبقة الوسطى المحافظة شيئا ما.

 

 

وما يثير الإعجاب هي إمكانية المخرج التونسي الفرنسي في تسجيل اللحظات القوية والخفيفة بنفس الحس المرهف: خصام بين حبيبين، مشاحنة بين تلاميذ، حفل عيد ميلاد، وجبة عشاء أمام شاشة التلفزيون. يبدع كشيش في نقل الواقع بحذافيره وبتحريك أعمق جوارح المتفرج.

فبعد "المراوغة" التي يصور فيها شبابا مليئا بالحياة، يرسم لنا كشيش في "حياة أديل" لوحة عاطفية مميزة تشهد على أنه من أدق المراقبين للمجتمع الفرنسي ومن أهم سينمائي الفن السابع في بلاده.